Page 300 - RAYA 43 small 1
P. 300

‫ورو�سيا والأردن من التو�صل �إل�ى اتفاق يق�ضي بتخفيف القتال ب�شك ٍل‬                ‫لت�سليح بع�ض المتمردين‪ ،‬لكن النظام كان يتراجع مع تو ّغل المتمردين‬
‫كبير في جيوب البلاد‪ ،‬لل�سماح لنظام الأ�سد ب�ش ّن هجو ٍم �ض ّد الجماعة‬             ‫المدعومين من ال�ولاي�ات المتحدة في معقل العلويين‪ ،‬مما ه� ّدد القاعدة‬
‫الجهادية‪ .‬وا�ستنزف النظام جي�شه ا آلن‪ ،‬واعتمد جزئياً على الوحدات‬                  ‫الطائفية للأ�سد‪ .‬وربما كان ذلك هو �سبب بدء ا أل�سد بالمماطلة في اتفاق‬
‫الرئي�سية للميلي�شيات ال�شيعية والوحدات التي تنظمها رو�سيا‪ .‬وكان من‬               ‫الأ�سلحة الكيميائية‪ ،‬وعدم وفائه بالمواعيد النهائية لنقل المخزونات �إلى‬
‫المتوقع �أن تر ّحب المناطق ال�ُّسنية المُح ّررة بعد ذلك من تنظيم «الدولة‬          ‫خارج البلاد حتى مع ظهورالتقارير التي �أفادت ب�أنه لم يعلن عن جميع‬
‫الإ��س�الم�ي�ة»‪ ،‬بالهجوم ال�ذي �ش ّنه النظام‪ ،‬ولكن وح�شية نظام الأ��س�د‪،‬‬
‫با إل�ضافة إ�ل�ى التركيبة ال�شيعية للقوات المدعومة من إ�ي�ران القادمة‬                                                     ‫تلك المخزونات‪.‬‬
‫لاحتلال المناطق العربية ال�ُّسنية‪ ،‬ت�س ّببتا في نزوح معظم الم�شردين داخلياً‬
                                                                                  ‫وانطلقت أ�جرا�س الإنذار في مو�سكو‪ ،‬ولكن ب�سبب م�شكل ٍة �أخرى‪ .‬فلم‬
                       ‫نحو المناطق التي يهيمن عليها ا ألكراد‪.‬‬                     ‫�سوريا‬   ‫حيال كون حليفتها‬      ‫رو�سيا في وتيرة تنفيذ الاتفاق‪ ،‬بل‬                 ‫فييكممنوققلٍفق‬
                                                                                  ‫وكانت‬    ‫المنت�شرة مح�دود ًة‪،‬‬  ‫خطير‪ :‬فقد كانت قوتها الب�شرية‬
                                                                                  ‫تخ�سر ا ألرا�ضي‪ ،‬حتى مع دعم الميلي�شيات المدعومة من إ�يران‪ .‬وبعد �أيا ٍم‬
‫ومع ذلك‪ ،‬لم ي�ش ّكل تنظيم «الدولة الإ�سلامية» الأولوية الوحيدة‬                    ‫فقط من توقيع الولايات المتحدة على الاتفاق النووي الإيراني عام ‪،2015‬‬
‫للنظام‪� ،‬أو حتى أ�ول�وي�ت�ه الأ�سا�سية‪ .‬ففي مطلع ع�ام ‪� ،2018‬ش ّن نظام‬            ‫ا�س إلا�فسرلاقام�سي»ما�سلإلييرامانني‪،‬ي‪ ،‬إ�لقاىئدمو�جسنكاوح‪.‬الوعفيمليغا�توضالنخ�اشره ٍجريتةقلـري«بااً‪،‬ل �أحنر��ش أ�ستالرثوو�رسييا‬
‫ا أل��س�د ه�ج�وم�اً للا�ستيلاء على جيب ال�غ�وط�ة‪ ،‬ال�ذي ك�ان حينها �آخ�ر‬          ‫قاعد ًة في معقل العلويين المه ّدد في اللاذقية على �ساحل البحر المتو�سط‪.‬‬
