Page 25 - merit 38 feb 2022
P. 25

‫‪23‬‬            ‫إبداع ومبدعون‬

              ‫رؤى نقدية‬

                                                                            ‫أخرى‪ ،‬وفي مضمارها تتحرك‬

                                                                            ‫الشخصيات على مسرح‬

                                                                            ‫الأحداث في صراع مرير مع‬

                                                                            ‫الموت‪ ،‬حيث يلمس القارئ‬

                                                                            ‫للأضمومة أن الشخوص‬

                                                                            ‫مستلهمة من واقع الثورة‬

                                                                               ‫المسلح‪ ،‬وبصفتها جز ًءا لا‬
                                                                            ‫يتجزأ منه فقد جسدت بشاعة‬

                                                                            ‫المشاهد الحربية‪ ،‬وأول ما‬

                                                                            ‫يستوقفنا شخصية الطفلة‪،‬‬

                                                                            ‫ولها حضور قوي في الرواية‬

                                                                              ‫وإن كانت لا تحمل اس ًما أو‬
                                                                                ‫لقبًا ُيع ِّرفان بها‪ ،‬باستثناء‬

                                                                            ‫القصيصتين الموسومتين «ميغ‬

                                                                            ‫‪ »23‬و»ليلى والذئب» اللتين‬

‫الطيب تيزيني‬  ‫بول ريكور‬                                        ‫جميل حمداوي‬  ‫وسمهما السارد باسم ليلى‪،‬‬
                                                                            ‫ولذلك يصادف القارئ وهو‬

‫الموت وأضفى عليها حركية وبعثها من جديد حينما‬                   ‫يتجول في أروقة الأضمومة شخصيات نكرة‪ ،‬وهذا‬
 ‫أدخلها عالم الأحياء‪ ،‬فهي تفتح قبورها وتذهب إلى‬                   ‫التنكير لم يأت عفو ًّيا فلا توجد في السرد كتابة‬
‫أقرب مركز انتخابي وتصوت بدماء سوداء وتعود‬                          ‫بيضاء‪ ،‬وفي هذا الصدد يلاحظ جميل حمداوي‬
‫لقبورها (قصيصة انتصار)‪ ،‬أو أموات تتحاور فيما‬                         ‫أن معظم قصيصات مجموعة (دمية) لحسن‬
                                                                   ‫جبقجي توظف شخصيات نكرة‪ ،‬بدون أسماء‬
                     ‫بينها فيسأل الأول صديقه‪:‬‬
                           ‫هل صحيح أنك ميت؟‬                     ‫َع َلمية شخوصية أو عاملية‪ ،‬بمعنى أن العوامل أو‬
                                  ‫يجيب الثاني‪:‬‬                   ‫الفواعل الرئيسية أو الثانوية أو العابرة في النص‬
                                   ‫نعم أنا ميت‪.‬‬                ‫لا تحمل اس ًما هوياتيًّا يحددها‪ ،‬أو عل ًما معر ًفا يميز‬

‫وفي الأخير‪ ،‬يمسك أحدهما يد الآخر ويصعدان معا‬                                                    ‫مواصفاتها(‪.)2‬‬

                                                               ‫تتوحد شخصيات الأضمومة في خاصية التنكير‬

              ‫وهذا التوحد يدل على أنها مهمشة‪ ،‬مجهولة الهوية‪ ،‬إلى السماء» (قصيصة البرزخ) أو جثت تبحث عن‬

              ‫عابرة‪ ،‬لا موطن قار لها‪ ،‬ولا ظل سلطة يحميها‪ ،‬ولا الخلاص تحت جنازير الدبابات (قصيصة أشباح‬
                             ‫وطن يسع أحلامها ويحتضن مأساتها‪ ،‬ويبل ريق جثة)‪.‬‬
                                                               ‫أطفالها ويحمي عرينها‪ ،‬بل ثمة قتل وسلب ودمار‪،‬‬
              ‫رمزية المكان‬
                                                               ‫إذن فهي فاقدة لمعنى وجودها‪ ،‬عاجزة عن صنع‬

              ‫أما المكان فله حضور رمزي قوي في الأضمومة‬             ‫قدرها بنفسها‪ ،‬كما تتوحد في المصير المأساوي‬
                ‫حيث يتلون متخ ًذا شك ًل مغل ًقا (بيت العائلة‪-‬‬  ‫البشع‪ ،‬مجس ًدا في الموت والفناء الناجمين عن العنف‬

          ‫المدارس‪ -‬مخيم اليرموك‪ -‬المخيم‪ -‬غرفة‬                              ‫الدموي البشع كما في قصيصة «آثار»‪:‬‬
‫إسمنتية‪ -‬زوايا الجدار‪ -‬الجامعة) أو شك ًل مفتو ًحا‬                                     ‫َبح َث ْت عن ابنتها بي َن ال ُحطام‪..‬‬
    ‫(الحدائق‪ -‬الشرفة‪ -‬قارعة الطريق‪ -‬البحر) أو‬                               ‫جثت محترقة‪ ..‬وأطراف بشرية مبعثرة‪..‬‬
‫شك ًل ضبابيًّا (وطنه‪ -‬مبنى النفوس القديمة‪ -‬عمق‬
                                                                            ‫لكنها وجد ْت دمية ابنتها وقد غطاها الغبار(‪.)3‬‬
                                                                            ‫ومنها شخصيات أخرى ألبسها السارد لبوس‬
   20   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30