Page 9 - التنوير 6-8 2
P. 9

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والانثروبولوجيا‬               ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                    ‫عليها الذوبان فيها رغ ًما عنها‪.‬‬                                             ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫• أو تدخل في ص ارع معها‪ ،‬وتعمل علي تنظيم‬                ‫بل واقع لا مفر منه يصبح التثاقف أو التبادل الثقافي‬
         ‫مناهضتها بحكم التناقض الحاصل بينهما‪.‬‬                              ‫بين الشعوب ضرًبا من الخيال‪.‬‬

‫ففي كل الحالات تتعرض مقومات الهوية إلى ما‬               ‫وواقع الأمر فإن عولمة الإعلام والاتصال تمثل‬
‫ُيعرف بعولمة التنميط الثقافي لصالح سيطرة أرس‬            ‫تهديًدا للتعددية الثقافية وطم ًسا للهويات الوطنية‬
‫المال الموجه من قبل الشركات عابرة القوميات التي‬         ‫للشعوب وقد ساعد على ذلك حالة الثقافة في بعض‬
‫يتناقض وجودها مع الأنماط التي تجسدها الهويات‬            ‫المجتمعات الأقل تطوًار؛ حيث تعاني معظمها من‬
                                                        ‫ازواجية نتيجة احتكاكها مع الثقافة الغربية بتقنياتها‬
           ‫المحلية من خلال مقومات أساسية هي‪:‬‬            ‫وعلومها وقيمها الحضارية‪ .‬بالإضافة إلى التمايز‬
                                                        ‫الواضخ بين ثقافة النخب وثقافة الجماهير‪ ،‬والنتيجة‬
‫‪ -1‬اللغة الوطنية واللهجات المحلية المرتبطة بوجود‬        ‫الطبيعية استم ارر إعادة هيكلة الاقتصاد في هذه‬
                        ‫شعب ما وتطوره ومصيره‪.‬‬            ‫الدول بما يخدم المؤسسات الكبرى عابرة القوميات‪.‬‬

‫‪ -2‬القيم الاجتماعية والدينية والوطنية التي تكونت‬        ‫ثالًثا‪ :‬تحديات العولمة الثقافية وأساليب المواجهة‬
‫عبر العصور والتي تُكسب الشعب حامل الهوية‬
‫حصانة تحول دون ذوبانه في ثقافات أخرى وتؤهلة‬                                 ‫‪1‬ـ تحديات العولمة الثقافية‬

               ‫لمقاومة كل محاولات طمس الهوية‪.‬‬           ‫لما كانت الهوية – كما يشير صادق جلال العظم‬
                                                        ‫(نقلاً عن محمد حنفي في د ارسته بعنوان الهوية‬
‫‪ -3‬العادات والتقاليد والأع ارف النابعة من تلك القيم‬     ‫والعولمة) – تمثل كل المقومات المجسدة للخصوصية‬
                                ‫(الإرث الثقافي)‪.‬‬
                                                                                   ‫المحلية التي يمكن أن‪:‬‬
‫‪ -4‬التاريخ النضالي الذي ينسجه الشعب حامل‬
‫الهوية من أجل المحافظة على هويته أر ًضا وقي ًما‬         ‫•تندرج في إطار العولمة بحكم التبعية والخضوع‬
                                                        ‫لتعليمات المؤسسات المالية الاحتكارية الدولية‪،‬‬
                          ‫وعادات وتقاليد وأع ارف‪.‬‬       ‫كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة‬
                                                        ‫العالمية‪ ،‬التي تملي على البلدان التابعة سياساتها‬
‫‪ -5‬تفاعل الهوية مع ما هو إقليمي وقومي وعالمي‪،‬‬
‫فالهوية لا تبقي منعزلة عما يجري من أحداث في‬                    ‫بأبعادها الاقتصادية والسياسية والاقتصادية‪.‬‬

                                          ‫العالم‪.‬‬       ‫•أو أن تكون جزًءا منها بحكم الاندماج الكلي‬
                                                        ‫أو الذوبان في النظام ال أرسمالي العالمي والارتباط‬
‫وتب ًعا لذلك تتأثر الهوية بالعولمة حيث تتعرض‬
‫المقومات الأساسية للت ارجع أو للتهديد من ثقافات‬                   ‫المطلق بمؤسساته واعتبار المصير واحد‪.‬‬
‫وافدة‪ ،‬وقد تحل عادات وقيم متناقضة محل قيم‬
‫أصيلة إيجابية‪ ،‬كما قد يتعرض التاريخ النضالي‬             ‫• أو تقع فريسة لها‪ ،‬فتحتويها العولمة وتعرض‬
‫للشعب حامل الهوية للتشويه الممنهج‪ ،‬وبناء على‬

                                                     ‫‪9‬‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14