Page 196 - m
P. 196

‫بالخلفاء‪ ،‬بهذه الحركة مما‬     ‫تجاه الثقافات المغايرة والترجمات للعلوم‬
 ‫أدى إلى إطلاق قوى المجتمع‬       ‫المختلفة انقسم العرب والمسلمون إزاء‬
                               ‫العلوم الدخيلة والمترجمة‪ ،‬وبخاصة الفلسفة‬
  ‫بحيث أصبحت ثقافة عامة‬        ‫والمنطق اليونانيين‪ ،‬إلى اتجاهين‪ :‬أحدهما‬
  ‫للمجتمع شارك فيها جميع‬          ‫يعتقد أنه من الممكن الاستفادة من‬
                               ‫الفلسفة والمنطق‪ ،‬ومن ثم يمكن التوفيق‬
                   ‫المثقفين‪.‬‬    ‫بينهما وبين الدين‪ ،‬لقاء فريق آخر رأى أن‬
 ‫ومثلت حركة الترجمة ثورة‬         ‫للفلسفة والمنطق اليونانيين خطر على‬
 ‫ثقافية في الدولة الإسلامية‪،‬‬    ‫العقيدة‪ ،‬فقام هؤلاء بالعمل على الحد من‬

     ‫فكانت أساس التواصل‬               ‫انتشارهما‪ ،‬ومقاومة تواجدها‪.‬‬
 ‫الفعال مع الثقافات المختلفة‪،‬‬
                                ‫الأقطار ويحثه على الإفادة‪،‬‬  ‫وحاولوا صياغتها من جديد‬
    ‫ومع تراث الأمم السابقة‬          ‫ومنهم‪ :‬ابن رشد‪ ،‬الذي‬    ‫بلغتهم‪ ،‬بل وتوظيفها لخدمة‬
‫والأمم التي خضعت لسيطرة‬                                     ‫معتقداتهم الدينية‪ ،‬وهذا أدى‬
                                ‫تعمق في الفلسفة‪ ،‬وكانت له‬
   ‫الدولة الاسلامية‪ ،‬والأمم‬       ‫مؤلفات كثيرة في الفلسفة‬     ‫إلى تطور العلوم والفلسفة‬
   ‫المنافسة‪ .‬وحركة الترجمة‬        ‫وعلم الكلام‪ ،‬منها‪ :‬فصل‬        ‫داخل الدولة الإسلامية‪.‬‬
 ‫التي تجلت في أبهى صورها‬           ‫المقال فيما بين الشريعة‬
  ‫في العصر العباسي دعمتها‬             ‫والحكمة من اتصال‪،‬‬      ‫وأقبل على الفلسفة اليونانية‬
 ‫الدولة‪ ،‬فقد قاد هذه الحركة‬     ‫والكشف عن مناهج الأدلة‪.‬‬           ‫التي تم ترجمتها كثير‬
‫خلفاء بني العباس إلى جانب‬
    ‫رجال الدولة‪ ،‬ثم انطلقت‬      ‫وهكذا قامت الترجمة بدور‬         ‫من أهل العلم والمهتمون‬
   ‫النخب الأخرى في المجتمع‬     ‫بارز في تشكيل الفكر العربي‬      ‫بالفلسفة‪ ،‬فتأثروا بها‪ ،‬و‬
                                                             ‫قاموا بنشرها وتصنيفها في‬
     ‫لتصبح حركة اجتماعية‬        ‫الإسلامي من خلال انفتاح‬     ‫مختلف الأمصار الإسلامية‪.‬‬
  ‫وثقافية قدر لها أن تستمر‬       ‫الدولة العباسية على تراث‬     ‫وجمع الفلاسفة المسلمون‬
 ‫ما يقارب قرنين من الزمان‪،‬‬     ‫الأمم السابقة‪ ،‬كالفارسية أو‬
                               ‫الشعوب المجاورة كاليونانية‬           ‫مصنفات كثيرة من‬
    ‫فأثرت في المجتمع تأثي ًرا‬    ‫والهندية والصينية‪ ،‬وكان‬      ‫الطبيعيات والإلهيات‪ ،‬ومن‬
                    ‫عمي ًقا‪.‬‬      ‫أهم أسباب انطلاق حركة‬     ‫هؤلاء‪ :‬ابن طفيل (ت‪581‬هـ)‬
                                                            ‫الذي كان قريبًا من السلطان‬
     ‫وتجاه الثقافات المغايرة‬        ‫الترجمة اهتمام السلطة‬   ‫الموحدي أبي يعقوب يوسف‪،‬‬
  ‫والترجمات للعلوم المختلفة‬         ‫السياسية‪ ،‬وبخاصة في‬      ‫وملاز ًما له ‪،‬وهو الذي كان‬
‫انقسم العرب والمسلمون إزاء‬           ‫الدولة العباسية ممثلة‬   ‫يجلب له العلماء من مختلف‬
   ‫العلوم الدخيلة والمترجمة‪،‬‬
   ‫وبخاصة الفلسفة والمنطق‬

    ‫اليونانيين‪ ،‬إلى اتجاهين‪:‬‬
 ‫أحدهما يعتقد أنه من الممكن‬

      ‫الاستفادة من الفلسفة‬
     ‫والمنطق‪ ،‬ومن ثم يمكن‬
 ‫التوفيق بينهما وبين الدين‪،‬‬
     ‫لقاء فريق آخر رأى أن‬
  ‫للفلسفة والمنطق اليونانيين‬
     ‫خطر على العقيدة‪ ،‬فقام‬
     ‫هؤلاء بالعمل على الحد‬
    ‫من انتشارهما‪ ،‬ومقاومة‬
   191   192   193   194   195   196   197   198   199   200   201