Page 69 - مجلة التنوير - ج2 - المجلس الأعلى للثقافة
P. 69

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫عدم شرعية زواج الم أرة المسلمة بغير المسلم بينما‬                                                   ‫مجلــــــــــــــــة‬
‫يمكن العكس‪ ،‬وكانت الإجابة “لأن الرجل المسلم‬
‫يكفل للم أرة حرية العقيدة”‪ ،‬فهل فعلاً هذا هو السبب؟‬        ‫الشرق الأوسط عامة‪ ،‬ومصر خاصة؛ لما قد يترتب‬
‫بالطبع لا‪ ،‬وبالتأكيد هناك أسباب أقوى وأكثر إقنا ًعا‪،‬‬       ‫عليه من تداعيات عسكرية وسياسية واقتصادية‬
‫وهناك أي ًضا قضية زواج الرجل من أربعة‪ ،‬التي تُف َّسر‬
‫بطريقة خاطئة وبعيدة كل البعد عن التشريع الإلهي‪،‬‬                     ‫واجتماعية وثقافية جسيمة داخلًّيا وخارجًّيا‪.‬‬
‫وغيرها من القضايا المشابهة التي لا يخلو دين‬
‫منها نتيجة ضعف الخطاب الديني عند رجال الدين‬                ‫على الرغم من وجود وفرة في الد ارسات المتعلقة‬
‫وتشددهم؛ حيث نرى قضايا مشابهة عند المسيحيين‬                ‫بالص ارع بين الإسلام والغرب منذ الفتوحات الإسلامية‬
‫أي ًضا مثل تحريم الطلاق مهما كانت الأسباب‪،‬‬                 ‫واحتشاد التاريخ بالكثير منها‪ ،‬فإن الأهمية تبدو فيما‬
‫والذي يؤدي إلى ج ارئم اجتماعية غاية في البشاعة‬             ‫يحدث الآن من خلط كبير بحقيقة الإسلام‪ ،‬وخاصة‬
‫تحدث تحت مسمى الأديان ولا علاقة بالدين بها‪.‬‬                ‫في العالم الغربي‪ ،‬وخطورة صعود تيار اليمين‬
‫هناك خلل واضح في خطاب رجال الدين‪ ،‬خاصة‬
‫المتشددين منهم‪ ،‬وضعف الرد الموازي لهم من رجال‬                                    ‫المتطرف في الدول الغربية‪.‬‬
‫الدين المعتدلين‪ ،‬ومن المهم تجديد الخطاب الديني‬
‫والثقافي‪ ،‬خاصة في الأمور والممارسات المرتبطة‬                 ‫أهمية تجديد الخطاب الديني والثقافي الإسلامي‪:‬‬

                            ‫بالقضايا الاجتماعية‪.‬‬           ‫اشتملت صفحات هذا الكتاب على رصد بعض‬
                                                           ‫كتابات المفكرين الغربيين ممن تناولوا الإسلام بعيًدا‬
‫ولا بد أي ًضا من تقديم الاقت ارحات المبتكرة المتماشية‬      ‫عن حقيقة أن الإسلام هو دين سلام‪ ،‬كمحاولة‬
‫مع عصرنا الحالي‪ ،‬والاهتمام بنشر القيم الدينية‬              ‫للوصول إلى موقف الخطاب الديني المفترض أن‬
‫السليمة‪ ،‬ووضع السياسات التي تنتهج رسم صورة‬                 ‫يكون عليه لتفنيد تلك الآ ارء بصورة منطقية ومقنعة‬
‫الإسلام الحقيقية وليست سلوكيات بعض المسلمين؛‬               ‫لي كمسلمة أولاً قبل أن يكون منطقًّيا لأصحاب‬
‫لتتمكن من الوقوف أمام التوجهات الغربية التي‬                ‫الديانات الأخرى؛ حيث من البديهي من ناحيتي‬
‫تقوم على تضخيم الواقع لأسباب يكون الكثير منها‬              ‫كمسلمة أن أؤمن بنصوص القرآن الكريم وُسّنة رسوله‬
‫سياسًّيا لا دينًّيا‪ ،‬والتي تعمل على جعل الإسلام سبًبا‬      ‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬والجدير بالذكر هنا تصنيف‬
‫لضعف أبنائه وتخلفهم‪ ،‬مما يؤدي إلى نشر الخوف‬                ‫“ابن رشد” للمعاني من حيث التأويل وعدمه إلى ما‬
‫من هذا الدين وعدم التعاطف الغربي الذي لا يعرف‬              ‫لا يجوز تأويله لموافقة ظاهره باطنه‪ ،‬وما لا يجوز‬
‫معظمه إلا صورة مشوهة عن الإسلام‪ ،‬بل يجعل من‬                ‫أن ُيؤِّوله إلا ال ارسخون في العلم‪ ،‬وما لا بد من‬
‫الطبيعي أن يكون سبًبا رئيسًّيا للتخلف ثقافًّيا لأرجاء‬      ‫تأويله وإظهار هذا التأويل للجميع‪ ،‬وما ُيؤِّوله العلماء‬
‫واسعة من العالم؛ مما يخلق موقًفا سلبًّيا وعدائًّيا من‬      ‫لأنفسهم؛ حيث هناك من أمور العقيدة ما من الخطأ‬
                                                           ‫الخوض فيه؛ لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك خطاب‬
                         ‫الدين الإسلامي الحنيف‪.‬‬            ‫عاقل ومعتدل ومنطقي يشبع الفضول الفكري دون‬
                                                           ‫سفسطة‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬ما زلت أتذكر تساؤلاً قد‬
                                                           ‫تبادر إلى ذهني عندما رّد أحد علماء الدين في أحد‬
                                                           ‫المؤتم ارت على شاشة التلفاز على سؤال حول قضية‬

                                                       ‫‪69‬‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74