‫مكان تواجد أ��سا�سي للمعار�ضة بالقرب من العا�صمة ال�سورية وموقع‬                   ‫وفي خريف ع�ام ‪ ،2015‬أ��سقطت الطائرات الرو�سية قنابل «وهمية» من‬
‫الهجوم بالأ�سلحة الكيميائية ع�ام ‪ .2013‬وتم� ّك�ن النظام والميلي�شيات‬              ‫فترة حرب فيتنام لدعم نظام الأ�سد والقوات ا إليرانية في جميع �أنحاء‬
‫المرتبطة به المدعومة من إ�ي�ران من �شق الجيب إ�ل�ى ق�سمين في الوقت‬                ‫ل أل�سد‬  ‫و�سمح‬  ‫في اللاذقية‬    ‫باخل�تساقئدرما�لشنماظال ًام‬  ‫ببطء‬    ‫�سوريا‪ ،‬ا ألمر الذي عك�س‬
‫الذي حاولت فيه رو�سيا التو�سط لإجلاء المدنيين والمقاتلين �إلى مناطق‬                                ‫�إلى حلب‪.‬‬                                  ‫�إيران‬  ‫والجماعات المدعومة من‬
‫�أخرى‪ .‬وعندما انهارت تلك المحادثات‪� ،‬ش ّن نظام ا أل�سد هجوماً ع�سكرياً‬
‫للا�ستيلاء على الغوطة بالقوة‪ .‬و أل�سبا ٍب تتع ّلق بالقوة الب�شرية المحدودة‪،‬‬       ‫�إلى وخقاردجفتّرر أ�ككياث ارلممجانورمةليووننح�وس �أوورريوبآ��اخ‪.‬رو ُقمتنلا أ�لكبثلارد‪،‬مونه‪5‬ر‪5‬ب أ�اللعفد�يسدورمينهفيم‬
‫أ�و الوح�شية المطلقة‪� ،‬أو كليهما‪ ،‬يبدو �أ ّن ا أل�سد قد لج�أ مر ًة �أخ�رى إ�لى‬    ‫عام ‪ 2015‬وحده‪ ،‬لي�صل �إجمالي عدد قتلى النزاع إ�لى �أكثر من ربع مليون‪،‬‬
‫ا أل�سلحة الكيميائية‪ ،‬مما أ��سفر عن مقتل الع�شرات‪ ،‬كما تخ ّطى من جديد‬
                                                                                          ‫با إل�ضافة إ�لى ما ُيق ّدر بنحو ‪ 100,000‬حالة وفاة غير مو ّثقة‪.‬‬
                        ‫الخط الأحمر الذي و�ضعته وا�شنطن‪.‬‬

‫وم�ر ًة �أخ�رى‪� ،‬أعقبت الهجوم �ضربات �أمريكية �ض ّد �أه�داف النظام‪.‬‬               ‫وب�د أ�ت ال�ولاي�ات المتحدة المثقلة الآن بعبء هزيمة تنظيم «الدولة‬
‫وفي م�ساء يوم جمعة‪ ،‬و�صف وزير الدفاع الأمريكي جيم�س ماتي�س تلك‬                    ‫اوما إل��حش�سنالداطث�مانيٍتةم»ع إلونك�د ّهل�ع�اءمم اناللمرعح�وا��ررس�يبضا‪،‬ةو إ�اح�يلت�ر�اسىونرمف�ييعة‪،‬ام��بساح�الت�او�مل�سٍةرتاعلرودارقدو��فلس�ل�إي�تاطرلافايجققعا‪.‬ل�صنواارفنوخمإ��روجاطرق�اءتع‬
‫الهجمات ب�أنها «لمرة واحدة» وتهدف �إلى ردع ا�ستخدام الأ�سلحة الكيميائية‪.‬‬          ‫المتمردين‪ ،‬مما �سمح لما تب ّقى من جي�ش الأ�سد ومجموعة من الميلي�شيات‬
‫ولكن ب�صرف النظر ع ّما �سيحدث بعد ذل�ك‪ ،‬ف��إن تلك الأ�سلحة لي�ست‬                  ‫المدعومة من �إيران‪ ،‬بما فيها «حزب الله» ب�إجبار المتمردين على التراجع‪.‬‬
