Page 22 - التنوير
P. 22

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫وتحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬والعدالة والمساواة والعمل‬                                                     ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫على نشر السلام العالمي‪ ،‬وتعزيز مفاهيم التفاهم‬
‫والتسامح والصداقة بين شعوب العالم والإيمان بفكرة‬              ‫أن ينتمي هؤلاء جمي ًعا – من خلال بوتقة المواطنة‬
                                                              ‫التي تجعل من تلك الاختلافات وأحياًنا التناقضات‬
                      ‫المصير الإنساني المشترك‪.‬‬                ‫بينهم قوة هائلة – لدعم الوطن الجديد والعمل على‬
                                                              ‫بقائه في صدارة الدول المتقدمة‪ ،‬وأما المواطنة –‬
‫فالمواطنة العالمية تهدف في مجملها إلى خدمة‬                    ‫في دولة مثل مصر ذات الأصول التاريخية الممتدة‬
‫المجتمعات الإنسانية كافة‪ ،‬وتعني في جوهرها القدرة‬              ‫والعميقة والمتنوعة – تهدف المواطنة فيها لتكريس‬
‫على العيش المشترك في مجتمع يتسم بالديمق ارطية‬                 ‫قيمة الانتماء والارتباط بالوطن وجدانًّيا وفك ًرّيا‪،‬‬
‫والتعددية والانفتاح على العالم‪ ،‬والمشاركة في بناء‬             ‫فالانتماء يشجع الفرد على بناء المجتمع والمحافظة‬
‫مجتمع عالمي عادل يحترم الخصوصيات ويشجع‬                        ‫عليه وعلى البيئة المحيطة به بشكل دائم‪ ،‬كما تسعى‬
‫على وجود القيم الإنسانية المشتركة‪ ،‬وقد حددت‬                   ‫المواطنة فى مصر إلى انتقال الفرد من حالة المواطنة‬
‫منظمة اليونسكو معنى للمواطنة العالمية وعرفتها‬                 ‫بالقوة إلى المواطنة الفعالة والتى تدفع المواطنين إلى‬
‫بأنها ذلك الشعور بالانتماء إلى المجتمع الأوسع‬                 ‫الانخ ارط فى مختلف الفعاليات السياسية والثقافية‬
‫والإنسانية المشتركة‪ ،‬الذي يتخطى الحدود الوطنية‪،‬‬
‫ويقوي الت اربط السياسي والاقتصادي والاجتماعي‬                                             ‫والاجتماعية في وطنه‪.‬‬
‫والثقافي والت اربط بين المستوي المحلي والوطني‬
                                                              ‫وقد ظلت المواطنة لفت ارت طويلة بمعناها التقليدي‬
                                       ‫والعالمي‪.‬‬              ‫مدخلاً رئي ًسا للمشاركة الشعبية بكافة أشكالها‪ ،‬ولكن‬
                                                              ‫سرعان ما استجابت للتطو ارت العالمية الحديثة‪،‬‬
‫ولا تقتصر المواطنة العالمية على نشر مفهوم‬                     ‫فلم يعد بإمكان أية دولة أن تعيش بمعزل عن تلك‬
‫ثقافة الاندماج والانفتاح الفكري والثقافي على الآخر‬            ‫المتغي ارت أو تتجاهلها‪ ،‬فثورة المعلومات والاتصالات‬
‫والانتماء للمجتمع الإنساني الدولي فحسب‪ ،‬بل إنها‬               ‫التي اجتاحت العالم أدت إلى ظهور عديد من‬
‫تتضمن التفاع َل مع القضايا السياسية والاجتماعية‬               ‫التغيي ارت الجذرية في المجتمعات الدولية‪ ،‬فأصبح‬
‫والأمنية والتحديات الكبرى التي تواجهها البشرية‬                ‫بإمكان أي شخص في العالم أن يتابع الأحداث في‬
‫فضلاً عن تبني ثقافة نشر الوعي سواء كان وعًيا‬                  ‫شتى بقاع الأرض عن طريق مختلف وسائل الإعلام‬
‫بيئًّيا أو صحًّيا أو اجتماعًّيا‪ ،‬وتبني ثقافة الحوار‬           ‫والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي؛ مما أدى‬
                                                              ‫إلى خلق المزيد من مساحات التواصل والاندماج‬
                 ‫كمدخل للفهم والتحليل والتعاطف‪.‬‬
                                                                                           ‫الثقافي والاجتماعي‪.‬‬

‫ويمكننا اعتباُر الآثار ال ُمّرة للحرب العالمية الثانية‬        ‫ومن هنا فقد ظهرت فكرة المواطنة العالمي ة �‪Glob‬‬
‫التي ارح ضحيتها نحو ما يقرب من ‪ 50‬مليون ضحية‬                  ‫‪ al Citizenship‬كاستجابة للمتغي ارت الدولية‬
‫حول العالم‪ ،‬والتي كانت نتيجة طبيعية للاستقطاب‬                 ‫الحديثة‪ ،‬التي تنطلق من مفهوم إنساني شامل‪ ،‬يسعى‬
‫الدولي الحاد وفكرة المحاور والسعي نحو الهيمنة‬                 ‫إلى تقارب الشعوب وخلق نوٍع من التعاطف بين‬
‫والنفوذ على أكبر مساحة من الأرض‪ ،‬وفي محاولة‬                   ‫المجتمعات والجماعات المتنوعة‪ ،‬وقبول الاختلافات‬
                                                              ‫الثقافية ومعالجة المشكلات ضمن منظور عالمي‪،‬‬
                                                          ‫‪22‬‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27