Page 8 - التنوير
P. 8
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
الحياتية ،والديمق ارطية والحرية ،والمسئولية الاجتماعية مجلــــــــــــــــة
والإحساس بالهوية ،والتمتع بالحقوق البشرية والالت ازم قيد أو رقيب ،إلا أن هذا التطور لم يكن – دائ ًما –
في صالح مفهومي المواطنة والخصوصية ،ولم يكن
بالواجبات والحقوق ،كلها حقوق أصيلة وُمعلنة في منحاًاز لقضايا الهوية الثقافية والسيادة القومية لكل
الوثائق الدولية ،لكنها تُخفي مصالح قوى عالمية الأمم ،ولم يكن الانتماء الثقافي المتفرد يعني شيًئا
وأخرى محلية منحازة للأولى؛ حيث تُسهم في إفقاد له ما يبرره في عالم مطلوب أن يسعى للاندماج
المواطنين لقيمهم الخصوصية وتُضعف من شعورهم في نظام عالمي جديد« ،فالمواطن الكوني» Global
بدفء الانتساب إلى كيان أكبر من الذات ،ولا شك Citizenshipهو النموذج العصري في زمن العولمة
فهو نتاج ثورة افت ارضية عصرية قلبت الحقائق أو
أن من يردد تلك الشعا ارت – دون الإيمان بها عملًّيا
ألغت وجودها.
– يعاني من ضعف الوعي الاجتماعي؛ فالمواطنة
والانتماء ليسا شعا ار ٍت ،بل هي ممارسا ٌت وتطبيقات وهنا أصبحت الإشكالية المطروحة على بساط
لسياسات نظامية تحتاج دائ ًما إلى دعم سياسي؛ حتى البحث الآن هو الخروج عن طبيعة الأشياء وعما
تتأصل في ثقافة الإنسان ليصبح قادًار على التمسك هو مألوف؛ حيث الانصياع لمعايير وشروط وقواعد
بخصوصية ثقافته والإبداع فيها ،وفي وقت الأزمات عالمية لم تكن في مصاف قيم وثقافة البشر ،خاصة
هؤلاء الذين يقطنون أط ارف القرية الكونية الجديدة
المتعلقة بفقدان الهوية يستطيع استرجاع الحق الطبيعي
(بلدان الهوامش أو التوابع).
في الك ارمة الإنسانية صانعة الحضارة والرقي.
ومن ثم فالسؤال المطروح هو :هل نعيش حقيقة
ونظًار لتشابك قضايا المواطنة والانتماء ،فإنها تثير محنة المواطنة؟ وهو ما يحيلنا بالضرورة إلى البحث
جدلاً واس ًعا بين الباحثين والمثقفين والعلماء؛ نظًار في علاقة المواطنة والانتماء – كقيم ثقافية – بمقولة
إلى تحولات أشرنا إليها ،أفرزت أنما ًطا أخرى في الأمن الاجتماعي ذي النزعة الإنسانية ،أو بالأحرى
العلاقة بين الوطن والمواطن مما أدى إلى تداعيات نظرية الأمن الإنساني “”Human Security
أهمها تهميش الثقافات الوطنية ،وتفكيك الروابط والحق الطبيعي في الحياة ،ويدعونا ذلك إلى مناقشة
الاجتماعية ،وتبني قي ًما مستحدثة يشعر فيها المواطن العلاقة بين المواطنة وما أعني به “الأمن الوجودي”
بحالة اغت ارب عن الوطن ويضعف لديه الشعور والمتضمن ك ارمة الإنسان كحق طبيعي وشعور لائق.
بالانتماء ،ويتخلى فيه عن ت ارث أمته وعن القيم
المعيارية الي يتبناها ،بل لا يعترف بما يسميه بيير المواطنة والحق الإنساني:
بورديو ( )P.Bourdieuبمصطلح “الهابيتوس” وهو
كل ما ألفه في حياته ونشأ عليه في وطنه وأمته من يخطئ من يتصور أن حقوق الإنسان مكرمة من
أحد ،ويخطئ بالتبعية كذلك من يتفاءل في عالم لا
قيم معيارية ثقافية. يعترف بغير القوة في فرض إ اردته على الأضعف؛
فالشعا ارت الب ارقة التي تجوب الفضائيات حول الحرية
وهكذا تصبح الدول القابلة للتعرض للاخت ارق والتشاركية والعدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص
الثقافي أكثَر الدول التي ينحاز مواطنوها بدرجات
متباينة إلى التماهي مع عالم افت ارضي يستند على
8