Page 73 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 73
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
يمكن القول بأن مجموعة النظريات السابقة كنظريات مجلــــــــــــــــة
علمية تناولت العنف والص ارع بصورة علمية لها أسس
علمية ومقولات وأحداث تاريخية انطلقت منها؛ إلا أنه فمن الغريب وغير المنطقي ما يروجون له من
قد تم استغلالها وتوظيفها لخدمة المصالح السياسية، أفكار متطرفة ،مثل أن سيادة المجتمع الإسلامي
والترسيخ لمعلومات مغلوطة حول الإسلام والمسلمين. ستمهد لسيادة الأيديولوجيا الإسلامية لتحل محل
الأنظمة الغربية .وفي الحقيقة ،فإن هذه النظرية تفتقر
رؤية تحليلية للد ارسات السابقة التي رصدتها إلى الموضوعية والمنطقية؛ لأن الشمولية والإنسانية
الد ارسة في هذا الكتاب تناولت الإسلام والغرب: والعدالة والمساواة ليست صفات للإسلام فقط ،بل
تتشاركها معه جميع الأديان السماوية .حتى النظريات
إن من المثير ما تم رصده في هذه الد ارسات من والأيديولوجيات العالمية تشاركت مع الإسلام في هذه
عدم تناولها حقيقة أن الإرهاب ليس حكًار على دين الصفات؛ فعدم حصر الوطن في بقعة جغ ارفية أو
دون آخر ،أو دولة دون أخرى بصورة مباشرة .وما بوطن قومي وتحوله إلى العالم كله ،هناك العديد
يؤكد ذلك تعرض المسلمون أنفسهم لج ارئم إرهابية من من النظريات والأيدولوجيات التي تشارك بقبول
المتأسلمون ،ناهيك عن التعصب والتطرف الذي بدر هذا المفهوم والدعوة إليه ووحدة البشر دون ارتباط
من الكنيسة في العصور الوسطى ضد معارضيها. بأرض أو زمن أو دين .والتساؤل الكبير هنا :أليست
وهناك العديد من ج ارئم الإبادة الجماعية والمجازر مشكلة النظام العالمي ،التي يعاني منها العالم كله،
المختلفة التي تمت باسم الدين ،وهذا ما سوف يتناوله قائمة على تجاوزه لخصوصيات الدول وحضارتها
والتدخل في شؤونها الداخلية ،ورفض الغزو الثقافي
الفصل القادم من الكتاب. والحضاري والمناداة بالحفاظ على الهوية؟! فهل من
المنطقي طرح نظام عالمي يهيمن ،بغ ّض النظر عن
نجد أن الد ارسات العربية منها أرجعت الخوف من
الإسلام إلى أغ ارض سياسية من الجانبين .وأقصد هنا مبر ارته ،على العالم أجمع دون تقبله لهذا النظام؟!
التيا ارت ال ارديكالية واليمينية المتطرفة الموجودة في
الشرق والغرب؛ حيث ساهمت الممارسات العنصرية مثل تلك الأفكار المتطرفة تساعد على فهم أسباب
لبعض أف ارد المجتمع والكتاب والمفكرين الغربيين، شعور الغرب بالخوف من الشعوب العربية المسلمة،
ودور اليمين المتطرف ،إلى جانب دور الإسلام والتي يتضمنها نشر مصطلح الإسلاموفوبيا بين
ال ارديكالي في تعزيز ظاهرة الخوف من المسلمين شعوب المجتمعات الغربية ،بل انتقاله إلى العرب
في الدول الغربية ،واستغلال عدم وعي المجتمعات
المسلمين أنفسهم.
الغربية بتعاليم الإسلام الصحيح المعتدل.
يرفض المسلمون تحت مفهوم “الإسلاموبيسيزم”
كما أن هناك د ارسات أجنبية ،نق أر فيها صورة
مغلوطة حول العقيدة الإسلامية؛ مما يسلط الضوء تصنيف الإسلام كعدو أول للغرب؛ حيث لا يمكن
على أهمية تجديد الخطاب الديني في المجتمع الغربي، تجاهل العوامل الأخرى التي تُنتج الص ارع كالحصول
على السلطة والثروات ،ومن غير الصحيح قصرها
على الدين والهوية فقط؛ فالأديان لا تصنع الحرب.
73