Page 55 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 55

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫‪ )22‬لم يشر النص القرآني الكريم على انف ارد حواء‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                ‫الأديرة والمعاهد الدينية والعلمية‪ .‬وانقطع هؤلاء‬
                           ‫بمخالفة الأمر الإلهي‪:‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫انقطاع أولئك للعبادة والتلاوة ونسخ الكتب وترجمتها‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫والتفكير فيها‪ ،‬فلم ُي ْعَرف لام أرة ارهبة فضل في الق ارءة‬
‫ِأَإَََِيبفلِِامَْونَّشَُقغْوَْخئهاُنْتُرسَُكِ“َسَمأَوَوصمٍاََمَسَارفَنوُْاَهَليوۚاسوآَاَِمِتَنعتَاََِلفآهُكَتلََنُدَْهمََقِإّعومُامََََِّننلِمتارْاْيَابلااَِيُهكوَْذَاقسََماَملماََٰهلُاَاَقلكََِّاذُشكلَْكِاْهينِْيَملمااَِاَألََّمطننلشنَااَّشَّلََُشجَأَنَِنومَتَْجََرَِجةوََهرِلََنارَةِوُيرةَقََُْكبوتَأَزاَِْبََُدفاقمُلكوََْلتَاّدنَُجوالُيكََنْجََاََّتنِّلوُكرّبََنلِصةُكاَُُكاله َِِْۖملمحََُمهمِاميَاَاَنَجمَََوِّإنانَننَاَّةَامَنعاَْلدالَ(ْاَفسانَخَُْهلُّكظُ‪1‬الوَاآوَاِلَّمِتلشُِٰاَوه‪2‬دْيُِِِهمي)ذريََِهَََِممطُيرنَّبااَْنفُانهََدللناَََ((ّمََوعّاَْشَنلح‪َْ90‬طيَُُُهكهأَجِفَل‪َََََُ12‬مممقْرِثماا))اةا‬      ‫أو النسخ أو الترجمة كالفضل الذي ُعِر َف لمئات من‬
                                ‫َعُدٌّو ُّمِبي ٌن(‪”)22‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                         ‫الرهبان وعزى إليه نهضة العلوم بعد القرون الوسطى‪.‬‬

‫القمارآنُواولِركَيريم‪َ:‬عْن«ُهَفَمواْسَوِمَْسن‬  ‫ففي بداية الآية ‪ 20‬يقول‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            ‫(العقاد‪ ،‬هذه الشجرة‪ ،‬ص‪.)32‬‬
‫لها الشيطان)‪ ،‬الشيطان‬
                                               ‫ِلُيْبِد َي َل ُهما‬  ‫َلَُسهَْومآاِتِه املاَّش»ْي‪،‬طوالُمن‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫منذ الصفحة الأولى من كتابه «هذه الشجرة»‬
                                               ‫يقل (فوسوس‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ‫يشرع «العقاد» في مهاجمة الم أرة مستنًدا إلى بعض‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫ما جاء في الكتب السماوية كالقرآن الكريم والعهد‬
‫إذن أغرى آدم وحواء م ًعا‪ ،‬وإذا ق أرنا بقية الآيات نجد‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                          ‫القديم‪ ،‬بل هو يكشف عن موقفه العدائي من الم أرة‬
‫أن المولى يخاطب آدم وحواء سوًّيا‪ .‬غفل «العقاد»‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 ‫منذ لحظة اختياره لعنوان كتابه‪« :‬هذه الشجرة» إذ‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫إن هذا العنوان يشير إلى واقعة مخالفة كل من‬
‫عن ذلك متعمًدا كي يدين الم أرة‪ ،‬واعتمد على ما ورد‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              ‫آدم وحواء للأمر الإلهي بتجنب أكل ثمرة الشجرة‬
‫في العهد القديم «الإصحاح الثالث ‪ -‬سفر التكوين»‪:‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                ‫المحرمة في الجنة‪ .‬فهو يقول‪( :‬كل خلق من أخلاق‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫الم أرة مرموز إليه في قصة «هذه الشجرة»‪ ،‬ومن هنا‬
‫« أرت الم أرة أن الشجرة جيدة للأكل‪ ،‬وأنها بهجة‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 ‫اخترنا الإشارة إليها عنواًنا لهذا الكتاب) (العقاد‪ ،‬هذه‬
‫للعيون‪ ،‬شهية للنظر‪ .‬فأخذت من ثمرها وأكلت‪،‬‬
‫وأعطت رجلها أي ًضا معها فأكل‪ .‬فانفتحت أعينهما‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   ‫الشجرة‪ ،‬ص‪.)4‬‬
‫وعلما أنهما عريانان‪ ...‬ونادى الرب آدم‪ ،‬وقال له‪:‬‬
‫أين أنت؟ فقال‪ :‬سمعت صوتك في الجنة فخشيت‪،‬‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                       ‫أتى «العقاد» بنصوص من القرآن الكريم وآيات‬
‫لأني عريان فاختبأت‪ .‬فقال‪ :‬من أعلمك أنك عريان؟‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  ‫من العهد القديم «الإصحاح الثالث ‪ -‬سفر التكوين»؛‬
‫هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك ألا تأكل منها؟‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                   ‫ليدلل – استناًدا إلى تلك القصة التي ارجت في الأديان‬
‫فقال آدم‪ :‬الم أرة التي جعلتها معي هي أعطتني من‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 ‫السماوية عن أن حواء خالفت أمر ربها وأكلت من‬
‫الشجرة فأكلت‪ .‬فقال الرب للم أرة‪ :‬ما هذا الذي فعل ِت؟‬                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫الشجرة المحرمة – على أن «الم أرة بطبيعتها تفعل ما‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫تُْن َهى عنه‪ ،‬وهى تُ ْغِري الرجل» (العقاد‪ ،‬هذه الشجرة‪،‬‬
                ‫فقالت الم أرة‪ :‬الحية غرتني فأكلت‪.‬‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        ‫ص‪.)4‬‬

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫واللافت للنظر أن «العقاد» رغم ما ارج عنه من‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫دقة وأمانة علمية‪ ،‬فإن عداءه للم أرة كان أكبر من‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫دقته وأمانته‪ ،‬إذ إنه من واقع استشهاداته الدينية َغِفل‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫عن أن القرآن الكريم لم يذكر أن حواء بمفردها هى‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫التي خالفت الأمر الإلهي‪ ،‬بل شاركها الرجل في‬
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                               ‫ذلك‪ ،‬ففي سورة الأع ارف (من الآية ‪ 19‬إلى الآية‬

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           ‫‪55‬‬
   50   51   52   53   54   55   56   57   58   59   60