Page 7 - أثار النوبة
P. 7

‫الامتداد التقريبي للمملكة في القرن العاشر الميلادي‪.‬‬

  ‫تقع مملكة علوة جنوب مملكة المقرة‪ ،‬وعاصمتها سوبا التي تقع في الضفة الشرقية للنيل الأزرق‪ ،‬بالقرب من‬
 ‫مكان التقاء نهري النيل الأزرق والأبيض‪ ،‬وقد شملت المملكة المنطقة الوسطى والجنوبية من بلاد النوبة‪ .‬وقد‬
  ‫ورثت مملكة علوة حضارة مروي المتداعية‪ .‬تحولت المملكة إلى المسيحية كجاراتها في الشمال بحلول القرن‬
  ‫السادس الميلادي‪ .‬حيث علم ملك علوة بشأن تنصير مملكة نوباتيا‪ ،‬فطلب أن يرسل له أسقفا أسوة بنوباتيا ليتم‬
  ‫تنصير شعبه أيضا‪ ،‬فتم تعميد الملك وأسرته والنبلاء في المملكة‪ ،‬وهكذا أصبحت علوة مملكة مسيحية رسميا‪.‬‬

  ‫يصف المؤرخون والرحالة العرب مملكة علوة بأنها كانت أكبر وأقوى من جارتها الشمالية‪ ،‬وتم وصف سوبا‬
 ‫عاصمة المملكة بأن فيها أبنية حسان‪ ،‬ودور واسعة‪ ،‬وكنائس كثيرة الذهب‪ ،‬وبساتين‪ ،‬كما أن مملكة علوة أقوى‬

   ‫جيوشا من المقرة‪ ،‬وكانت المملكة خصبة الأراضي‪ ،‬حتى أن اتساع رقعة علوة وهطول الأمطار فيها وتوفر‬
    ‫المراعي والزراعة المطرية جعلها أكثر إمكانيات من المقرة‪ .‬مما جعلها مجالا حيويا لحشود القبائل العربية‬
‫المتدفقة من الشمال‪ ،‬فطبيعة أراضي علوة أنسب لهم من رقعة دنقلا‪ .‬وبحلول القرن الثالث عشر الميلادي بدأت‬
‫المملكة تضعف‪ ،‬فتكاثر العرب في أقاليم علوة‪ ،‬وتغلبوا عدديا على السكان الأصليين‪ .‬وفي تلك الفترة بدأ العرب‬
  ‫بتكوين إمارات صغيرة ومشيخات‪ ،‬وقد قام شيخ عرب القواسمة عبد الله جماع بتجميع وتوحيد القبائل العربية‬
    ‫لمحاربة العنج (شعب علوة)‪ ،‬وتحالف مع الفونج القادمين لغزو المملكة من الجنوب‪ ،‬فسقطت سوبا عاصمة‬

                                                  ‫مملكة علوة بيد عمارة دنقس سلطان الفونج عام ‪1504‬م‪.‬‬

                                                                   ‫الحقبة العربية والإسلامية‬

                                                                                           ‫دخول العرب‬

                                                                         ‫بدوي عربي من شمال السودان‪.‬‬

   ‫تتقاطع الحقبة المسيحية مع فترة دخول العرب إلى النوبة‪ ،‬ففي ذلك العهد دخلت الجماعات العربية المهاجرة‬
      ‫إلى بلاد النوبة ونشروا الإسلام‪ ،‬وهنالك عدة أسباب لهجرتهم لهجرتهم إلى النوبة‪ ،‬من أهمها سوء أحوال‬

 ‫القبائل العربية في مصر‪ ،‬خصوصا في أيام الخليفة العباسي المعتصم بالله‪ ،‬الذي اعتمد في جيوشه على الجنود‬
   ‫الأتراك دون العرب‪ ،‬كما أن من الأسباب المهمة خصوبة المراعي في السهول الواقعة على جانبي النيل من‬
      ‫الشرق ومن الغرب‪ ،‬إلى جانب فرص الغنى التي أتاحتها منذ فترة مبكرة مناجم الذهب والزمرد في شرق‬
                                                   ‫السودان (بلاد النوبة)‪ ،‬وفي منطقة وادي العلاقي بالذات‪.‬‬

‫كانت ربيعة أكبر القبائل التي سكنت منطقة البجا وتصاهرت معهم‪ ،‬ولم يمض وقت طويل حتى آل إليهم عرش‬
  ‫البجا عن طريق الخؤولة‪ ،‬فسيطروا على المنطقة ونشروا الإسلام والعربية بين البجا‪ ،‬ويذكر المسعودي الذي‬

    ‫زار مصر حوالي ‪940‬م أن عرب ربيعة اختلطوا بالبجة‪ ،‬كما يتحدث أيضا عن جماعات من قبائل قحطان‬
  ‫وربيعة وقريش دخلوا إلى النوبة السفلى‪ .‬قامت ربيعة بتكوين إمارة بني كنز العربية في المنطقة الشمالية من‬
 ‫بلاد النوبة‪ .‬أما جهينة فيقول ابن خلدون عنهم أنهم كاثروا الناس هناك وغلبوا على بلاد النوبة‪ ،‬وفرقوا كلمتهم‬
  ‫وأزالوا ملكهم‪ .‬وتأسس حكم إسلامي بمملكة المقرة في آخر عهدها واختلط العرب بالنوبة‪ ،‬وقبل معظم النوبة‬
   ‫الإسلام‪ ،‬وهذا ما حدث أيضا في علوة حيث تغلب العرب عدديا على شعب العنج‪ ،‬واعتنق شعب مملكة علوة‬
  ‫الإسلام فيما بعد‪ .‬وأيضا فيما بعد بسطت قبائل الجعليين العباسية سيطرتها على المنطقة الممتدة من دنقلا إلى‬

                                                                                               ‫السبلوقة‪.‬‬

                                                                 ‫‪7‬‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12