Page 199 - merit 38 feb 2022
P. 199

‫الملف الثقـافي ‪1 9 7‬‬

    ‫كل إنسان مؤمن بأفكار‬        ‫لها في أرض الحرية‪ .‬ولعل‬              ‫مجد الدولة‪ ،‬يشكل خط ًرا‬
   ‫عليه أن ُيطبقها في حياته‬       ‫أصعب ما كانت تواجهه‬               ‫داه ًما عليها وعلى أسرتها؛‬
                                                                  ‫فهاجرت إلى الولايات المتحدة‬
       ‫اليومية‪ .‬فكان الأدب‬     ‫هناك كفتاة تحلم بأن تكون‬               ‫بعد انتهائها من الجامعة‬
 ‫وسيلتها لتوصيل رسالتها‬         ‫كاتبة هو أنها لم تكن تجيد‬          ‫في سن الواحدة والعشرين‬
                                 ‫اللغة الإنجليزية‪ ،‬وبالطبع‬           ‫لتكون هذه الخطوة بداية‬
       ‫لأكبر عدد ممكن من‬        ‫لم يكن الأمريكيون يقرأون‬
 ‫الناس‪ .‬فهي لم تكن تسعى‬       ‫الروسية‪ ،‬فأصبح لزا ًما عليها‬              ‫طريقها نحو الشهرة‪.‬‬
  ‫لنيل إعجاب المفكرين‪ ،‬ولا‬       ‫أن ُتق ِّوي لغتها الإنجليزية‬     ‫لقد اختارت الولايات المتحدة‬
 ‫تصفيق المثقفين‪ ،‬بل أرادت‬        ‫كي تتمكن من التعبير عن‬            ‫لأنها كانت تؤمن بأنه البلد‬
‫أن تتحول أفكارها إلى مزا ٍج‬
 ‫شعبي‪ ،‬ومبدأ إنساني عام‪.‬‬                ‫أفكارها بوضوح‪.‬‬                 ‫الذي سيكون لديها فيه‬
                                   ‫بدأت راند أو ًل في كتابة‬       ‫الحرية في أن تكتب ما تشاء‪،‬‬
    ‫كانت من أوائل أعمالها‬       ‫القصص القصيرة‪ ،‬وبعض‬
    ‫مسرحية بعنوان «مبدأ»‬                                               ‫وأن تمارس قناعاتها‬
 ‫‪ ،Ideal‬كتبتها أص ًل كقصة‬            ‫سيناريوهات الأفلام‬                ‫الفلسفية في حياتها‬
  ‫ثم حولتها لاح ًقا لمسرحية‬         ‫الصامتة لتعزيز لغتها‬           ‫اليومية دون خوف أو‬
   ‫عام ‪ ،1936‬وهي ُتناقش‬          ‫الإنجليزية‪ ،‬وحصلت على‬            ‫قلق؛ ولهذا فقد تحملت‬
‫مدى صدق الناس في تطبيق‬        ‫وظيفة كاتبة سيناريو مبتدئة‬          ‫كافة الصعوبات التي‬
 ‫ُمثلهم العليا أو مبادئهم في‬   ‫في ستوديو المخرج سيسيل‬                ‫واجهتها في سبيل‬
  ‫حياتهم عبر موقف خيالي‬           ‫ديميل (‪.)1959 -1881‬‬               ‫غرس جذور جديدة‬
‫يصور ُممثلة شهيرة تصبح‬          ‫وبعد فترة من التمرس في‬
‫متهمة بجريمة قتل‪ ،‬وتحاول‬          ‫الكتابة للسينما أصبحت‬
 ‫أن تلجأ إلى بعض معجبيها‬        ‫شغوفة بالكتابة المسرحية‪،‬‬
‫لتختبئ عندهم‪ ،‬لكنها ُتفاجأ‬      ‫ولعل السبب في ذلك يعود‬
     ‫بأن َمن كانوا يرسلون‬       ‫إلى أ َّن النصوص المسرحية‬
                               ‫تمثل أد ًبا س ُين َّفذ بالفعل على‬
     ‫لها خطابات الإعجاب‪،‬‬       ‫خشبة المسرح‪ ،‬وسيحضره‬
 ‫ويدعون حبهم الشديد لها‪،‬‬         ‫الجمهور ويتأثر به بشكل‬
 ‫واستعدادهم للتضحية بأي‬           ‫مباشر‪ ،‬وهو بالضبط ما‬
  ‫شيء من أجلها‪ ،‬قد تخلوا‬      ‫كانت راند تتمناه‪ ،‬وقد كانت‬
‫عنها واح ًدا تلو الآخر عندما‬      ‫أعمالها المسرحية جمي ًعا‬
  ‫كانت في أم ِّس الحاجة إلى‬     ‫تعبر عن أفكارها الفلسفية‬

     ‫مساعدتهم! بل وحاول‬                  ‫ونظرتها للحياة‪.‬‬
 ‫بعضهم أن يستغل موقفها‬        ‫لم تحاول راند في ذلك الوقت‬
 ‫لتحقيق مكاسب شخصية‪.‬‬
  ‫إنه عمل يعبر عن استنكار‬        ‫أن تقدم أفكارها الفلسفية‬
‫راند لحالة النفاق الاجتماعي‬      ‫في مؤلفات فكرية‪ ،‬بل إنها‬
                                ‫كانت تغضب إن طلب منها‬
    ‫المهيمنة في عصرنا‪ ،‬لقد‬      ‫أحد ذلك‪ .‬كانت ترى الأدب‬
  ‫كانت راند ‪-‬بحسب كلام‬
                                   ‫وسيلة عظيمة لتوصيل‬
     ‫تلاميذها وأصدقائها‪-‬‬        ‫أفكارها‪ ،‬فقد كانت مقتنعة‬
‫تعيش أفكارها وفلسفتها في‬
‫حياتها‪ ،‬فهي تقول ما تؤمن‬          ‫بأن الفلسفة ُتعاش‪ ،‬وأن‬
   194   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204