Page 164 - merit
P. 164

‫رواياته‪ /‬متاهاته‪ ،‬هوس‬             ‫يمكننا القول‬           ‫‪162‬‬
  ‫اجتاح العالم بعدما نجح‬            ‫مجاًزا إن بطل‬
‫زافون في بيع ‪ 250‬مليون‬          ‫رواية "ظل الريح"‬      ‫كتب‪ ،‬هو صديق وعاشق‬
  ‫نسخة من مؤلفاته‪ ،‬وكذا‬        ‫"دانيال سيمبيري"‪،‬‬       ‫حقيقي للكتاب‪ ،‬ومهمته‬
   ‫إثر ترجمتها إلى أربعين‬           ‫هو انعكاس‬             ‫الرئيسية‪ ،‬في إسبانيا‬
  ‫لغة ونشرها في خمسين‬                                  ‫فرانكو‪ ،‬هي حفظ كتاب‬
  ‫دولة‪ ،‬صحيح أن زافون‬                    ‫لكارلوس‬      ‫اختاره بالصدفة المحضة‬
                                   ‫زافون المصاب‬         ‫وبطريقة عشوائية‪ ،‬من‬
    ‫ظل حتى آخر يوم من‬             ‫بالببلومانيا منذ‬
   ‫حياته «طفل برشلونة»‪،‬‬           ‫الصغر‪ ،‬حيث إن‬     ‫بين رفوف المقبرة الشهيرة‬
 ‫التي كان يسميها «مدينته‬             ‫دانيال‪ ،‬علاوة‬    ‫للكتب المهجورة‪ ،‬المنسية‪،‬‬
‫الأم»‪ ،‬لكنه هرب منها‪ ،‬لأنه‬      ‫على أنه ابن بائع‬       ‫التي تعج بالمؤلفات التي‬
 ‫بالنسبة إليه‪ ،‬كان عليه أن‬       ‫كتب‪ ،‬هو صديق‬         ‫اختفت من رفوف القراء‪،‬‬
    ‫يغامر مغامرة ساحرة‪،‬‬           ‫وعاشق حقيقي‬
                                 ‫للكتاب‪ ،‬ومهمته‬     ‫وكان مصيرها هو أن تلقى‬
     ‫عبثية‪ ،‬عذبة وخطيرة‬             ‫الرئيسية‪ ،‬في‬       ‫بلا روح في تلك المقبرة‪،‬‬
    ‫في آن واحد‪ ،‬ويلجأ إلى‬         ‫إسبانيا فرانكو‪،‬‬       ‫دون أن تدب الحياة في‬
  ‫مرتفعات لوس أنجلوس‪،‬‬            ‫هي حفظ كتاب‬             ‫أسطرها من جديد من‬
     ‫التي قال عنها إنها في‬        ‫اختاره بالصدفة‬            ‫خلال فعل القراءة‪.‬‬
     ‫نظره «مدينة مجهولة‬        ‫المحضة وبطريقة‬
                               ‫عشوائية‪ ،‬من بين‬       ‫روايات‪ /‬متاهات‬
          ‫وغامضة أكثر»‪.‬‬             ‫رفوف المقبرة‬
     ‫رغم رحيل زافون عن‬            ‫الشهيرة للكتب‬      ‫في غضون العشرين سنة‬
   ‫برشلونة‪ /‬مدينته الأم‪،‬‬                            ‫الماضية‪ ،‬استحوذ كارلوس‬
    ‫فإن الحنين كان يشده‬                ‫المهجورة‪.‬‬
    ‫دو ًما إليها‪ ،‬حنين تج َّل‬                         ‫زافون على قلوب الملايين‬
    ‫من خلال كتاباته التي‬                                   ‫من القراء من أقطار‬
 ‫تتمحور حولها‪ ،‬وتدور في‬                                   ‫مختلفة‪ ،‬هؤلاء القراء‬
‫متاهاتها‪ ،‬وأماكنها المنسية‪،‬‬
      ‫أو المطموس تاريخها‬                                 ‫الذين نجح في أسرهم‬
                                                     ‫عبر أسراره عن برشلونة‬
       ‫السري‪ ،‬كان زافون‬
  ‫يملك مفاتيح هذه المدينة‬                              ‫التي أفشاها في رواياته‪،‬‬
 ‫الزاخرة بالأسرار المعتمة‪،‬‬                              ‫برشلونة مسقط رأسه‬

     ‫لأنه يعرف كل أزقتها‬                             ‫الذي يعرفه عن ظهر قلب‪،‬‬
   ‫المظلمة التي كان يتجول‬                             ‫غير أن قراء زافون كانوا‬
                                                     ‫يحظون عنده بأهمية أكثر‬
     ‫فيها ويسكتشفها منذ‬
‫طفولته‪ ،‬عندما كان يدرس‬                                  ‫بكثير من كل الجولات‬
                                                    ‫السياحية التي تم تطويرها‬
     ‫في المدرسة اليسوعية‪،‬‬
         ‫ويتكلف بتوصيل‬                                  ‫وبرمجتها في العاصمة‬
                                                       ‫الكتالونية‪ ،‬ليتبع محبوه‬
‫مراسلات والده إلى البريد‪،‬‬                           ‫خطى رواياته‪ ،‬ويبحثوا عن‬
     ‫والده الذي كان يحب‬                             ‫«ظل برشلونة القديمة»‪ ،‬لن‬
                                                      ‫نبالغ إذا ما قلنا إن هناك‬
 ‫الكتب غير أن مجال عمله‬                               ‫نو ًعا من «الزافومانيا» أو‬
                                                    ‫«الهوس بزافون»‪ ،‬تولد عن‬
   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169