Page 47 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 47

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫والأكثر أمًنا فتباعدت مع الزمن عن البحث الميداني‬                                                      ‫مجلــــــــــــــــة‬
                         ‫لواقع المجتمع العربي‪7 .‬‬
                                                              ‫العربي يمكن للمطلع بصورة جيدة على الإنتاج‬
‫كما تأثر هؤلاء بالمدارس الفكرية التي كانت تسيطر‬               ‫السوسيولوجي العربي أن يستخلص بعض القضايا‬
‫في الجامعات التي قضوا فيها د ارساتهم‪ ،‬وكانوا أكثر‬             ‫والموضوعات التي تفاداها الباحثون العرب والتي‬
‫محافظة من خلال التأثر بالنزعة الوظيفية التي كانت‬              ‫توصف بالمقدس والمدنس‪ ،‬فبناء على حالة‬
‫تسيطر في الخمسينيات من القرن العشرين كما تأثر‬                 ‫الديموق ارطية في الوطن العربي يمكن القول أن الباحث‬
‫آخرون بالاتجاهات اليسارية والفكر الاشت اركي‪،‬‬                  ‫لا يستطيع أن يبحث بسهولة موضوعات كثيرة تتصل‬
‫والقليل ممن تأثروا بالفكر ال ارديكالي والنقدي الذي‬            ‫بقضايا أزمة المشاركة السياسية والأح ازب السياسية‬
‫تزعمه اريت ميلز وآلفان جولدنر وأصحاب مدرسة‬                    ‫والتداول السلمي للسلطة وحقوق الإنسان ومظاهر‬
                                                              ‫الفساد المتصلة بم اركز النفوذ السياسي والقضايا‬
                                     ‫ف ارنكفورت‪.8‬‬             ‫التي تتعلق بالدين والفكر الأصولي والسلفي والت ارث‬
‫ثم بدأ المناخ العلمي لعلم الاجتماع يأخذ في التردي؛‬
‫حيث اتجه بعض الأساتذة إلى ترجمة كتاب أو أكثر‬                                 ‫الإسلامي التقليدي وحتى المعاصر‪.‬‬
‫أو يؤلفونه‪ ،‬فالتأليف لديهم ترجمة والترجمة تأليف‪،‬‬
‫ومن هذين الكتابين يتم إنتاج عدة مؤلفات عن طريق‬                ‫أما عن واقع المشتغلون بعلم الاجتماع في الوطن‬
‫إعادة توزيع وترتيب فصول الكتابين‪ ،‬ويتم فرض هذه‬                ‫العربي واهتماماتهم العلمية والفكرية‪ ،‬فلا شك أن‬
‫المؤلفات لتوزع على الطلاب‪ ،‬فيزيد العائد المالي أو‬             ‫الرعيل الأول للمشتغلين بعلم الاجتماع درسوا في‬
‫قل التكسب والتربح‪ 9.‬وأن ثمة مشكلات أخرى مزمنة‬                 ‫أوروبا وانجلت ار وسيطرت المدرسة الفرنسية على‬
‫ذكر بعضها التقرير العربي للتنمية الثقافية وهي تلك‬             ‫الفكر الاجتماعي العربي؛ فمنصور فهمي كان‬
‫المتعلقة بأساتذة علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية؛‬             ‫أول مصري حصل على درجة الدكتو اره في علم‬
‫حيث بات الالتحاق بمهنة أستاذ جامعي التحاًقا‬                   ‫الاجتماع من فرنسا عام ‪ ،1913‬كما حصل طه‬
‫وظيفًّيا أكثر مما هو التحاق بمهنة بحسب ما جاء في‬              ‫حسين على درجته العلمية عن رسالته عن ابن‬
‫تقرير مؤسسة الفكر العربي يبقى في وظيفته طوال‬                  ‫خلدون وفلسفته الاجتماعية من جامعة باريس عام‬
‫الخدمة طالما أنه لم يخالف القوانين وبغض النظر‬                 ‫‪ 1918‬ثم تبعهما علي عبد الواحد وافي فحصل على‬
‫عن نشاطه العلمي‪ ،‬وما ينشره من أبحاث‪ ،‬وبغض‬                     ‫الدكتو اره من باريس في علم الاجتماع عام ‪،1931‬‬
‫النظر عن ترقيته‪ ،‬هذا فضلاً عن غرق غالبية علماء‬                ‫وعبد العزيز عزت الذي درس طوال الثلاثينيات من‬
                                                              ‫باريس‪ ،‬وبالتالي فقد سيطر الفكر الفرنسي على علم‬
   ‫(‪ )7‬حسن الساعاتي‪ ،‬عن فلسفة المنهج وأزمة التنظير في‬         ‫الاجتماع سيطرة واضحة‪ ،‬وكانت المؤلفات المصرية‬
                      ‫علم الاجتماع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪	.40‬‬          ‫التي ُكتبت كتابة أكاديمية في علم الاجتماع باللغة‬
                                                              ‫العربية قد خلطت خل ًطا مؤسًفا بين الترجمة والتأليف‪،‬‬
‫‪(8) Gouldner, A., The coming crisis & west-‬‬                   ‫وارتبطت بهذه الظاهرة وسار معها‪ ،‬واتجه المشتغلون‬
‫	‪ern society Herenmcon, 197.‬‬                                  ‫بعلم الاجتماع إلى كتابة الكتب لأنها الأيسر والأسرع‬
‫‪ -9‬رايت ميلز‪ ،‬الخيال العلمي الاجتماعي‪ ،‬ترجمة عبد‬
‫الباسط عبد المعطي‪ ،‬وعادل الهواري‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‪،‬‬

                                     ‫الإسكندرية‪1997 ،‬‬
                                                          ‫‪47‬‬
   42   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52