Page 58 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 58

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                    ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                     ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫الإعلام الجديد بين حرية الرأي والمسئولية الاجتماعية‬

     ‫أ‪.‬د‪ .‬سهير عبد السلام‬

‫أستاذ الفلسفة السياسية بكلية الآداب جامعة حلوان‬

      ‫وعضو مجلس الشيوخ المصري‬

‫فى ظل المكتسبات الإنسانية من حريات وحقوق‪ ،‬قامت من أجل الحصول عليها ثو ارت وص ارعات‪ ،‬حتى‬

‫تأسست مفاهيم حقوق الإنسان والمواطن‪ ،‬من حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية أو مدنية وسياسية‪ ،‬حرصت‬

‫المنظمات الدولية على نشرها وتطبيقها ومتابعتها فى كل دول العالم ‪ ،‬وفرض العقوبات على الدول التى تنتهكها‪،‬‬

‫إلا أن وسائل الإعلام الجديد خلقت تحديات أمام تلك الحريات والحقوق‪،‬‬

‫نعلمها ونلتزم بها جمي ًعا‪ ،‬كمسئولية ذاتية واجتماعية‬           ‫فهى مجرد وسائل إعلامية واسعة الانتشار ومتطورة‪،‬‬
‫وعالمية يجب التأسيس لها مثلما أسس العالم لحقوق‬                ‫ولكنها تستخدم فى نشر أى محتوى سواء كان يدعم‬
                                                              ‫الحقوق والحريات ويدعو إليها أو ينتهكها‪ ،‬إذا دعمها‬
                                        ‫الإنسان‪.‬‬              ‫كان وسيلة فعالة فى نشر الديمق ارطية والمواطنة‪،‬‬
                                                              ‫وإذا انتهكها أصبح قيًدا جديًدا على تلك الحقوق‬
‫ويشير الحق فى حرية ال أرى إلى الحرية فى‬                       ‫والحريات‪ ،‬ويقوم الإعلام الجديد بكلا الوظيفتين‪،‬‬
‫اعتناق الآ ارء المختلفة دون أى تدخل أو تقييد من‬               ‫فهو وسيلة التحرر الأهم للتعبير والمعتقد والانتماء‬
‫الآخرين‪ ،‬كما يشير الحق فى حرية التعبير إلى حرية‬               ‫الفكرى والثقافى‪ ،‬كما أنه الضرر الأكبر الواقع على‬
‫الفرد فى نقل آ ارئه ومعتقداته وأفكاره والتعبير عنها‬           ‫الإنسان وتوجهاته ومعارفه‪ ،‬إذا ما استخدمت بشكل‬
‫وإعلانها للآخرين‪ ،‬بأية وسيلة سواء بالتفاعل مع‬                 ‫منظم لهدم القيم والمبادئ الإنسانية والمجتمعات‬
‫وسائل الإعلام المختلفة أو عن طريق الأعمال الفنية‬              ‫والدول‪ ،‬وكثيًار ما تضمن المحتوى الإعلامى عبر‬
                                                              ‫وسائل الإعلام الجديد‪ ،‬أهداف مغرضة مضللة‪،‬‬
                 ‫أو الإعلانات التجارية ‪ ..‬وغيرها‪.‬‬             ‫وأساليب تدعى الصدق والمصداقية والشفافية‪ ،‬رغم‬
                                                              ‫أنها لا تحمل إلا الزيف والمغالطة والتحريف‪ ،‬الأمر‬
‫ويساهم ذلك الحق دون شك فى تقويم المجتمع‬                       ‫الذى جعل الحريات ليست مطلقة أو ثابتة‪ ،‬وإنما‬
‫ومؤسساته المختلفة؛ لأنه يمنح للفرد حرية النشر والنقد‬          ‫أصبح هناك محددات اجتماعية وأخلاقية تنبع من‬
‫والاعت ارض على السياسات الحكومية والممارسات‬                   ‫المسئولية الاجتماعية‪ ،‬التى تتطلب أن نضع بأنفسنا‬
‫الاجتماعية التى يرفضها‪ ،‬دون أية قيود أو مضايقات‪،‬‬              ‫قي ًما إعلامية ينبغى علينا اتباعها جمي ًعا فى التعامل‬
‫مما يجعل كل فرد م ارقب لعمل المؤسسات فى‬                       ‫مع وسائل الإعلام الجديد‪ ،‬تلك القيم التى ينبغى أن‬
‫الدولة‪ ،‬وكاشًفا لأوجه القصور والفساد؛ حيث تشمل‬
‫حرية التعبير جميع المعلومات والأفكار التى تتوافق‬
‫أو لا تتوافق مع القيم السائدة فى المجتمع‪ .‬وهو ما‬
‫تولد عنه فى كثير من الأحيان ‪ -‬ص ارعات دموية‬

                                                          ‫‪58‬‬
   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62   63