Page 76 - m
P. 76

‫العـدد ‪58‬‬                         ‫‪74‬‬

                                   ‫أكتوبر ‪٢٠٢3‬‬

‫رشيد طالبي علوي‬

‫(المغرب)‬

‫نصوص‬

         ‫البلاد‬                     ‫المرآة انكسرت وتناثرت الشظايا‬              ‫الشارع‬
                                       ‫حادة‪ ..‬والصدى لا شيء غير‬
    ‫أنت بعيد تكون البلاد أجمل‬                             ‫الصدى‪.‬‬             ‫الشارع بقي وفيًا لصورته‬
    ‫بلادك التي تنام قرب الوادي‬                                             ‫القديمة‪ ،‬مقاه جديدة زاحمت‬
  ‫منازلها الطينية متداعية‪ ،‬تسند‬           ‫في الزاوية‬                   ‫المقاهي القديمة‪ ،‬حوانيت تكاثرت‬
                                                                       ‫كإشاعات خبيثة‪ .‬لكن قلبك الذي‬
                 ‫بعضها بع ًضا‬        ‫في الزاوية‪ ،‬تلك النقطة الصغيرة‬     ‫تدرب على الخفقان بعد كثير من‬
      ‫الحمام فوق البرج الشمالي‬         ‫بين جدارين‪ ،‬ينحصر الجسد‬          ‫السهام الطائشة‪ ،‬تغير‪ .‬الشارع‬
                                      ‫ككومة ملابس متسخة‪ ،‬يراقب‬            ‫برصيفه الضيق‪ ،‬ربما يتذكر‪،‬‬
         ‫يستأنف طقسه السري‬            ‫صامتًا‪ ،‬تخنقه كثافة الكلام في‬   ‫ربما يحفظ قص ًصا طوى النسيان‬
‫والأطفال يلعبون الكرة في البيادر‬                                       ‫أبطالها‪ .‬تبحث عن ظلك‪ ،‬عن آثار‬
                                   ‫جو الغرفة‪ ،‬تخيفه أصوات ارتطام‬           ‫خطواتك‪ ،‬فتكتشف أن أعمدة‬
                       ‫الخالية‪.‬‬       ‫الكرة بالأبواب‪ .‬فيشيد صروح‬      ‫الإنارة غيرت طلاءها‪ ،‬أن الأشجار‬
    ‫وأنت بعيد تكون البلاد أقرب‬       ‫أحلام‪ ،‬تنهار عند أول هبة هواء‬     ‫بدلت لحاءها‪ ،‬أن المكتبة الصغيرة‬
  ‫بلادك الفقيرة‪ ،‬النخل يحرسها‬              ‫تدخل من النافذة المقابلة‪.‬‬  ‫تحولت مطع ًما للوجبات السريعة‪.‬‬
‫الشيوخ ‪-‬ذاكرتها الحية‪ -‬غادروا‬                                            ‫الشارع نفسه صديق طفولتك‪،‬‬
                                   ‫(الأحلام والعزلة‪ ..‬يا له من مزيج‬     ‫رفيق تشردك‪ ،‬كم ساع ًة أهدرت‬
                          ‫تبا ًعا‬                          ‫متفجر)‬
     ‫وحدهم ‪-‬أصدقاء الطفولة‪-‬‬                                                   ‫على رصيفه! كم موع ًدا؟!‬
                                      ‫ليته تعلم إصابة الأهداف‪ ،‬ليت‬         ‫والآن تعود لتبحث عن ألفة!‬
                     ‫يتذكرونك‬      ‫الجسد الرث صد اللكمات المتتالية‪.‬‬
                     ‫كم تغير ْت‬                                                         ‫لن تجد علامة‬
                     ‫كم تغير َت‬         ‫في كل بيت زاوية‪ ،‬ركن دافئ‬                  ‫لن تعثر على طيفك‬
                   ‫الوادي جف‬          ‫للقراءة‪ ،‬للنوم ساعات القيلولة‪،‬‬
                  ‫الحقول ماتت‬
                   ‫ولا حصاد‪.‬‬            ‫لإعلان الهزيمة‪ ،‬بينما تتمدد‬
                                     ‫الأشراك ويرتفع صخب العالم‪.‬‬
   71   72   73   74   75   76   77   78   79   80   81