Page 50 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 50

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫في الت ارث السوسيولوجي العالمي من أفكار وتجارب‬                                       ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫ودروس‪ ،‬ليس بالقطعية معه‪ ،‬وليس بالانكفاء على‬
‫(الذات) والت ارث القومي أو التنكر له وإنما بالإفادة‬           ‫وعلى هذا فإن التطلع إلى إحداث مستقبل مرغوب‬
‫منها بعقل منفتح وقدرة على النقد والاختيار وتحقيق‬
                                                              ‫لعلم الاجتماع في الوطن العربي يتطلب طرح عدًدا‬
                    ‫الإبداع والخيال السوسيولوجي‪.‬‬              ‫من الرؤى والأفكار القابلة للحوار والنقاش والتطوير‬

‫‪.4‬ضرورة السعي لوضع هوية لعلم الاجتماع في‬                      ‫والتي يمكن إيجازها فيما يلي‪:‬‬
‫الوطن العربي‪ ،‬تنطلق من طريقة التفكير والمصالح‬
‫المجتمعية الحالية والمستقبلية والخصوصية الثقافية‬              ‫‪ .1‬يجب أن يهتم المتخصصون في علم الاجتماع‬
‫والتاريخية والمعاصرة للمجتمع العربي‪ ،‬في علاقتها‬
‫بأنماط تطور مجتمعات أخرى شاركتنا التاريخ‬                      ‫إذا أ اردوا أن يكون لهم في المستقبل لهم مكانة بين‬

                ‫والثقافة‪ ،‬وتشاركنا الواقع المعاصر‪.‬‬            ‫الآخرين عليهم فتح الأبواب وإ ازلة الحدود مع بقية‬

‫‪.5‬ضرورة المشاركة من خلال فريق عمل جماعي‬                       ‫تخصصات العلوم الاجتماعية؛ لأن التخصصات‬
‫وليس فردي‪ ،‬لتحقيق قدر معقول من الاستم اررية‬
‫والتواصل للاستفادة من الت اركم المعرفي بين جهود‬               ‫البينية التي تتناول الظواهر الاجتماعية تمثل المستقبل‬
‫المشتغلين في علم الاجتماع وبين العلم وسائر‬
‫الأنساق الفرعية الأخرى في المجتمع‪ ،‬بحيث نبدأ من‬                                      ‫الواعد لهذه العلوم‪.16‬‬
‫حيث انتهى إليه الآخرون‪ ،‬وهذا يستلزم تجميع الأفكار‬
‫والمقترحات المختلفة التي حملتها جهود عربية سابقة‬              ‫وفي هذا السياق يمكن الاستفادة من تجارب بعض‬
‫لتحليلها وتعميقها وتحديد موقف منها‪ ،‬وأن رصد تلك‬               ‫علماء الاجتماع المعاصرين من أمثال بيير بورديو‬
‫الجهود وتصنيفها يساعد في تحديد الجوهري منها‬                   ‫الذي و َّظف خبرته في د ارساته للفلسفة والأنثروبولوجيا‪،‬‬
‫والثانوي‪ ،‬والذي يليه في الأهمية‪ ،‬والممكن الآن‪،‬‬                ‫والمنطق والإحصاء في كتاباته السوسيولوجية والتي‬
‫والممكن غًدا‪ ،‬ويجب أن تعتمد أي محاولة للتصنيف‬                 ‫أخذت لها مكانة متميزة في الفكر الاجتماعي‪ ،‬ووجد‬
                                                              ‫فيها الآخرون أساليب مفيدة لفهم ما يجري في‬
   ‫على معيار وظيفة العلم وهي وظيفة ذات شقين‪:‬‬
                                                                           ‫المجتمع والتغي ارت التي تحدث فيه‪17.‬‬
‫الشق الأول‪ ،‬علمية سعيها تطوير العلم نظ ًرّيا‬
                         ‫ومنهجًّيا وقي ًما وممارسة‪.‬‬           ‫‪ .2‬أن نعمل على إقامة تنظيم مهني مسئول يستند‬
                                                              ‫إلى ميثاق شرف مهني يضع معايير وضوابط عامة‬
‫والشق الآخر‪ ،‬مجتمعية هدفها إسهام العلم في إحداث‬               ‫للمشتغلين بعلم الاجتماع وينظم التفاعل بينهم وبين‬
‫التغيير الاجتماعي المرغوب لصالح غالبية الجماهير‬               ‫غيرهم في المجتمع وبين المشتغلين بالعلم بعضهم‬

             ‫المنتجة والمدافعة عن الوجود العربي‪.‬‬                                                    ‫مع بعض‪.‬‬
‫‪.6‬ضرورة الاهتمام بمناقشة وتحليل القضايا‬
                                                              ‫‪.3‬ضرورة الاهتمام بمعرفة التطو ارت الحديثة التي‬
                                                          ‫‪50‬‬  ‫تحدث في مجال العلم من حيث النظرية‪ ،‬والمنهج‬
                                                              ‫وأساليب البحث وط ارئقه‪ ،‬ويجب أن يتم ذلك لا بنقل ما‬

                                                              ‫(‪ )16‬انظر كوني روجيباند‪ ،‬وبيرت كلاندرمانز‪ ،‬الحركات‬
                                                              ‫الاجتماعية عبر التخصصات البينية‪ ،‬ترجمة محمد ياسر‬
                                                              ‫الخواجة و يسري الغراوي‪ ،‬نور للنشر والتوزيع‪ ،‬ألمانيا‪،‬‬

                                                                                        ‫‪ ،2021‬وبخاصة مقدمة الكتاب‪	.‬‬
                                                              ‫‪(17)Wacquant, L, The sociological life of‬‬
                                                              ‫‪Pierre Bourdieu, international sociology, v. 17,‬‬
                                                              ‫	‪No. 4, 2002, pp 549, 556‬‬
   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55