Page 200 - m
P. 200

‫العـدد ‪58‬‬                                                ‫‪198‬‬

                                ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

  ‫المستشرقين‪ ،‬ووضعهم في‬          ‫تتعدد زوايا الرؤية تجاه‬         ‫قراءة نقدية لأبرز كتاب‬
    ‫سلة واحدة سواء بالمدح‬                                            ‫في تراجم المستشرقين‬
                                 ‫المستشرقين‪ ،‬وبالتالي تتعدد‬
 ‫وإظهار الإيجابيات أو القدح‬      ‫اتجاهات الحكم العام عليهم‬       ‫د‪.‬حسام أحمد‬
           ‫وإبراز السلبيات‪.‬‬       ‫وتقدير أعمالهم؛ ولهذا نجد‬      ‫عبد الظاهر(*)‬
                                   ‫من يتخذ الجانب الإيجابي‬
    ‫وهذا الحديث الموضوعي‬          ‫ناحيتهم‪ ،‬ف ُيثنى عليهم ثنا ًء‬
    ‫يجب ألا يمنع من الإقرار‬        ‫كبي ًرا ويمدح أعمالهم‪ ،‬كما‬
                                 ‫نجد على الناحية الأخرى من‬
        ‫بوجود ظواهر عامة‬          ‫يتخذ الموقف السلبي منهم‬
 ‫للاستشراق ترتبط بمراحله‬           ‫بنقدهم وتوجيه الاتهامات‬
 ‫الزمنية‪ .‬ففي مرحلته الأولى‬        ‫إليهم بالتبعية للتبشير من‬
  ‫يمكن الملاحظة بسهولة أنه‬
   ‫غلب عليها العمل في خدمة‬           ‫ناحية أو الاستعمار من‬
                                              ‫ناحية أخرى‪.‬‬
     ‫الكنيسة والتبشير‪ ،‬وفي‬
    ‫مرحلته الثانية غلب عليه‬     ‫وحقيقة الأمر أن من يسعى‬
  ‫العمل في خدمة الاستعمار‪،‬‬          ‫إلى حكم عام واحد ناحية‬
 ‫أما في المرحلة الثالثة فيمكن‬        ‫ظاهرة الاستشراق يقع‬
                                   ‫في خطأ كبير؛ لأن المواقف‬
       ‫رصد غلبة الاتجاهات‬
       ‫الموضوعية في البحث‬       ‫ُتقاس بقدرها‪ ،‬وبنا ًء على ذلك‬
                                 ‫يمكن القول بوجود صنفين‬
                  ‫والدرس‪.‬‬
‫أخلص من ذلك إلى أن دوافع‬            ‫من المستشرقين‪ :‬أحدهما‬
                                  ‫يقوم بالدراسة الموضوعية‬
   ‫الاستشراق والمستشرقين‬
 ‫ليست واحدة‪ ،‬فمنها الدوافع‬            ‫الهادفة إلى تبيان وجه‬
                                 ‫الحقيقة والإضافة إلى الحقل‬
    ‫الدينية‪ ،‬ومنها السياسية‬      ‫العلمي الذي يقوم بدراسته‪.‬‬
       ‫والاستعمارية‪ ،‬ومنها‬
                                   ‫وثانيهما يجانب الأسلوب‬
    ‫الاقتصادية‪ ،‬وكذلك منها‬           ‫العلمي‪ ،‬ويقوم بتوظيف‬
 ‫الثقافية والعلمية‪ ..‬وما ينتج‬      ‫وتسخير منهجيته وآرائه‬
  ‫عن الدوافع الأخيرة هو ما‬
‫يجب البحث عنه والإفادة من‬          ‫في خدمة انتماءاته الفكرية‬
                                    ‫الدينية أو السياسية‪ ،‬مما‬
                   ‫جهوده‪.‬‬          ‫تظهر آثاره في كتاباته من‬
  ‫وأ ًّيا كان الأمر فإن الخطوة‬   ‫عناصر التزييف‪ ،‬والتعصب‪،‬‬
  ‫الأولى في النظر الموضوعي‬       ‫والتقليل من حجم ما قدمته‬
  ‫تجاه المستشرقين يجب أن‬         ‫الحضارة العربية الإسلامية‬

     ‫يسبقها أو يتوازى معها‬               ‫في سياق الحضارة‬
‫الاهتمام برصد المستشرقين‪،‬‬        ‫الإنسانية‪ ،‬أو توظيف البحث‬
                                ‫من أجل الاتجاهات التبشيرية‬
     ‫والتعريف بهم‪ ،‬وحصر‬         ‫والاستعمارية‪ .‬ومن هنا كان‬
    ‫إنتاجهم في كافة المجالات‬
‫المعرفية الاستشراقية المتصلة‬       ‫يجب التنويه بعدم التعميم‬
 ‫بالشرق العربي والإسلامي‬              ‫الخاطئ في النظر لكافة‬
    ‫وعلومه وفنونه وثقافاته‬
    ‫المختلفة‪ ..‬ومن هنا تجيء‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205