Page 7 - التنوير
P. 7

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬               ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                          ‫مجلــــــــــــــــة‬

                        ‫المواطنة وسؤال الهوية‬

                        ‫رؤية في تحقيق شروط الأمن الإنساني‬

                        ‫أحمد مجدي حجازي‬

       ‫أستاذ علم الاجتماع السياسي ــــــ عضو المجلس الأعلى للثقافة‬

‫لماذا ي اروُد الإنسا َن – في لحظة ما – شعوٌر بفقدان هويته؟ وفي أي الظروف البنيوية‬
‫المواطنة؟ وهل الإحساس بالهوية الوطنية متأص ٌل في الت ارث الثقافي للأمة أم‬       ‫قوإيذَما‬  ‫يفتقد البعض‬
‫افترضنا منطقًّيا مقولتي الهوية الثابتة والشعور الأصيل بالمواطنة يبقي السؤال‬               ‫يقبل التغيير؟‬

‫لهوية‬  ‫أو يخضع ُمجبًار‬  ‫أالخُمرشىك؟ل‪:‬وهلملاذياتحوكويلفالاونمتتمايءيتإلخلىىفالإضانءساجنيأوو‪-‬يبسحياثسعينأوأوثقاينفجيذ آبخإرل؟ى‬
‫مثارة‬  ‫أسئلة وإشكاليات‬

‫وجدال دائر بين جماعات من المثقفين ورجال الفكر الاجتماعي‪ ،‬وأحياًنا حوا ارت تدور بين العامة‬
  ‫حين تبرز مظاهر ووقائع تؤشر على شواهد أو حكي خب ارت سردية تبحث عن إجابات مقنعة!‬

‫ذلك دائ ًما في صالح مرتك ازت «الدولة الوطنية»‪ ،‬ولم‬       ‫وربما يط أر على الذهن مقولة كونفوشيوس العميقة‬
‫تنحز متغي ار ُت النظام العالمي الفائت والحالي إلى‬        ‫التي تعبر عن متغي ارت وتحديات الهوية ومسألة‬
‫ترسيخ ثقافة إنسانية تعترف بخصوصية الت ارث وأثره‬          ‫الانتماء الوطني في قوله‪« :‬لا يتعلم الإنسان الرقي‬
‫الإيجابي في بناء الشخصية الوطنية‪ ،‬وربما – من‬             ‫والتحضر إلا عندما ُيطعم وُيكسى بشكل لائق”‪ ،‬فهل‬
‫هذا المنظور – ظهرت مقولات ومفاهيم واتجاهات‬               ‫كان يدرك بحس الفيلسوف أن ترسيخ النظام لمبدأ‬
‫مدرسة ما بعد الحداثة ‪،Post-Modernization‬‬                 ‫الحق في الحياة‪ ،‬وتحقيق أمن المواطن هو المحرك‬
‫التي تفترض أن تكون بؤرة انطلاقها المعرفي‪ ،‬يمثل‬           ‫الفاعل لشعور المواطن بدفء الانتماء للوطن‬
‫الرغبة في إعادة صياغة جديدة تُعيد للإنسان إنسانيته‬       ‫والمسئول الأساسي عن تنامي إبداعاته الوطنية في‬
‫المفقودة‪ ،‬تلك الملامح الإنسانية التي تحطمت مع‬            ‫سبيل الرقي الثقافي والمشاركة الفاعلة في صنع‬
‫النزعة الأدائية الصناعية للتقدم المادي الذي طغى‬
‫على قيم التطور اللا مادي في تلك الدول التي‬                                           ‫حضارته ودعم ت ارثه؟‬
‫تصارعت وتحاربت من أجل الح ارك نحو التقدم التقني‬
‫في مسار طريقها إلى تأسيس عصر الحداثة‪ ،‬بعبارة‬             ‫ولا جدا َل في أن التغي ار ِت العظمي التي ط أرت على‬
‫أخرى نقول رغم التقدم التكنولوجي غير المسبوق‬              ‫عالمنا المعاصر‪ ،‬والتحولات المتلاحقة التي طالت‬
‫في م اركز العالم المتقدم‪ ،‬والسيولة المعرفية ال ازخرة‬     ‫الفضاء العالمي بأكمله؛ م اركزه وأط ارفه‪ ،‬أغنياءه‬
‫التي انتشرت لاحقا في معظم أج ازء القرية الكونية‬          ‫وفق ارءه‪ ،‬والتأسيس لنظام عالمي ليب ارلي جديد‪،‬‬
‫الجديدة‪ ،‬والتدفق المعلوماتي الطائر في الفضاء بلا‬         ‫والإعلان عن تكوين ما يسمى بـ “قرية كونية” تنطلق‬
                                                         ‫من مقولة افت ارضية «جي ارن في عالم واحد» لم يكن‬

                                                      ‫‪7‬‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12