Page 87 - إرشاد سياحي إسلامي
P. 87

‫‪ -1‬مسجد الطنبغا المارداني‬

‫يقع بشارع التبانة بمنطقة الدرب الأحمر‪ ،‬أنشأه الأمير ألطنبغا الماردان الساق الناصري أحد‬
‫أمراء الناصر محمد بن قلاوون سنة ‪741-18‬ه‪1141-18/‬م‪ ،‬ذكر لنا المقريزي قصة اختيار موقعه‬

                                                                         ‫وبناءه ف عجالة كما يل ‪:‬‬
‫"هذا الجامع بجوار ُخط التبانة خارج باب زويلة‪ ،‬كان مكانه أول ًا مقابرأهل القاهرة‪ ،‬ثم ُعمرأماكن‪ ،‬فلما كان في سنة‬
‫ثمان وثلاثين وسبع مائة اشتراها بالثمن من أربابها‪ ،‬ثم أمر الملك الناصرمحمد النشو ناظر الخاص أن يتولى أمر شراء‬
‫البيوت ‪ ...‬و ُهدمت وبنى مكانها هذا الجامع‪ ،‬فبلغ مصرفه زيادة على ثلاثة مائة ألف درهم عنها نحو خمسة عشر ألف‬
‫دينار‪ ،‬سوى ما ُحمل إليه من الأخشاب والرخام وغيره من جهة السلطنة‪ ،‬وأخذ ما كان في جامع راشدة من ال ُعمد‬

                                                              ‫فعملت فيه‪ ،‬وجاء من أحسن الجوامع"‪.1‬‬

‫ويشير المقريزي هنا إلى المنطقة الواقعة بين موقع القلعة وموقع مدينة القطائع الت ضمها‬
‫صلاح الدين الأيوب للمدينة الأيوبية وبدأ التعمير فيها مع بداية عصر المماليك البحرية‪ ،‬كما يوضح أنها‬
‫أصبحت منطقة سكنية‪ ،‬يوضح لنا كذلك مساعدات السلطان الناصر محمد بن قلاوون ‪-‬الذي يعتبر من‬
‫كبار معمرين مدينة القاهرة ف عصر المماليك البحرية‪ -‬لأمرائه ف بناء عمائرهم‪ ،‬وأن التكلفة كانت‬

                          ‫تحسب على المصروف ومساعدات السلطان وما يؤخذ من العمائر المتهدمة‪.‬‬

 ‫وللجامع أربعة واجهات‪ ،‬الشمالية الشرقية وبها الباب الرئيس ‪ ،‬وقد بذل المعمار جهداً كبيراً ف‬
‫تنظيم الركن الشرق للواجهة حتى يتناسب ووجود المسجد على الشارع الرئيس الذي تمر منه المواكب‬
‫الرسمية إلى القلعة‪ ،‬فكان شكل الواجهة من الخارج على هيئة مثلثين قاعدتهما جهة المسجد ورأساهما‬
‫جهة الطريق‪ ،‬مما يخفف من حدة هذا الركن على الطريق‪ ،‬ويجعل الطريق ف انحنائه أكثر انسياباً‪ ،‬فقد‬

 ‫ارتد بالركن الشرق ‪ ،‬حتى تكون البوابة الرئيسية ف مواجهة موكب السلطان القادم من باب زويلة ف‬
 ‫طريقه إلى القلعة‪ ،‬وحتى يلتف من أمام الارتداد لتكملة الطريق فيرى معه الواجهة الجنوبية الشرقية الت‬
‫بها بروز المحراب والواجهة الجنوبية الغربية الت يتوسطها باب مواجه للميضأة‪ ،‬والواجهة الشمالية‬
‫الغربية ويتوسطها أيضاً باب بارز ف مواجهة المحراب الرئيس ‪ .‬ونلاحظ أن الواجهة الشمالية الشرقية‬
‫يظهر منها الجزء الذي به البوابة الرئيسية وارتداد الركن الشرق فقط‪ ،‬والباق خلف المبان الملاصقة‬

            ‫له‪ ،‬مما يبرر لنا أن المهندس حرص على إظهار البوابة ف مواجهة سير الموكب السلطان ‪.‬‬

        ‫‪ - 1‬المقريزي‪ ،‬الخطط‪ ،‬ج‪ ،4‬ق‪ ،1‬ص‪.228-227‬‬

‫‪- 89 -‬‬
   82   83   84   85   86   87   88   89   90   91   92