Page 6 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 6

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                   ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫مع متغي ارت العصر‪ ،‬تتغير وفًقا لتلك المتغي ارت‪ ،‬إذن‬                                                 ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫فالهوية هي أحد مكونات الشخصية الوطنية عندما‬
‫تتأثر يتأثر كذلك حامل روح الهوية فيفقد ت ارثة الثقافي‬     ‫الضوء على الظاهرة وتحليل أبعادها وتأثي ارتها على‬
‫وتفقد الأمة مكانتها الحضارية بين الأمم‪ ،‬فلا مكان‬                         ‫مجمل الحياة الاجتماعية المعاصرة‪:‬‬
‫لمن فقد هويته في ظل عولمة لا تعترف إلا بإنسان‬
                                                          ‫‪ -	 1‬لا ي ازل الجدل قائ ًما حول مفهوم العولمة‬
                      ‫«كوني» لا يعترف بالوطن‪.‬‬             ‫وآليات ممارستها‪ ،‬ولعل اختلاف الباحثين حولها‬
                                                          ‫يتعلق إلى حد كبير بقضية الهوية الثقافية‪ ،‬فالعولمة‬
‫‪ -	 6‬من يحلل خطاب العولمة يجد اختفاء كلمة‬                 ‫تتجاوز الحدود ولا تقر بالوطن وهو ما يؤثر سلًبا على‬
‫استقلال أو كلمة وطني أو عبارة تقرير المصير‪،‬‬               ‫الأمم التي يتعرض المواطن فيها للذوبان والتهميش‬
‫وحلت محلها مصطلحات عولمية ومفردات مكرسة‬                   ‫وتكون النتيجة فقدانه للانتماء والولاء جغ ارفًّيا وتاريخًّيا‬
‫لوصف وتدعيم ثقافة موحدة لصالح السوق المعولم‬
‫ولشرح قواعده الملزمة لكافة دول القرية الكوكبية‬                                               ‫وقيمًّيا وثقافًّيا‪.‬‬
‫الجديدة والنظام العالمي المفروض‪ ،‬ولمديح م ازياه‪،‬‬
                                                          ‫‪ -	 2‬يكاد يتفق معظم الباحثين على أن العولمة‬
             ‫وكيفة الاندماج فيه والخضوع لميثاقه‪.‬‬          ‫في ثوبها الجديد هي الوليد الشرعي للشركات متعددة‬
                                                          ‫الجنسيات‪ ،‬تلك التي استطاعت السيطرة على معظم‬
‫‪ 	-7‬تمكن صانعوا العولمة من بلورة «ثقافة‬                   ‫أج ازء الكوكب في كافة المجالات دون أن تنتمي إلى‬
‫افت ارضية عولمية» بملامح خاصة تسهم في احتكار‬
‫التقنية والإنتاج الإعلامي على النطاق العالمي وهو‬                                 ‫وطن محدد أو دولة معينة‪.‬‬
‫ما شكل نمط محدد من الوعي الثقافي المغلوط‬
‫وفرض نماذج وفلسفات غربية التوجهات من خلال‬                 ‫‪ 	-3‬غياب الصفة الوطنية عن هذة الشركات‪ ،‬لا‬
‫إنتاج وتوزيع واستهلاك المواد الإعلانية‪ .‬وهنا لعبت‬         ‫يجعلها مل ًكا للبشرية جمعاء‪ ،‬إنها ملك الأغنياء؛ حيث‬
‫الشركات متعددة الجنسيات أدواًار مؤثرة تمكنت من‬            ‫تخترق بأنشططها المتنوعة عش ارت البلدان وتنتج في‬
‫السيطرة على أدوات التقنية الحديثة بهدف تغيير‬              ‫عش ارت البلدان الأخرى مصنعات وفق نظام الإنتاج‬
‫اتجاهات الأف ارد سواء داخل المجتمع الغربي ذاته‪،‬‬
‫أو خارجه‪ ،‬وكان التأثير الأكبر من نصيب الش ارئح‬                            ‫عن بعد ‪.»»noitcudorP eleT‬‬
‫الشعبية في داخل المجتمعات التقليدية التي استدعت‬
                                                          ‫‪ -	 4‬في ظل العولمة يختفي دور المصمم ليحل‬
          ‫التغلغل والاخت ارق الثقافي الغربي الموجه‪.‬‬       ‫محله مروج السلعة ومسوقها‪ ،‬تلك السلع التي تنتجها‬
                                                          ‫الشركات متعددة القوميات وفق نظام الإنتاج عن بعد‪،‬‬
‫‪ -	 8‬ت ارجع دور العملية الثقافية في المجتمعات‬             ‫والتي تلعب فيها وسائل الإعلام ووسائل التواصل‬
‫التقليدية والنامية‪ ،‬فقد بات واض ًحا أن الاخت ارق‬          ‫الاجتماعي الأدوار المحورية في تشكيل طموحات‬
‫الفكري يعمل بصورة متطورة على تهديد منظومة القيم‬
‫الأصيلة ويشكل نمط من خلال ازدواجية الثقافية التي‬                       ‫استهلاكية للمعارف وللثقافة المعولمة‪.‬‬
‫تجتمع فيها تناقضات الأصالة والمعاصرة‪ ،‬مما يؤدي‬
                                                          ‫‪ 	-5‬يجب أن نتنبه إلى أن الهوية هي صفات‬
                                                          ‫وأحاسيس وشعور ونمط حياة‪ ،‬هي في كل شيء‪ ،‬في‬
                                                          ‫الملبس والمأكل والموسيقي والفن والثقافة‪ ،‬في الحرية‬
                                                          ‫والمقاومة والصمود‪ ،‬إنها نمط معيشي متكامل يتفاعل‬

                                                       ‫‪6‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11