Page 47 - Dilmun 22
P. 47
ﻧﺴﺎﺀ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎﺕ
ﺣﻀﻮﺭ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻫﻮﻳﺔ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ
-١ﺪﻘﻣﺔﻣ ﻭ
ﻋﺎﺷﺖ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻗﺒﻞ ﺗﺪﻓﻖ ﺍﻟﻨﻔﻂ ،ﺣﻴﺎﺓ
ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺭﺍﻛﺪﺓ ،ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺑﻤﺠﻤﻠﻬﻢ ﻳﻌﺎﻧﻮﻥ ﻣﻦ ﺷﻈﻒ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺎﻗﺘﺼﺎﺩ
ﺍﻟﻜﻔﺎﻑ ،ﻭﻗﺪ ﻓﺮﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻩ ﻭﻗﻴﻤﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺪﺍﺧﻞ
ﺍﻟﺒﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺪﻭﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺪﻣﻯ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﺴﺤﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ .ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺘﺒﺪﻝ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﺮ ﻭﻟﺪﻳﻬﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﺣﺴﺐ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ
ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻘﺴﻮﺓ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺃﻭ ﺷﻈﻒ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺃﻭ ﻧﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ .ﻛﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰﺕ ﺑﺒﻌﺪﻫﺎ ﻋﻦ
ﺍﻟﻤﺸﺎﺣﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﻣﻴﻠﻬﺎ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﻄﺮﺏ ﻭﺍﻟﺮﻗﺺ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ
ﻧﻈﺮﺍ ﻻﺭﺗﺒﺎﻁ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﻣﺜﻞ ﺻﻴﺪ ﺍﻷﺳﻤﺎﻙ
ﻭ ﺍﻟﻐﻮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆﻭﺍﻟﺴﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ .ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺗﻔﺼﻞ ﻋﺮﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻋﻦ ﻴﻘﺑﺔ
ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻋﺎﻣﻞ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ
ﻟﻪ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﺎﻋﺪﺕ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﺑﻴﻦ ﻋﺮﺏ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺣﻴﺚ
ﻛﺎﻥ ﻳﺼﻠﻬﻢ ﺍﻟﻨﺰﺭ ﺍﻟﻴﺴﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻣﻦ ﺃﻧﺸﻄﺔ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮﻭﺑﻻﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ.
ﻛﻤﺎ ﺍﻧﻌﻜﺴﺖ ﺛﻘﺎﻓﺎﺕ ﻭﻓﻨﻮﻥ ﻭﻋﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻤﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺳﻮﺍﺣﻠﻪ ﻋﻠﻰ
ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻭﺃﺿﻔﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻫﻲ ﻣﺰﻳﺞ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﻭﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻣﻊ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻦﺍﻹﺳﻻﻣﻲ .ﻓﻨﻻﺣﻆ ﻣﺜﻻً ﻃﺎﺑﻊ
ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺗﺼﻤﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ .ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﺍﻟﺴﺎﺣﻞ
ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﻭﺍﺿﺤ ًﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻏﺎﻧﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﺭﻗﺼﺎﺗﻪ ﻭﻓﻨﻮﻧﻪ ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻨﻜﻬﺔ
ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻠﻤﺄﻛﻮﻻﺕ ﺍﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ،ﻭﻗﺪ ﺑﺪﺃ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺑﻴﻦ
ﺣﻀﺎﺭﺗﻲ ﺍﻟﺴﻨﺪ ﻭﺑﺎﺑﻞ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻹﺳﻔﻨﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﺺ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ
ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﺎ ﻟﺘﻌﻴﺪ ﺻﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻓﺘﺼﺒﺢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ .ﻭﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ
ﻻ
ﻟﺠﺠﺠﻌﺠﻤﻜﻌﺞ٩٣