Page 26 - merit 52
P. 26
أو الأحياء السكنية الفقيرة ،في المدن العريقة المكان الذي ُتعبر عنه مساكنه
أو الناشئةُ ،يؤكد انتماء المترجمين لذواتهم ،إلى
أسر ُمعدمة وفقيرة ومهمشة .وتكشف البيوت البدائية ،في الريف أو الأحياء السكنية
العائلية الفقيرة والمهمشة في المشرق العربي الفقيرة ،في المدن العريقة أو الناشئة،
ومغربه ،وبقطع النظر عن اختلافاتها الجهوية
والدينية والمذهبية ،عن منظومة قيمية متشابهة، ُيؤكد انتماء المترجمين لذواتهم ،إلى
أسر ُمعدمة وفقيرة ومهمشة .وتكشف
إن لم نقل متماثلة .ذلك أن السلطة في هذه البيوت العائلية الفقيرة والمهمشة في
البيوت أبوية ُمطلقة .يمارسها الأب على زوجته
وأبنائه ،و ُيعبر من خلالها عن قوامته وصرامته المشرق العربي ومغربه ،وبقطع النظر
وجدارة انتسابه ،إلى بيئة ثقافية ذكورية .وهذه
عن اختلافاتها الجهوية والدينية
السلطة المطلقة يستمدها من سلطته المالية.
فهو المُعيل الوحيد لأسرته و ُمدبر رزقها .وهذه والمذهبية ،عن منظومة قيمية
المنظومة القيمية الأسرية هي صورة ُمصغرة،
متشابهة ،إن لم نقل متماثلة .ذلك أن
من صورة أكبرُ ،تجسدها علاقة السلطة
الحاكمة بالمحكومين. السلطة في هذه البيوت أبويةُ مطلقة.
وفي هذه المنظومة القيمية المُصغرة ،التي المنزل العائلي لواسيني الأعرج ،وخاصة بعد مقتل
تتجسد في البيت العائلي .قد ُتمنح الأم دو ًرا والدهُ ،يؤكد انتماءه إلى فئة المزارعين الفقراء ،الذين
أكبر من دورها المعتاد في حالة وفاة الأب، ُيعولون في تحصيل الرزق ،على فلح مساحة صغيرة
كما هو الشأن في عائلة الأعرج .فتقوم الأم
مقامه شرط تخليها عن معالم أنوثتها ورقتها من الأرض ،وعلى تربية قطيع صغير من الأغنام،
وعلى العمل في ضيعات الإقطاعيين .ومن الملاحظ أن
ولطفها .وتكتسب أثناء دورها الجديد خشونة هذه المنازل البدائية الفقيرة ،التي استعادتها ذاكرة
الرجل وصرامته ،بدليل قول الأعرج« :فجأة تحولت كاتب سيرته الذاتية ووظفتها ،في التعبير عن الطفولة
العائلة كلها إلى خلية حية لمواجهة قسوة الحياة. القاسية ،وظروف نشأته لم تكن تتوفر على غرفة
رجلها الأوحد أمي ،التي تخرج فجرا ،تعود مع خاصة بالمترجم لذاته .بل لم يكن بها سرير خاص
غياب الشمس إلى البيت ،متعبة ومنهكة الأطراف»(.)11 به .وكل ما في الأمر ،أن ضيق البيت ونقص أثاثه
وتتحول الجدة لتلعب دور الأم ،كي لا يختل التوازن.
وقد تتقمص الأم دور الأب وتكتسب صرامته، وتقادم تجهيزاته ،فرض على الفردي أن يشارك
وسلطته التأديبية والزجرية ،في حالات ضعفه الجماعي العائلي الغرفة والفراش ،مما ُيقلص من
ومرضه أو لطفه ووداعته كما هو الشأن بالنسبة إحساسه بتميز فرديته واختلافه عن الجماعي ،بدليل
إلى والد جبرا ،الذي لم يمسسه بسوء طيلة حياته: قول جبرا« :نام أفراد العائلة كلهم وأنا أتقلب على
«لم يرفع يو ًما يده عليَّ ،مهما فعلت .ولم يصرخ الفراش قرب أبي ( )..ولما استيقظ ُت في الصباح التالي
بي قط صرخة غضب»( .)12وفي المقابل يحضر والد وجدتني وحدي على الفراش الملقى على الأرض»(،)10
الربيعي بكل صرامته وسلطته الأبوية ،التي يفرضها وهذه الوضعية الاجتماعية المتردية ،من شأنها تعميق
على أهل بيته ،وخاصة حينما ضبطه رفق زميلته في
طريق العودة من المدرسة إلى البيت ،لقوله« :التقيت التقارب بين الفردي والجماعي.
بابنة الجيران ،وكانت في مثل عمري وبدأت معها إن المكان الذي ُتعبر عنه مساكنه البدائية ،في الريف
حوا ًرا ونحن نتهادى في مشيتنا ( )..ولكن ترتب
عليه عقاب من أبي ،ضرب بالعصا وحرمان من
الطعام»( ،)13ومن خلال فرض سلطته على زوجته