Page 202 - merit 38 feb 2022
P. 202

‫العـدد ‪38‬‬         ‫‪200‬‬

                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬      ‫الثانية‪ ،‬وظهور الاتحاد‬
                                                                           ‫السوفييتي كقوة خطيرة على‬
     ‫واسعة‪ .‬وقامت شركة‬           ‫منذ الصغر وتعتبرها رم ًزا‬                 ‫الساحة الدولية‪ ،‬بدأ الخوف‬
 ‫«وارنر برازر» بشراء حق‬             ‫للإنجاز البشري)‪ ،‬لكنه‬
                                                                                ‫من الشيوعية يزداد في‬
    ‫تحويل الرواية إلى فيلم‬     ‫يواجه عقبات خارجية تتمثل‬                     ‫الولايات المتحدة‪ ،‬وأصبحت‬
     ‫مقابل ‪ 50‬ألف دولار‪،‬‬          ‫فيمن حوله ممن يقدسون‬
      ‫بالإضافة لكتابة راند‬                                                    ‫أفكار آين راند المناهضة‬
    ‫لسيناريو وحوار الفيلم‬      ‫الاتباع والتقليد‪ ،‬ويستنكرون‬                   ‫للفكر الجماعي‪ ،‬واستبداد‬
    ‫الذي صدر بالفعل عام‬           ‫الاستقلالية والإبداع‪ .‬لقد‬                  ‫الدولة‪ ،‬والمناصرة لفردية‬
                                                                               ‫الإنسان وعقله وحريته‪،‬‬
                  ‫‪.1949‬‬         ‫وضعت راند على لسان هذا‬
‫كانت راند في تلك الفترة قد‬         ‫البطل المثالي كل أفكارها‬                    ‫تلقى قبو ًل واستحسا ًنا‬
 ‫بلغت ذروة تألقها الفكري‪،‬‬           ‫الفلسفية‪ ،‬وجعلته مثا ًل‬                 ‫من الجميع‪ .‬كانت آين راند‬

  ‫وأصبحت قادرة على نقل‬           ‫واقعيًّا للإنسان الذي تريد‬                    ‫قد انتهت في تلك الفترة‬
  ‫أفكارها الفلسفية العميقة‬       ‫من الجميع أن يكونوا مثله‬                    ‫من روايتها الطويلة التالية‬
                                                                           ‫والتي كانت تكشف فيها عن‬
     ‫بشكل كامل عبر أرقى‬            ‫في نزاهته‪ ،‬وقوة ُحجته‪،‬‬                   ‫أفكارها في فلسفة الأخلاق‪.‬‬
‫صور التعبير الأدبي‪ .‬وكان‬       ‫ودفاعه عن حريته‪ ،‬وفرديته‪،‬‬
                                                                                ‫كانت راند من المؤيدين‬
   ‫ُشغلها الشاغل أن تنشر‬         ‫وعقله‪ .‬قالت آين راند‪« :‬إن‬                     ‫للأنانية الأخلاقية‪ ،‬فهي‬
   ‫وعيًا عا ًّما بأهمية وقيمة‬     ‫موضوع رواية المنبع هو‬                      ‫ترى أن إنجازات الإنسان‬
    ‫أن يفخر الإنسان بذاته‬                                                  ‫وإبداعاته هي نتيجة تقديره‬
 ‫وعقله وإنجازه الشخصي‪،‬‬         ‫الفردية في مواجهة الجماعية‪،‬‬                    ‫لذاته‪ ،‬وحبه لها‪ ،‬وتقديمه‬
   ‫وهو ما يتوافق مع المبدأ‬      ‫ليس في مجال السياسة‪ ،‬بل‬                       ‫لنفسه ومصلحته الذاتية‬
 ‫الأمريكي الدستوري بحق‬                                                       ‫على الآخرين ومصلحتهم‪،‬‬
  ‫كل إنسان في السعي نحو‬              ‫داخل روح الإنسان»‪.‬‬                     ‫وأ َّن هذه الأنانية والاعتزاز‬
  ‫تحقيق سعادته‪ .‬لقد كانت‬                                                       ‫بالنفس كانت دو ًما هي‬
  ‫تؤمن بأن سعي الإنسان‬          ‫عانت راند ‪-‬كالعادة‪ -‬وهي‬                        ‫الحافز الأعلى للبشر كي‬
   ‫نحو تحقيق سعادته هو‬            ‫تحاول نشر هذه الرواية‪،‬‬                      ‫ينتجوا ويبدعوا ويحققوا‬
‫أكثر الأمور أهمية في حياته‪،‬‬
  ‫حيث مفهوم السعي نحو‬          ‫فقد رفضها اثنا عشر ناش ًرا‬                                 ‫الإنجازات‪.‬‬
    ‫السعادة يعني عند راند‬       ‫لما تحتويه من أفكار فلسفية‬                             ‫قدمت راند في‬
   ‫«حق الإنسان في تحديد‬         ‫صعبة‪ ،‬كما أن راند رفضت‬                           ‫روايتها «المنبع» ‪The‬‬
  ‫أهدافه وقيمه الخاصة ثم‬                                                       ‫‪ Fountainhead‬الرجل‬
 ‫تحقيقها‪ ،‬إن السعادة تعني‬            ‫من جانبها أن تغير في‬                      ‫المثالي من وجهة نظرها‪،‬‬
‫حالة الوعي التي تتحقق من‬         ‫روايتها كلمة واحدة‪ ،‬لكنها‬                    ‫الإنسان النموذجي الذي‬
  ‫إنجاز الإنسان لتلك القيم‪،‬‬     ‫أخي ًرا استطاعت نشرها بعد‬                         ‫يعتز بذاته‪ ،‬وابداعه‪،‬‬
   ‫فالسعادة لا تعني مجرد‬                                                    ‫ويرفض أي تدخل خارجي‬
‫لحظات اللذة‪ ،‬بل هي شعور‬           ‫أن تحمس للرواية محرر‬                         ‫من المجتمع أو الدولة في‬
     ‫عميق‪ ،‬خا ٍل من الذنب‪،‬‬       ‫بإحدى دور النشر جازف‬                      ‫اختياراته وحياته‪ .‬كان بطل‬
   ‫وعقلاني‪ ،‬بتقدير الذات‪،‬‬      ‫بالدخول في صدام مع رئيس‬                        ‫روايتها مهند ًسا معمار ًّيا‬
 ‫وفخر المرء بما أنجزه‪ ،‬إنها‬     ‫الدار الذي كان يرفض نشر‬                        ‫يصمم ناطحات ال ُسحب‬
 ‫تعني التمتع بالحياة‪ ،‬وهو‬      ‫الرواية‪ .‬ظهرت الرواية للنور‬                 ‫(التي كانت راند منبهرة بها‬
   ‫ما لا يمكن أن يتحقق إلا‬        ‫عام ‪ ،1943‬وبيع منها في‬
                                 ‫عام واحد مئة ألف نسخة‪،‬‬
                                 ‫وخلال عامين فقط‪ ،‬ودون‬
                                ‫دعاية قوية‪ ،‬وصلت الرواية‬
                               ‫إلى قائمة الأكثر مبي ًعا وظلت‬
                               ‫في هذه القائمة لثلاث سنوات‬
                               ‫متتالية‪ ،‬وحققت لراند شهرة‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207