Page 48 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 48
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
الوضعية كأساس منهجي لمعظم البحوث الاجتماعية مجلــــــــــــــــة
في الوطن العربي 12فضلًا عن أنه لا توجد علاقة
بين ما ينتهي إليه البحث الاجتماعي من نتائج وبين الاجتماع العرب في الموجة الضخمة التي مزجت
الق ار ارت والممارسات في مجال ما يسمى بالتطبيق
الاجتماعي ،وترجع أسباب هذه الفجوة كما ذكر عزت الإنسانيات وعلم الاجتماع بالأيديولوجيات السياسية
حجازي إلى ثلاثة عوامل: التي كانت مهيمنة على الجماعات العلمية مما أدى
أولها يرتبط بالمناخ الاجتماعي والحضاري العام. إلى ت ارجع المقصد العلمي ،والسعي إلى ت اركم معرفة
والثانية تتصل بالبحث الاجتماعي والمنشغلين به. الوقائع والقوانين المجتمعية لمصلحة انتشار النظريات
والثالثة ترجع إلى متخذي الق ارر والممارسين في مجال والرؤى والبناءات الفكرية المحددة سلًفا ،وصولاً إلى
العمل الاجتماعي العام13. دخول الأصولية الدينية بقوة على موضوع العلوم
ولذلك أصبح من المتعثر على الفكر الاجتماعي الإنسانية والاجتماعية ،وهي جميعها من الأمور التي
العربي الخروج من هذه الأزمة إلا بتوفر إ اردة وطنية
مخلصة للاهتمام بخصوصيات المجتمعات العربية أثرت سلًبا على جودة تعليم علم الاجتماع ولا سيما
وت ارثها الفكري ،وتحقيق الاستقلالية المعرفية عن في ظل التحديات المتعلقة بأزمة التعليم الجامعي
المجتمعات الغربية ،بشكل حقيقي ،وفي ظل ذلك يكون
الخلق والإبداع ،وهنا يصبح الخيال السوسيولوجي عموًما ومنها اتجاه أكثر فأكثر نحو التنوع الذي ارح
أمًار واقعًّيا ناب ًعا من ت ارثنا العربي وثقافة مجتمعاتنا يطرح معه مسألة جودة التعليم بشكل عام10.
الحقيقية ،ود ارسة قضايانا ومشكلاتنا الواقعية من
خلال مناهج تتناسب مع خصوصياتنا الحضارية وفي ظل ضعف المناخ العلمي هذا ،فقد تردى
المستوى المنهجي والأداء العلمي للد ارسات
والثقافية. الاجتماعية؛ إذ تفتقد الكثير من البحوث للإتقان
المنهجي من جمع المعلومات إلى أسلوب الكتابة
ثانًيا :نحو رؤية استش ارفية لمستقبل علم الاجتماع إلى ت اربط الأفكار ،وتنظيم الموضوع وطرح المشكلة،
في العالم العربي وإج ارءات الضبط المنهجي ،وتحليل المشكلة
وتفسيرها ،وقد أَثّر هذا على حالة التردي التي تشهدها
لقد أوضح التحليل السابق أن علم الاجتماع – في
الوقت ال ارهن – يعاني من أزمة متعددة المستويات من العلوم الاجتماعية العربية بشكل عام11.
حيث الموضوعات البحثية والأطر التنظيرية وأساليب
هذا بالإضافة إلى غياب قضايا المجتمع العربي
الضبط المنهجي والمنتج المعرفي للمشتغلين به. عن المشتغل بعلم الاجتماع وغياب الوعي التاريخي
والانشغال بالمفاهيم التحليلية الغربية مثل التكيف
( )12سالم ساري ،الاجتماعيون العرب :دراسة القضايا الاجتماعي والإجماع القيمي والتفكك والنسق والتوازن
المجتمعية العربية ،ممارسة نقدية ،المستقبل العربي ،بيروت، والوظيفة والتكامل ،وينسحب ذلك على الطرق
المنهجية للبحث الاجتماعي؛ حيث نجد سيادة
السنة ،8العدد ( )75مايو .1985
( )13عزت حجازي ،مرجع سابق ،ص.ص . 162-161 ( )10رفيق رضا ،في اهتزاز مستقبل علم الاجتماع العربي،
مؤسسة الفكر العربي2014 ،
48
( )11محمد ياسر الخواجة ،إشكالية التعدد المنهجي واستخدامه
في علم الاجتماع ،مجلة العلوم الإنسانية ،البحرين ،العدد ،4
صيف .2001