Page 34 - التنوير
P. 34

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫المدنى بحيث أمكن لبعض المنظمات أو الجماعات‬                                                         ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫الخاصة المطالبة أو طرح مقترحات بشأن حقوق‬
‫المواطنة‪ ،‬ولكن تلك المطالب تنشأ فى الغالب من‬             ‫وتشير تجارب النظم السياسية مع المواطنة – عبر‬
‫أع ارف داخل الثقافات الفرعية ويتم فرضها بموجب‬            ‫تاريخها – إلى أن وجود الحقوق الخاملة أو غير‬
‫الضغوط الاجتماعية‪ ،‬وقد تتصارع مع معايير فى‬               ‫المفعلة وحدها يمكن أن يساعد النظم الديكتاتورية‬
‫ثقافات فرعية أخرى؛ ولهذا فإن عملية سن القوانين‬           ‫فى أن تحكم بسهولة وتتحكم فى توزيع الحقوق بين‬
‫بشأن حقوق المواطنة كانت مبرًار داع ًما لجعل تلك‬          ‫المحكومين بصورة غير عادلة وقانونية فى ذات‬
                                                         ‫الوقت‪ .‬أما الحقوق النشطة أو المفعلة‪ ،‬فإنها ترتبط‬
                      ‫الحقوق شاملة قدر الإمكان‪.‬‬          ‫بوجود نظم ديمق ارطية تضع المواطنين فى صدارة‬
                                                         ‫الاهتمام بالسياسات العامة‪ .‬ويتعين الأخذ بعين‬
                    ‫	 • ارب ًعا المساوة فى الحقوق‬        ‫الاعتبار أن ما يمكن أن تقوم به العلوم الاجتماعية‬
                                                         ‫من قياس لمستويات المشاركة فى حقوق المواطنة‬
‫المساواة فى الحقوق بطبيعة الحال غير مكتملة بين‬           ‫وأسبابها والنتائج المترتبة عليها لن يتم إلا فى ظل‬
‫الفئات الاجتماعية‪ ،‬ويختلف نيل الحقوق بين المواطنين‬       ‫وجود مواطنة نشطة ومواطنين مشاركين وفاعلين‬
‫من جماعة لأخرى بحسب وضعها الاجتماعى‬
‫والطبقى وموقعها من القوة والنفوذ فى المجتمع‪ .‬كما‬                        ‫فى الحصول على حقوق المواطنة‪.‬‬
‫أن المساواة تنطوى على أبعاد قانونية إج ارئية ومالية‬
                                                         ‫ومع ذلك فإن التفرقة بين المواطنة النشطة ‪/‬‬
          ‫فى الحصول على الموارد والخدمات(‪.)92‬‬            ‫المفعلة والمواطنة السلبية ‪/‬غير المفعلة تثير‬
                                                         ‫إشكالية حقيقية تتعلق بالمعادلة بين حقوق وواجبات‬
‫وتعرف الحقوق السياسية – التى تمثل جوهر‬                   ‫المواطنين خاصة حين يتم التركيز أكثر على‬
‫المواطنة السياسية – بأنها تعبر عن المشاركة فى‬            ‫الواجبات(‪ ،)82‬فإذا كانت المواطنة نشطة كان ذلك‬
‫المجال العام وهى أي ًضا إج ارئية على نحو كبير‬            ‫دليلاً على وفاء المواطنين بواجباتهم المجتمعية‬
‫ومرتبطة بسن تشريعات تنظمها‪ .‬وتتضمن الحقوق‬                ‫وكانت المعادلة بين الحقوق و والواجبات متوازنة‪،‬‬
‫السياسية حقوق المواطنين فى التصويت الانتخابى‬             ‫وبقدر ما تكون المواطنة سلبية‪ ،‬فهذا دليل على أن‬
‫والمشاركة فى العملية السياسية‪ ،‬وإج ارءات انتخابات‬        ‫المواطنين يأخذون حقوًقا لا تتوازن مع ما يقدمونه‬
‫التمثيل السياسى‪ ،‬وتشريع قوانين جديدة‪ ،‬والترشح‬
‫للمناصب السياسية وشغلها‪ .‬هناك أي ًضا الحقوق‬                                                ‫من مسئوليات‪.‬‬
‫السياسية للتنظيمات وتشمل جمع الأموال فى‬
‫الحملات الانتخابية بطريقة قانونية‪ ،‬والتشاور مع‬                          ‫	 •ثالًثا‪ ،‬عمومية حقوق المواطنة‬
‫المجالس التشريعية فى تقديم مقترحات وترشيح‬
‫سياسين والضغط من أجل سياسات محددة‪ .‬ومن‬                   ‫تطور الاهتمام بحقوق المواطنة بالانتقال من حقوق‬
‫الحقوق السياسية أي ًضا حق المعارضة وحماية‬                ‫مقصورة على فئة النخبة إلى حقوق تمنح للجميع‬
‫الأقليات وحق الاحتجاج والتظاهر وحرية الوصول‬              ‫والنص على ذلك قانوًنا‪ ،‬بحيث لا يتم الاعت ارف‬
                                                         ‫بالحقوق غير الرسمية أو غير القانونية أو الخاصة‪.‬‬
                                                         ‫وقد أتاح هذا التطور مساحة من الحرية للمجتمع‬

                                                     ‫‪34‬‬
   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38   39