Page 70 - merit
P. 70
العـدد 44 68
أغسطس ٢٠٢2
سوار أحمد
(العراق)
المطر في هذه المدينة
أخوتي الذين تناثروا فيما بعد المطر في هذه المدينة ..موجع
كحبات حمص ضربت بصخرة يدغدغ في ذاكرة الحواري
ويوقظ أنهار طفولة
جدتي التي كانت تغني لي لما تنتهي بعد
(فداك عمري ..يا كبش دار أبي)
ثم ماتت جدتي دون أن تدهن وجهها بمساحيق يذكرني بطفل ما زال في الخامسة من الشغف
نصف عار ..يحمل غطاء طنجرة أمه
الرياء يقودها كسيارة
دون أن أهدي يباسها بعض الحناء يذكرني بابنة حارته الجميلة
أما أنا ..فقد غدوت كب ًشا ..يذبحني كل عابر بي تقبض على خصره بطفولة ناقصة
ليلتهما قهقهة المكان ..وينطلقان م ًعا
بسكينه المثلوم! كسهم في شرفة البياض
المطر في هذه المدينة ..موجع ابنة حارته التي نسي أن يسرق منها قبلة
يذكرني بمساءات الصيف القبلة التي ستغدو فيما بعد
ببساتين ندخلها خلسة غصة عمره الأرعن!
نكسر يباس الأرض ببطيخة المطر في هذه المدينة ..موجع ج ًّدا
ونأكل لبها والتراب والذباب يذكرني بليالي الشتاء
فيتسخ فمنا ..عمرنا ..أحلامنا..
ونظل نضحك ..ملء طفولتنا بمدافئ تكومت عليها لهفتنا
نغطيها بخبز بائت
المطر موجع في هذه المدينة
يذكرني بك ثم نأكله مقم ًرا ..كوليمة للإله!
يذكرني بحكايا جدتي ..بالجن والغيلان
حين امتطيت دراجة الشوق
وبعناد مراهق ..تيبست أمام داركم بثقوب الخوف في عيون أخوتي