Page 62 - merit 38 feb 2022
P. 62

‫العـدد ‪38‬‬                           ‫‪60‬‬

                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

‫وليد علاء الدين‬

‫أذن مدلاة بلا رأس‬

 ‫الوقت مناسب لاستبدال الموسيقى‪ ،‬استعد للرقص‪،‬‬           ‫ضع موسيقى مناسب ًة واقرأ‪ ،‬لا تبذل جه ًدا في‬
                       ‫أو ضع موسيقى جنائزية‪.‬‬
                                                        ‫الاختيار‪ .‬و ّفر الجهد لشيء آخر لا أعرف ما هو‪.‬‬
 ‫وردة في خصلة شعر‪ .‬لا تقل إنني فاجأتك‪ ،‬تعرف‬                 ‫كل موسيقى ستكون صالحة‪ ،‬ولا تسأل لم!‬
      ‫أن البنات لم يعدن يضعن الورد في شعورهن‪.‬‬
                                                        ‫امرأة تهبط ال َد َر َج‪َ .‬د َر ٌج يتدلى من السقف‪ .‬سق ٌف‬
   ‫لم يعد لديهن شعور! لم يعد لديهن شعر‪ .‬لم يعد‬        ‫يلعب لعبة الاختفاء‪ ،‬كنا نسمي هذه اللعبة «عسكر‬
    ‫شعرهن صال ًحا للورد! لم تعد الوردات صالحة‬        ‫وحراميه»‪ ،‬على «الحرامي» أن يختبيء وعلى العسكر‬
  ‫لشعر البنات‪ .‬لم يعد شعر البنات صال ًحا‪ ...‬سوف‬       ‫إيجاده‪ .‬السقف يختفي عندما يظهر العسكر‪ ،‬فماذا‬
‫أتركك تهذي هكذا‪ ،‬وتخلط بين ال َّشعر والشعور‪ ،‬بين‬
  ‫ال ِّشعر وال َّشعر‪ ...‬أعرف أنك لن تنجح في استكمال‬                                  ‫يفعل اللصوص؟‬
‫لعبة الاحتمالات‪ ،‬تحتاج السباحة في البحر إلى رئتين‬        ‫غيّر الموسيقى الآن‪ ،‬أو أعد تشغيلها من الدقيقة‬
  ‫قويتين وكفين مفلطحتين وفخذين عضليتين‪ .‬غيِّر‬        ‫الخامسة والعشرين‪ ،‬لا تبذل أي جهد في الأمر‪ ،‬وفر‬

        ‫الموسيقى الآن‪ ،‬غيِّر الموسيقى ولا تتفلسف‪.‬‬                       ‫الجهد لاختفا ٍء ربما ُنضطر له‪.‬‬
         ‫رجل بكتفي حصان‪ ،‬وأذن مدلاة بلا رأس‪.‬‬         ‫سيدة في نافذة قطار‪ .‬قطار يتلوى في محطة‪ .‬محطة‬
‫هذه تحتاج إلى موسيقى لبيكاسو‪ .‬لا تتثاقف‪ .‬أعرف‬
 ‫أن بيكاسو كان مجرد رسام‪ ،‬يعجز عن صنع نغمة‬                 ‫تنتظر وصول القطار‪ ،‬أو مغادرته‪ .‬متى تتخذ‬
   ‫واحدة‪ ،‬ولكنني الآن لن أرضى سوى بسيمفونية‬                                    ‫المحطات قرارات مهمة؟‬
 ‫وضعها بيكاسو قبل رحيله بسبع وعشرين ساعة‪،‬‬
    ‫زاره ملا ُك الموت‪ ،‬كان وحي ًدا في مرسمه‪ ،‬يشعر‬    ‫تصحو مبك ًرا ‪-‬مث ًل‪ -‬فتقرر أنها لن تنتظر‪ ،‬تصرخ‬
      ‫بالضعف وقلة الحيلة‪ ،‬يسترجع كل رسوماته‬           ‫في وجه القطار المقبل فيتوقف بعي ًدا عنها ويمنحها‬
‫ويتمنى لو يبادلها بمقطوعة موسيقية وحيدة يؤلفها‬        ‫بعض الوقت للتجمل‪ .‬ترفض استقبال الركاب على‬
  ‫ويبثها كل ما هرب منه في الألوان‪ .‬لكن بيكاسو لم‬
  ‫يمت‪ .‬أعني‪ ..‬لم يزره ملا ُك الموت‪ ،‬أقصد لم يحدث‬         ‫أرصفتها وتمنحهم تأشيرات لجوء إلى الحدائق‬
                                                       ‫الخلفية في الجوار‪ .‬تلعب دور القطار لمرة‪ .‬تشترط‬
                                       ‫هذا الأمر‪.‬‬
     ‫إذن سوف أنتظر حدوثه‪ ،‬سأنتظر كامرأة تهبط‬             ‫نوعية الأحذية التي لا تتوقف عن فرك ظهرها‪.‬‬
    ‫الدرج‪ ،‬كسيدة في نافذة قطار‪ ،‬كوردة في خصلة‬              ‫تضع عوازل في أذنيها وتستغرق في مشاهدة‬
 ‫شعر‪ .‬كرجل بكتفي حصان‪ .‬كأذن مدلاة بلا رأس‪.‬‬
                                                       ‫الماتش إلى جوار القط العجوز في الكافيه‪ .‬تستمتع‬
                                                     ‫برائحة عطر السيدة في نافذة القطار‪ .‬السيدة تنتظر‬

                                                         ‫القطار‪ ،‬القطار لا يعبأ بالمحطة‪ ،‬المحطة لا تعرف‬
                                                                                   ‫كيف تتخذ القرار‪.‬‬
   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67