Page 8 - التنوير 6-8 2
P. 8

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬                 ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

      ‫مع حضارة السوق العالمي من موقع التكافؤ‪.‬‬                                                       ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫• تداخل متعاظم عبر الحدود القومية لشئون الثقافة‬           ‫لدى شعوبنا التي ذاقت م اررة التدخلات الخارجية‬
‫السياسية؛ حيث أصبحت العولمة تعبر عن نمط حياتي‬             ‫لفت ارت تاريخية طويلة ومؤثرة‪ ،‬وربما تكون العلاقة‬
‫معين شاع الاعتقاد بأنه النموذج الأمثل‪ ،‬بل وتبنيه‬          ‫بين الكوني والمحلي‪ ،‬بين العام والخاص في مجال‬
‫كفلسفة ورؤية للحياة والكون‪ .‬ومن شروط هذه الفلسفة‬          ‫إنتاج القيم الرمزية تمثل المشكلة الكبرى؛ حيث تأكد‬
‫التخلي عما يسمى بالخصوصية‪ ،‬فمسألة الخصوصية‬                ‫لنا أن الثقافة أصبحت – على غير طبيعتها – تنهل‬
‫هذه نادًار ما تثار بسبب طول عهدنا باكتساح هذا‬             ‫أسباب وجودها وشخصيتها من مصادر فوق وطنية‬
‫النمط لحياتنا‪ ،‬وبسبب استخدامها لمختلف وسائل‬               ‫آتية من خارج حدود الوطن كنتاج حتمي لاخت ارق‬
‫الترغيب والترهيب السياسي والسيكولوجي لتصدير ما‬            ‫عقول البشر وطمس الثقافات المحلية وعدم قدرة تلك‬
                                                          ‫الثقافات الاحتفاظ باستقلاليتها النسبية إ ازء النظام‬
                 ‫هو خاص على إنه إنساني وعام‪.‬‬
                                                                                         ‫العولمي المهيمن‪.‬‬
‫• تنميط مت ازيد للسلوك البشري في اتجاه ثقافة‬
‫معممة أو ما يسمي بـ «ثقافة الأمركة» لذا ُيطلق‬             ‫ورغم اختلاف العلماء حول دور العولمة في‬
‫عليها ثقافة الهامبورجر وثقافة الكوكاكولا والأكلات‬         ‫طمس الثقافات الوطنية؛ فإن هناك حذًار شديًدا عند‬
‫السريعة والدلفري وثقافة الجينز‪ ،‬وهو ما جعل جلال‬           ‫التعامل معها‪ ،‬فقد أدى تشكيل النظام العالمي الجديد‬
‫أمين في كتابه «العولمة والدولة» يتساءل‪« :‬كيف‬              ‫– وفي جوهره العولمة – إلى نتائج وتحديات أكثرها‬
‫يكون موقفنا لو أدركنا بأن هذا الذي تجري عولمته‬            ‫ثقافية‪ ،‬فقد لوحظ أنها غيرت من طابع الشخصية‬
‫ليس إلا سل ًعا وخدمات بعينها ذات طبيعة وخصائص‬             ‫القومية‪ ،‬أو ما ُيطلق عليه أريك فروم طابع الشخصية‬
‫معينة‪ ،‬أفرزتها ثقافة بعينها‪ ،‬وإنه ليس هناك أي الت ازم‬
‫قانوني أو ديني أو خلقي أو فني يجبرنا علي قبول‬                                                   ‫المجتمعية‪.‬‬

              ‫هذه السلع والخدمات والثقافة بالذات؟‬            ‫وللتوضيح يمكن حصر تجليات العولمة في‪:‬‬

‫إذن نحن نستهلك ثقافة وافدة وتلعب وسائل الإعلام‬            ‫• الانحسار التدريجي لسلطة الدولة مما أدى إلى‬
‫دوًار مؤثًار في الترويج لتسويقها؛ حيث أصبح تصدير‬               ‫فقدان الثقة في مصداقيتها في عقول مواطنيها‪.‬‬
‫تقنية الكلمة والصورة الإعلانية أكثر قدرة على جذب‬
‫الكثرة من المشاهدين‪ ،‬وبهذا المعنى أصبحت الثقافة‬           ‫• أصبح تعظيم الفائض الاقتصادي يتم على‬
‫سلعة (ظاهرة تسليع الثقافة) شأنها شأن السلع المادية‬        ‫الصعيد العالمي وهنا تغيرت موازين القوي بحيث‬
‫الأخرى ودخلت مجال المنافسة غير المتكافئة‪،‬‬                 ‫أصبحت الشركات متعددة الجنسية متحكمة عن‬
‫فالدول التي تمتلك تقنية معرفية واتصالية ثقافية أكبر‬       ‫بعد في بناء ودعم قوي محلية تفرض ثقافتها وفًقا‬
‫هي الفائزة في مجال التسويق السلعي في السوق‬
‫العالمي؛ ولأن عدم التكافؤ بين الدول مسألة واردة‪،‬‬                   ‫لمصالحها وتغلغلها في أج ازء العالم ككل‪.‬‬

                                                          ‫• انخ ارط معظم البلدان الساعية نحو التنمية إلى‬
                                                          ‫النظام المعولم مع ملاحظة عدم قدرة هذه البلدان‬
                                                          ‫علي تحقيق قدرة إنتاجية وطنية تمكنها من التعامل‬

                                                       ‫‪8‬‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13