Page 207 - merit 38 feb 2022
P. 207

‫‪205‬‬               ‫الملف الثقـافي‬

‫ألكساند بومجارتن‬  ‫ألدوس هكسلي‬     ‫آيريس مردوخ‬                      ‫الآخرين لدراسته‪ ،‬غير أن‬
                                                                 ‫الكتابة الفاتنة لن تجعل منه‬
     ‫الكثير من الأمور‪ ،‬أما‬        ‫ومختلفي الميول والأمزجة‪.‬‬        ‫فيلسو ًفا أفضل» (ص‪.)٢٠‬‬
 ‫الفلسفة فتفعل أم ًرا واح ًدا‬      ‫ويأتي التسامح من الهدف‬       ‫يبدو كلام ماجي وجي ًها ج ًّدا‪،‬‬
 ‫فحسب» (الموضع نفسه)‪.‬‬             ‫من القراءة‪ ،‬فقارئ‪ ،‬الفلسفة‬     ‫خاصة إذا نظرنا إلى المسألة‬
                                   ‫صاحب التخصص الدقيق‬             ‫من الجهة الأخرى‪ ،‬فالأديب‬
      ‫غير أن سؤال المتعة‬
 ‫بالنسبة للنشاط الفلسفي‬                ‫غالبًا‪ ،‬يبغي من قراءته‬      ‫الذي يض ِّمن أعماله أفكا ًرا‬
‫يظل مطرو ًحا‪ ،‬فهناك قطاع‬            ‫الدراسة والبحث من أجل‬       ‫فلسفية ربما يكون أكثر عم ًقا‬
   ‫لا ُيستهان به من القراء‬        ‫الوصول إلى نتائج صحيحة‬        ‫ويدفع النقاد إلى إعادة قراءته‬

   ‫المثقفين ومحبي المعرفة‬               ‫ودقيقة وف ًقا للمعايير‬    ‫للكشف عن الأبعاد الأخرى‬
‫يلجأون إلى الكتب الفلسفية‬         ‫الأكاديمية‪ ،‬أما قارئ الأدب‪،‬‬   ‫الكامنة في العمل‪ ،‬غير أن ذلك‬

  ‫لإشباع رغباتهم المعرفية‬               ‫حتى المتخصص منه‪،‬‬           ‫لن يجعل منه أديبًا أفضل‪.‬‬
  ‫ونهمهم الفكري‪ ،‬وهم في‬              ‫يهدف إلى المتعة والبهجة‬        ‫وتؤكد مردوخ على المعني‬
‫الحقيقة ما كانوا سيقدمون‬                                          ‫نفسه موضحة لماذا تختلف‬
 ‫على مثل هذه الخطوة لولا‬               ‫في المقام الأول‪ ،‬وبهذا‬     ‫الفلسفة عن الأدب‪ ،‬فتقول‪:‬‬
‫أنهم يستشعرون شيئًا من‬               ‫المعني يمكن أن تدخل في‬        ‫«الفلسفة تبتغي التوضيح‬
  ‫اللذة أو البهجة المتحصلة‬        ‫الصنعة الأدبية بعض الحيل‬
   ‫من قراءة هذا النمط من‬           ‫اللغوية والأجواء الإيهامية‬         ‫والاستفاضة في كشف‬
                                    ‫المقصودة من أجل تحقيق‬          ‫الدقائق الجوهرية للأمور‪،‬‬
                 ‫التأليف‪.‬‬            ‫هذا المطلب الإنساني ذي‬       ‫وهي تحدد ومن ث َّم تحاول‬
  ‫فما هي طبيعة هذه المتعة‬          ‫الضرورة المل َّحة‪ .‬وتلخص‬        ‫حل بعض أعقد المعضلات‬
                                  ‫مردوخ هذا المعنى في جملة‬
    ‫التي يجدها القارئ في‬          ‫قصيرة معبرة عندما تقول‪:‬‬            ‫الإشكالية المعقدة‪ ،‬وبناء‬
    ‫الفلسفة ولا تشبه تلك‬            ‫«الأدب يوفر المتعة ويفعل‬     ‫على هذا الأمر ينبغي للكتابة‬
‫التي يوفرها الأدب لقرائه؟‬                                       ‫الفلسفية أن تخدم هذا الهدف‬
                                                                ‫بكفاءة‪ ،‬ويمكن في هذا السياق‬

                                                                   ‫القول إن الكتابة الفلسفية‬
                                                                  ‫السيئة لن تكون فلسفة على‬
                                                                ‫الإطلاق‪ ،‬في حين العمل الفني‬
                                                                  ‫السيئ يمكن أن يعد فنًّا في‬

                                                                     ‫نهاية المطاف» (ص‪.)٢١‬‬
                                                                     ‫فوظيفة الفلسفة تختلف‬

                                                                       ‫عن وظيفة الأدب‪ ،‬كما‬
                                                                    ‫أن الفلسفة تخاطب نخبة‬
                                                                    ‫من المتخصصين الذين لا‬
                                                                ‫يتسامحون في قبول الأخطاء‬

                                                                      ‫والتجاوزات‪ ،‬ويطبقون‬
                                                                   ‫في قراءاتهم معايير دقيقة‬
                                                                   ‫ومنضبطة‪ ،‬بينما لا يحدث‬

                                                                      ‫الأمر نفسه مع جمهور‬
                                                                  ‫الأدب من متعددي المشارب‬
   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212