Page 200 - merit 38 feb 2022
P. 200

‫العـدد ‪38‬‬         ‫‪198‬‬

                                                                ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬  ‫به‪ ،‬وتفعل ما تقوله ح ًّقا؛ وقد‬
                                                                              ‫كانت تريد أن يكون الجميع‬
  ‫الأفكار بالفعل‪ .‬وهكذا‪ ،‬لم‬        ‫‪ 1934‬بعنوان «محاكمة‬
  ‫يكن هناك متنفس لأفكار‬         ‫امرأة»‪ ،‬لكن النجاح الساحق‬                            ‫مثلها في ذلك الأمر‪.‬‬
‫راند سوى في الأعمال التي‬                                                         ‫كان أكبر نجاح مسرحي‬
   ‫كانت تكتبها وتحاول أن‬          ‫جاء مع إعادة عرضها في‬                        ‫حققته راند هو مسرحيتها‬
‫تنشرها بعي ًدا عن هوليوود‪.‬‬          ‫العام التالي على مسرح‬                       ‫البوليسية «ليلة ‪ 16‬يناير»‬
  ‫كتب ْت راند في عام ‪1937‬‬                                                      ‫‪،16th Night of January‬‬
   ‫«نوفيلا» خيالية بعنوان‬         ‫برودواي تحت اسم «ليلة‬                       ‫والتي كتبتها متأثرة بحادثة‬
                                   ‫‪ 16‬يناير»‪ ،‬فكانت خطوة‬                        ‫انتحار أحد رجال الأعمال‬
      ‫«أنشودة» ‪Anthem‬‬             ‫كبيرة على طريق نقل آين‬                     ‫الكبار‪ ،‬والذي رأت أن الناس‬
   ‫‪-‬نشرتها في العام التالي‬       ‫راند لأفكارها الفلسفية إلى‬                  ‫كانت تنتقده لأنه كان ناج ًحا‬
 ‫في إنجلترا وليس الولايات‬        ‫الجمهور عبر أعمال أدبية‪.‬‬
    ‫المتحدة‪ -‬تهاجم النزعة‬        ‫واصلت راند في تلك الفترة‬                          ‫ومتفو ًقا‪ ،‬وهو ما رأته‬
  ‫الجماعية ومحاولة طمس‬           ‫مساعيها الفلسفية لمواجهة‬                     ‫تص ُّر ًفا يحمل داخله احتقا ًرا‬
   ‫الهوية الفردية للإنسان‪،‬‬        ‫التيار السائد في الولايات‬
‫حيث تخيلت عالمًا ديستوبيًّا‬      ‫المتحدة‪ ،‬والعديد من البدان‬                     ‫للتفوق والنجاح والإنجاز‬
    ‫في المستقبل تختفي فيه‬         ‫الأخرى‪ ،‬الذي يدعم الفكر‬                     ‫البشري‪ ،‬وهي الأشياء التي‬
  ‫من اللغة كلمة «أنا» لتحل‬         ‫الجماعي ‪Collectivism‬‬
  ‫محلها كلمة «نحن»‪ ،‬حيث‬            ‫القائل بتضحية الإنسان‬                        ‫ُتجلَّها راند أشد الإجلال‪،‬‬
‫يصبح الأفراد مجرد أرقام‬          ‫بفرديته وحريته في سبيل‬                           ‫فقد أرادت للإنسان أن‬
    ‫مسلسلة داخل مجتمع‬             ‫المجتمع‪ ،‬وتقديم المصلحة‬
                                  ‫العامة على مصلحة الفرد‬                      ‫يسعى لتحقيق ذاته‪ ،‬وإنجاز‬
     ‫يتحكم في كل حياتهم‪،‬‬                                                     ‫طموحاته‪ ،‬وممارسته حريته‬
 ‫وعندما يتمرد بطل الرواية‬            ‫الشخصية‪ .‬كانت هذه‬
 ‫على هذا الواقع محاو ًل أن‬      ‫الأفكار تثير اشمئزاز راند‪،‬‬                     ‫وفرديته في الحياة لأقصى‬
                                                                               ‫حد ممكن‪ .‬كانت مسرحية‬
   ‫يعيش فرديته بأن يفكر‬            ‫فهي نفسها الأفكار التي‬                    ‫راند تتحدث عن امرأة متهمة‬
   ‫ويحب ويناقش ويبحث‪،‬‬             ‫هربت منها في بلدها الأم‪،‬‬                     ‫بقتل رجل أعمال مشهور‪،‬‬
 ‫تقوم السلطات بمطاردته‪،‬‬        ‫وظلت تحاربها طيلة حياتها‪.‬‬                        ‫وتجري أحداث المسرحية‬
  ‫فيفر هار ًبا بعي ًدا عن هذا‬                                                  ‫في قاعة المحكمة؛ وكعهدها‬
                                     ‫كانت فترة الثلاثينيات‬                    ‫في استغلال الأعمال الأدبية‬
                                     ‫من القرن العشرين في‬                      ‫لتوصيل رسالتها الفلسفية‪،‬‬
                                   ‫الولايات المتحدة ُمشبَّعة‬                 ‫قامت بابتكار تقنية مسرحية‬
                                    ‫بالفكر الشمولي والقيم‬                    ‫جديدة‪ ،‬حيث كان يتم اختيار‬
                                 ‫الجماعية‪ ،‬حتى أنهم كانوا‬                     ‫بعض الأشخاص من وسط‬
                               ‫يطلقون على فترة الثلاثينيات‬                     ‫جمهور المسرحية ليجلسوا‬
                                  ‫«ال ِعقد الأحمر» ِ َلا شهدته‬                ‫على مقاعد المُحلَّفين كل ليلة‪،‬‬
                                   ‫من قوة وانتشار الأفكار‬                    ‫ويصدروا ال ُحكم على المتهمة‬
                               ‫الشيوعية القادمة من الاتحاد‬                      ‫في نهاية العرض‪ .‬وجعلت‬
                                ‫السوفييتي‪ .‬كانت هوليوود‬                      ‫للمسرحية نهايتين‪ ،‬إحداهما‬
                                    ‫في ذلك الوقت لا تسمح‬
                                ‫بظهور أي عمل فني يهاجم‬                           ‫تحصل فيها المتهمة على‬
                                  ‫الأفكار الشيوعية‪ ،‬فمعظم‬                       ‫البراءة‪ ،‬والأخرى تحصل‬
                                   ‫أصحاب الاستوديوهات‬                          ‫فيها على الإدانة‪ .‬بدأ عرض‬
                                   ‫هناك كانوا يعتنقون تلك‬                      ‫المسرحية في هوليوود عام‬
   195   196   197   198   199   200   201   202   203   204   205