‫�سوى جزء ُمريع من ت�سوية الحرب الأهلية ال�سورية‪ .‬ويمكن القول إ� ّن‬                ‫وبحلول �صيف ع�ام ‪ ،2016‬حا�صرت ه�ذه ال�ق�وة المختلطة ��ش�رق حلب‪.‬‬
‫هذه الحرب هي أ�كبر كارثة �إن�سانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية‪.‬‬          ‫أ�حد‬  ‫تتح ّدى‬   ‫وحفليفاائلوهاق‪،‬تفقنفد�سغهزكتانتتركايلاول�اسيوارتياالمفتعلحياًدةلتكريىتمجنهع ًةال�أقخ�وارتى‬
‫فيبلغ عدد القتلى حتى الآن حوالي ن�صف مليون �شخ�ص‪ ،‬على الرغم من‬                    ‫من‬    ‫المدعومة‬
‫توقف ا ألم�م المتحدة عن التعداد‪ .‬وهناك ع�دد لا ُيح�صى من الجرحى‬                   ‫الولايات المتحدة وتلك التي يهيمن عليها الأك�راد من توطيد �سيطرتها‬
‫والم�ف�ق�ودي�ن‪ .‬وي�يرش تقرير للحكومة ا ألم�ري�ك�ي�ة إ�ل�ى �أن ن�ظ�ام الأ��س�د‬     ‫ع�ل�ى الأرا��ض�ي ال�ت�اب�ع�ة لتلك ال�ق�وات‪ .‬ور ّك��ز الأم�ري�ك�ي�ون ع�ل�ى نتيجة‬
‫ي�ستخدم محرق ًة للجثث بالقرب من «�سجن �صيدنايا» خارج دم�شق‪ ،‬و أ� ّنه‬              ‫الانتخابات الرئا�سية لعام ‪ ،2016‬في حين ر ّكز ال�سوريون على الفرار‪ ،‬مع‬
‫قد لا يت ّم العثور بتاتاً على العديد من رفاتهم‪ .‬و ُيق ّدر «المف ّو�ض ال�سامي‬      ‫هروب ما يقرب من ‪ 11‬مليون �سوري ‪ -‬أ�ي ن�صف عدد �سكان �سوريا قبل‬
‫للأمم المتحدة ل�ش�ؤون اللاجئين» �أ ّن حوالي ‪ 13.1‬مليون �سوري بحاجة‬                ‫الحرب ‪ -‬إ�لى البلدان المجاورة �أو داخل �سوريا‪ .‬وفي أ�واخ�ر كانون الأول‪/‬‬
‫إ�لى الم�ساعدة ا إلن�سانية‪ ،‬و أ� ّن هناك �أكثر من ‪ 6‬ملايين م�شرد داخلياً و‪5‬‬       ‫دي�سمبر‪� ،‬سقطت مدينة حلب فذهب ا آللاف من المعار�ضين إ�لى محافظة‬
‫ملايين �شخ�ص م�سجل كلاجئ‪ .‬ولا ي�زال مئات الآلاف غير م�سجلين‪.‬‬                      ‫�س ُيحا�صرون‬    ‫�أنهم‬  ‫للأ�سد‬  ‫الموالين‬  ‫المع ّلقين‬         ‫من‬      ‫العديد‬  ‫زعم‬  ‫إ�دل�ب‪ ،‬حيث‬
‫ويتجاوز عدد اللاجئين ال�سوريين في لبنان اليوم ربع عدد �سكان البلاد‪،‬‬                                                                                                ‫و ُيذبحون‪.‬‬

                         ‫في حين �أ ّن العدد أ�قل بقليل في ا ألردن‪.‬‬

‫إ�ن الواقع رهيب بما فيه الكفاية‪ .‬ولكن في الوقت نف�سه‪ ،‬ف�إن الطريقة‬                ‫وم�ع ت��وليّ ال�رئ�ي���س ا ألم�ري�ك�ي دون�ال�د ت�رام�ب م�ق�ال�ي�د الح�ك�م في‬
‫التي «تنتهي بها الحرب ا ألهلية ال�سورية ب�وصرة تدريجية»غير مقبولة‬                 ‫يوا�س�شينططرن‪،‬عليحه ّاو اللمتنمظرادموانلأف�يسدجانوهتبماغمرهب�إ�لسىوريما احلامتفاظخةم إ�ةدل�إل�سبراوائلمينال وطاق ألارلدتن‪.‬ي‬
