Page 154 - merit 38 feb 2022
P. 154

‫العـدد ‪38‬‬                         ‫‪152‬‬

                                    ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬                    ‫ملكاته‪ ،‬ومغتنيًا بالمواهب‪.‬‬
                                                                    ‫لا يختلط هذا الغطس في‬
                ‫من يحبونه‪.‬‬                 ‫إن الخشوع الحقيقي‬     ‫الأعماق الروحية مع التوكل‬
                                       ‫والخصب هو الهبة الأولى‬        ‫البسيط على آلية الخيال‬
   ‫الإله‪ .‬الشعر‪ .‬نشاط داخلي‬             ‫التي ُتمنح للشاعر‪ ،‬وهو‬        ‫التي لا تهبط سوى إلى‬
    ‫مستقيم وخالص مطل ًقا‪،‬‬             ‫أي ًضا استعداد طبيعي لديه‬     ‫الطبقة الفرويدية للذاكرة‬
                                     ‫يجب تنميته‪ .‬يرغب الشاعر‬     ‫الفيزيولوجية‪ ،‬والتي هي في‬
 ‫يذهب إلى هذا وذاك‪ ،‬يذهب‪،‬‬              ‫في هذا الدخول إلى الذات‪،‬‬  ‫ذاتها مصدر لفظي ٍة خالصة‪.‬‬
                                       ‫ويسعى إلى المواظبة عليه‪.‬‬   ‫نعثر فيها على صور‪ ،‬ولكن‬
‫أحيا ًنا‪ ،‬من هذا إلى ذاك‪ .‬يظهر‬        ‫وكما أن الإله يجذب نحوه‬       ‫لا نعثر أب ًدا على اكتشاف‬
   ‫الخشوع الرباني بوضوح‬             ‫من يتطلعون إليه‪ ،‬فإن الشعر‬      ‫حقيقي‪ .‬يمكننا قول ذلك‬
                                        ‫كذلك ينتظر أولئك الذين‬      ‫الآن‪ ،‬لم يكن الشعر ولن‬
       ‫في مزامير‪ -‬و َتكتشف‬            ‫يبحثون عنه‪ ،‬ويتقدم للقاء‬      ‫يكون أبدا ُم َج َّد ًدا بالآلية‪،‬‬
     ‫طمأنين ُة الشاع ِر الإل َه في‬                                   ‫وبمؤازرة الكلمات فقط‪.‬‬
     ‫بعض الأحيان‪ .‬ولكن في‬                                          ‫إِ ْل َوار مث ًل هو شاعر كبير‬
                                                                 ‫بالرغم من بعض الوصفات‬
 ‫غالب الأحيان يقيم الشعراء‬                                       ‫والنظريات مسبقة التصور‪،‬‬

      ‫والفنانون تعار ًضا بين‬                                                 ‫وليس بسببها‪.‬‬
                                                                     ‫إن الشاعر الذي يكتفي‬
                                                                 ‫بنهج فن الشفاء الفرويدي‪،‬‬
                                                                    ‫وبالخشوع المزعوم الذي‬
                                                                     ‫ليس سوى تخ ًّل مح ٍض‬
                                                                 ‫وبسيط عن الذات‪ ،‬لا يجري‬
                                                                   ‫اتصا ًل سوى مع «الجاهز‬
                                                                 ‫تما ًما»‪ ،‬ولا يلج‪ ،‬بالتعريف‪،‬‬
                                                                  ‫إلا منطقة الذكريات المقيدة‬
                                                                   ‫في اللاشعور ك ُع َقد أفاعي‬
                                                                      ‫وكصدمات نفسية‪ .‬أن‬
                                                                  ‫يقوم عالم النفس والطبيب‬
                                                                 ‫النفساني باكتشافات‪ ،‬فنحن‬
                                                                  ‫لا نرى أهمية ذلك بالنسبة‬
                                                                 ‫للشعر‪ .‬أن ُتو ِّضح الآلية إلى‬
                                                                    ‫حد معين الخيال اللفظي‪،‬‬
                                                                  ‫فذلك لا يكفي لتبرير النهج‬
                                                                     ‫الذي تترتب عنه إضافة‬
                                                                  ‫إلى ذلك عواقب ضارة‪ ،‬لأن‬
                                                                  ‫الآلية تفك ما قاده التركيز‬
                                                                 ‫والخشوع إلى وحدة الحياة‪،‬‬
                                                                      ‫وإلى خلق شكل جديد‪.‬‬
   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158   159