Page 228 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 228

‫بدات رحلة الشك فى المعلومات‬                                     ‫سيد القمنى‬
        ‫الشفوية والموثقة بالعديد من‬
‫الأسئلة‪ ،‬أولها كيف لشيطان أن يلعب‬
‫مع ماعز حول نخلة مباركة؟! ولماذا لم‬
   ‫يختر المثال جذع أى شجرة أخرى غير‬
‫النخلة مثًل؟ كما أن الأمر لو كان كذلك‬
     ‫فلماذا لم يختر اللون الأسود للرجل‬
     ‫والماعز على حد سواء‪ ..‬وهو اللون‬
‫المفضل لتصوير الشيطان والليل‪ ،‬وهو‬

                              ‫مجاله الحيوى‬

‫ومن أجمل المجموعات الهلينستية‬                                ‫اسمه‪.‬‬           ‫والتحقيق‪ ،‬وجدت أن التمثال‬
     ‫والتى تصور هذا الموضوع‬         ‫وقد شاع أنه يغفو ساعة القيلولة‪،‬‬      ‫الرخامى للإله اليونانى بان ‪Pan‬‬
      ‫مجموعة كشفت فى جزيرة‬
                                        ‫فاتخذ الرعاة منها فترة هدوء‬            ‫ولا علاقة له بأى شيطان!‬
 ‫ميلوس ومحفوظة الآن بالمتحف‬             ‫واستجمام كيلا يقلقوا ربهم‪.‬‬               ‫فما هى قصة هذا الإله؟‬
   ‫القومى بأثينا‪ ،‬ويصور النحت‬        ‫وصوره رعاياه على شكل إنسان‬
                                        ‫له قرنان قصيران ولحية كثة‬       ‫كان الإله هيرمس إله الخصب عند‬
 ‫أفروديت عارية تمسك بصندلها‬          ‫وساقا تيس‪ ،‬وتقترن به القيثارة‬        ‫اليونان‪ ،‬فأنجب بان ‪ Pan‬الذى‬
   ‫ترفعه لتضرب به بان‪ ،‬والذى‬        ‫وخطاف الراعى وثمرة الأناناس‪،‬‬
      ‫تصوره الإغريق كما سبق‬          ‫وكان يشارك التيوس فى صورة‬          ‫غدا بدوره إل ًها للرعاة والصيادين‬
    ‫وذكرنا بجسم إنسان وأرجل‬            ‫آذانها وسيقانها‪ ،‬بل فى طبعها‬        ‫فى أركاديا‪ ،‬ثم انتشرت عبادته‬
                                       ‫الحاد الشهوانى وفى فحولتها‪.‬‬        ‫وكهنته فى جميع أنحاء اليونان‪،‬‬
 ‫وأقدام حيوانية‪ ،‬ويظهر إيروس‬            ‫غير أن الرواة أجمعوا على أن‬         ‫فأقاموا له الصلوات فى المعابد‬
‫(أحدالآلهة الأولى فى الكون) طف ًل‬    ‫بان كان عاش ًقا فاش ًل يلاقى من‬         ‫والغابات والكهوف‪ ،‬وقدموا‬
 ‫طائ ًرا شار ًعا جناحيه يداعب بان‬     ‫عشيقاته كل صد وتجريح؛ فقد‬             ‫له القرابين من اللبن والعسل‬
                                     ‫عشق من بين من عشق الحورية‬             ‫والحملان‪ ،‬وغدا رم ًزا للطبيعة‪،‬‬
 ‫ممسكا بقرنيه ويبتسم ابتسامة‬          ‫إيكو ‪ Echo‬فصدته بجفاء‪ .‬ولما‬
                       ‫عابثه(‪.)6‬‬       ‫أيقن من إخفاقه فى حملها على‬       ‫وورث بان عن أبيه المرح فمضى‬
                                       ‫مطارحته غرامه‪ ،‬بل وحتى فى‬              ‫يتجول فى الغابات‪ ،‬يراقص‬
   ‫كما تأكد ل ًى أن العصا البارزة‬     ‫اغتصابها‪ ،‬بث الجنون فى عقول‬
 ‫التى بأحد طرفيها ثمرة منحوته‬        ‫الرعاة فانهالوا عليها ضر ًبا حتى‬      ‫الحوريات ويعزف على القيثارة‬
‫(كما جاء فى سجلات قيد الآثار)‬         ‫مزقوا جسدها الشهى إر ًبا إر ًبا‪،‬‬      ‫والمزمار أجزل النغم ويحسن‬
                                    ‫ولم يخلد من بعدها سوى صوتها‬                  ‫التنبؤ وتفسير الأحلام‪.‬‬
   ‫بالقاعدة بين الرجل والماعز ما‬      ‫الذى يتردد فى رجع الصدى(‪.)5‬‬             ‫وقد وكلت إليه مهام رعاية‬
 ‫هى إلا الآلة الموسيقية للإله بان‪،‬‬                                          ‫القطعان وتنبيه المسافرين إلى‬
‫فالعصا البارزة بها فتحات ضيقة‬                                               ‫الخطر المحدق‪ ،‬وذلك بأن يبث‬
                                                                           ‫الفزع فى قلوبهم‪ ،‬وهكذا اشتق‬
  ‫وتنتهى بجزء منتفخ كالقيثارة‬                                                ‫أسم الفزع بانيك ‪ Panic‬من‬
       ‫(قيثارى الشكل ‪)Lyrate‬‬
   223   224   225   226   227   228   229   230