Page 24 - التنوير
P. 24
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
لأنه ببساطة لم يعد صال ًحا في العصر الحالي الذي مجلــــــــــــــــة
يتميز بالانفتاح على جميع الثقافات؛ ومن الضروري
إحداث نوٍع من التوازن بين السيادة الوطنية وبين ولكن مع ظهور المواطنة العالمية وانتشار قيمها –
المواطنة العالمية ،من خلال تطوير فهم بنى الحوكمة وعلى أرسها حقوق الإنسان – أصبحت فكرة السيادة
العالمية والحقوق والواجبات والقضايا العالمية والروابط الوطنية قاصرة على فهم بعض المتغي ارت الحديثة
بين النظم العالمية والوطنية ،والاعت ارف باختلاف مثل القوانين والتشريعات الدولية التي تسمح بالتدخل
الهويات ،وتطوير المها ارت العيش لدى الأف ارد في في السيادة الوطنية لمنع انتهاك حقوق الإنسان
عالم يزداد تنو ًعا ،وتعظيم قيم التسامح والمشاركة وفرض احت ارمها على جميع الدول التي وّقعت على
والتعاون والتواصل والتبادل والتضامن واحت ارم الاتفاقيات الدولية التي تكفل حقوق الإنسان ،ومن
الآخر ،ونبذ العنف ومناهضة العنصرية والتعصب، هنا فقد أصبح من الضروري على المستوى العلمي
وترسيخ مفاهيم العدالة الاجتماعية ،والسعي و ارء بناء والموضوعي والإنساني حل التناقضات بين المعايير
إنسان فعال قادر على الانخ ارط في النظام العالمي الدولية والمعايير الوطنية مما يتيح للمواطن الانطلاق
الجديد يستطيع أن يفهَم ويشارك في الحوا ارت في إلى آفا ٍق إنساني ٍة رحبة؛ وبالتالي يصبح المواطن
القضايا الدولية والحوا ارت المدنية ،ولديه القدرة علي ليس مواطًنا محلًّيا ،بل يصبح مواطًنا عالمًّيا ينتمي
المنافسة وفق معايير دولية عادلة ،ولا بد أي ًضا من للمجتمع الإنساني العالمي ،وهذا المجتمع مطالب
مد جسور التواصل الإنساني والحوار بين مختلف
الثقافات والأديان؛ حتى يتسنى لنا مواكبة التطو ارت بأن يداف َع عن حقوقه ويصونها.
العالمية الحديثة والحفاظ على مقتضيات التمسك
بهويتنا الوطنية الخاصة في ظل التفاعل الإيجابي لذا تبقى الإشكالية قائمة بين سيادة الدولة الوطنية
مع العولمة دون الذوبان فيها ،وهو ما يفتح الطريق والحفاظ على استقلاليتها ،وفي حالة من الجدال
إلى البحث عن الأرضية المشتركة التي تسع البشر وخاصة في الدول الديمق ارطية والتي فيها يحق
للشعب تحديد مصيره بما يحقق أهدافه في المستقبل،
جمي ًعا للعيش م ًعا تحت شمس المستقبل. فالمفترض أن الشعوب جمعيها لديها مطلق الحرية
في وضع الدساتير وتشريع القوانين.
ولذا لا بد من إعادة النظر في مفهوم السيادة
الوطنية القائم على السلطة المطلقة والحماية الكاملة؛
24