Page 224 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 224
العـدد 23 222
نوفمبر ٢٠٢٠
من ثلاث ِة طوابق؛ ويقود التدقيق في للفنان .وبما أ ّن الفضاء هو كروي الأخرى فراغيًّا بقل ِم رصاص ،إثر زواحف
فإن القوانين الرياضية فيه تخضع قيامهما من المستوي عند المعصم. ()1943
نقاط ارتكاز أعمدة العقود في الطابق وكأ َّن الشكلين ،الفراغي والمستوي،
الثاني ،إلى إدرا ِك استحال ِة تح ِّقق للهندسة الإهليلجيّة ،التي تخرق
مسلمة التوازي الإقليد ّية ،حيث لا يك ّمل إحداهما الآخر ويعمل على
هذا البناء في عالمنا ..استحالة يرمز وجود لخطو ٍط متوازي ٍة ،لذلك يلتقي تحقيقه ،فلا وجود لأحدهما دون
ر ّفا المكتبة ،وتتقوس الخطوط التي
لها المكعب الذي ُيمسك به الرجل وجو ِد الآخر.
الجالس على الد َّكة :إ ّنه «المكعب يفترض أ ّنها مستقيمة. وراح إيشر ين ّوع على الشكل،
ولا يتوقف إيشر عن ابتكار العوالم، وراحت التص ّورات تتوالد في ذهنه،
المستحيل» :مستحي ٌل بيد أ ّنه متحقق إلى الح ّد الذي ض ّمن اللوحة الواحدة
ففي عمله «نسبيّة» (،)1953 الهندسة الإقليد ّية (مستوية ثنائيّة
في الفن. يماثل كل شخص مرسوم الآخر الأبعاد) ،والهندسة الفراغيّة (ثلاثيّة
ويساويه ،بيد أنه يتمايز عنه بمركز الأبعاد) ،والهندسة اللاإقليد ّية
قبل أن أختتم المقالة ،أود الحديث جاذبيّة خاص به ،وبالتالي له أفقيته (الهندسة الإهليلجيّة ،والزائد ّية).
وعموديته النسبيّة ،بالتالي تمايزه جاع ًل من عوالمه التشكيليّة انفتا ًحا
عن العمل المعروف بـ»العوالم واختلافه .وكأن إيشر يقول إ ّن على إمكانيّة تح ّق ِق المستحيل حتى
الثلاثة» ( )1955وفيه :أ ّو ًل ،العالم لو كان حب ًرا على ورق؛ فالفضاءات
المنعكس على سطح أمواج البحيرة؛ نقيض المساواة والتماثل ليس المرسومة بأسلوب الواقعيّة ،ود ّقة
الاختلاف ،بل اللامساواة. الحسبان الهندس ّي تلتوي ،وتخاتل،
وهو عالم الغابة غير المرئي خارج أما لوحة «صعو ٌد وهبو ٌط» وتميل مستجيب ًة لاحتما ِل تع ّد ِد
القواني ِن الرياضيّة ،وبالتالي تع ّد ِد
اللوحة (تستدعي نظرية الكهف ( ،)1960فث ّمة در ٌج على سطح بناء؛ العوالم التي تقوم عليها .على سبيل
ورت ٌل من الأشخاص الصاعدين المثال في «يد مع كر ٍة عاكسة»
الأفلاطونيّة) .ثانيًّا ،العالم المتبدي عليه ،معادل لرت ِل النازلين منه. ( ،)1935يميّ ُز المشاه ُد ي ًدا تحمل
على سطح البحيرة حيث تطفو ويمكن تمييز شخص على شرفة كر ًة ،ويستبين أ ّنها لإيشر نفسه،
وأ َّن الرسم هو تصوير ذات ّي
الأوراق المتساقطة (توعز بالزمن الطابق الثاني متفك ًرا بهذه الحركة،
القابل للقياس ممث ًل بالخريف). ومحاو ًل إيجاد ح ٍّل لتطابق الصعود
ثالثًا ،العالم العميق تحت سطح
الماء ،وتد ّل عليه السمكة السابحة. مع الهبوط ،والعكس صحيح.
و َيخلُص المتف ّحص إلى أن المنظور أما الشخص في الأسفل فيجثم
الذي يطبَّق على أشجار الغابة ُمغاير مستسل ًما لفكرة
لمنظو ِر السمكة؛ ذلك أن توحيد اللاجدوى في التف ّكر.
إ ّن ديمومة الصعود
المنظور سيؤدي إلى اختفاء السمكة المعادلة للهبوط في
هذه اللوحة ،تقربها
في العمق وعدم رؤيتها .هكذا تلاعب من وجود ّية كامي
من حيث دلالتها
إيشر على الإيهام وكسر إيهام م ًعا، السيزيفيّة .أما في
وو ّجه للمتلقي الدعوة لاستقبال لوحة Belvedere
( ،)1958وتعني
واقعه الفني على نحو مغاير للمعتاد،
«منظ ٌر جمي ٌل»
والتأمل في عوالمه وكيفيّة الإعلان بالايطاليّة ،فيلاحظ
عن قولها .ولعل رسوم إيشر الناظر عمار ًة واقعيّة
تستحضر قول الشاعر الفرنسي
بول إيلوار« :ث ّمة عوالم أخرى ،بيد
أ ّنها في هذا العالم» ..ولعل في لوحة
«مقلة» ( )1946التي تنطبع على
بؤبؤها جمجمةَ ،ت َو ّس ًما للهاجس
الذي دفعه إلى تفكيك اللانهائيّة