‫على نح ٍو متزايد من قبل دول المنطقة‪ .‬ف إ��سرائيل‪ ،‬التي ت�شعر بالقلق‬               ‫ولكن نظرة فاح�صة إ�لى تركبية القوات التي قامت بتلك الهجمات ُتظهر‬
‫من ت�صاعد عدد الميلي�شيات ا إليرانية والنفوذ في �سوريا‪ ،‬تقوم بعمليات‬              ‫وجود عن�صر �أكبر مدعوم من �إيران و«حزب الله» أ�كثر من أ�ي وقت م�ضى‪.‬‬
‫ق�صف في تلك البلاد كما لم ي�سبق لها من قبل‪� .‬أ ّم�ا تركيا التي ت�شعر‬              ‫�إلاّ أ� ّن المتمردين المدعومين من ال�ولاي�ات المتحدة قاوموا تلك القوات‪،‬‬
‫بالقلق إ�زاء نمو القوات التي يهيمن عليها ا ألك�راد والتي ترتبط بعدو‬
‫أ�نقرة ال ّلدود «حزب العمال الكرد�ستاني»‪ ،‬فقد غزت �شمال غرب �سوريا‪،‬‬                       ‫ودفعوا النظام جنوباً على الرغم من الدعم الجوي الرو�سي‪.‬‬
‫و أ�خرجت الأك�راد من أ�ح�د معاقلهم في عفرين‪ ،‬وه�ددت بالقيام بالأمر‬
‫نف�سه في معق ٍل �آخ�ر في منبج‪ .‬وفي غ�وضن ذل�ك‪ ،‬لم تف�ِض المفاو�ضات في‬             ‫حالة رئي�سية‬    ‫لهجووكماكنيهميذاائهيوفايل��سسيوارقياالفذيينيو�اساجنه‪�/‬أتبفرييهل�إد‪7‬ا‪1‬رة‪20‬ترفايممبد أ�ي ّونةل‬
‫جنيف وغيرها �إلى وقف إ�طلاق نار قابل للا�ستمرار �أو �إلى أ�ي �شيء ي�شبه‬           ‫خان �شيخون‬
                                                                                  ‫فغيازماحألاعف�ظصاةبإ�دالل��سبا‪.‬ريو�أنّك‪�،‬ودهتوامألامد�ةمكاالمتنحمدنةالفميف اتلرن�هاضي�أةن�أ ّينتالخ ّلهىجوعمنهتا�نض ّظمانم‬
                                      ‫الت�سوية ال�سيا�سية‪.‬‬                        ‫ا أل�سد‪ .‬وبدل ًا من محاولة التو�صل إ�لى اتفاق‪ ،‬قرر ترامب إ�ر�سال طائرات‬

‫وعلى غ�رار الح�رب ا ألهلية في لبنان المجاور‪ُ ،‬تنذر «الح�رب الأهلية‬                                       ‫ل�ضرب القاعدة الجوية الم�س�ؤولة عن �ش ّن الهجوم‪.‬‬
‫مما ي�ؤدي إ�لى اندلاع حر ٍب‬  ‫إ�لى «حرب �سوريا»‪،‬‬     ‫بالت ّحول‬    ‫ال�سورية» ا آلن‬
‫و ُكتب للمدنيين لعنة العي�ش‬  ‫ت�ستم ّر لجي ٍل كامل‪.‬‬  ‫ُير ّجح �أن‬  ‫إ�قليمي ٍة كبرى‬  ‫وم�ع ذل�ك‪ ،‬وج�دت وا�شنطن نف�سها تح�ارب �أح�د أ�ع�داء الأ��س�د وهو‬
                                                    ‫والموت فيها كل يوم‪.‬‬           ‫تنظيم «الدولة ا إل�سلامية»‪ .‬وفي �صيف عام ‪ 2017‬تم ّكنت الولايات المتحدة‬

                                                                                                                  ‫‪300‬‬
   295   296   297   298   299   300   301   302   303   304   305