Page 221 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 221
219 ثقافات وفنون
فن تشكيلي
أعماله لاح ًقا. يدو ًّيا عبر سيرورة
يد ّل التأمل في اشتغا ٍل شاق ،وتأ ٍّن
دقيق ،دام لأشه ٍر عدة؛
الرسوم الإيطاليّة بد ًءا من الحسابات
إلى تم ّك ِن إيشر م ْن الرياضيّة ،إلى رسم
أدوا ِته التقنيّة ،على التصميم على الورق،
أ َّنه يبوح كذلك بنف ٍس ثم الحفر اليدو ّي على
َأ ِرقة ،لا تزال تتحرى الحجر ،Lithography
أو النقش على الخشب
وتفتش عن فردانيّة مقلة ،Woodcutحتى الطباعة آخر
تو ِقي ِعها؛ ولن يكون ذلك
إلا مع عام ،1936آن زيار ِته قصر في مجم ِل أعماله ،ث ّمة حوا ٌر مستم ٌر الأمر.
بين التكوين الفن ّي والمعرف ِة العقليّة، تستمد عوالمه مرجعيّتها من
الحمراء :زيار ٌة أ ْش َبه ما تكون الأمر الذي يجعل من منج ِزه سجا ًل «اللانهائيّة» ذاتها ،ومن الحقائق
بخلو ٍة ،وا ْن ِقشا ِع َغ َما َم ٍة ،و َت َج ِّل التي ترعاها الرياضيات .وتتب ّدى
الشك ِل الذي يح ّب .وغد ْت اللحظ ُة َم ْح ُمو ًما بين «ف ّن الشعر» والعلم؛ كما لو أ ّنها تلاع ٌب شكلان ّي خال ٌص
الغرناطيّة نقط َة انعطا ٍف حاسمة؛ ل َيخلُص إيشر إلى توحي ِد أقطا ِب بالنسبة للبع ِض؛ أو تمي ُل نحو
َف َق ْد تناه ْت إليه الإجابة عن بحث ِه، الوجود ّية فلسفيًّا وفق وجها ِت نظ ٍر
الكو ِن موإنصجغاه ِئِةهالل َفت ْرن ِاجليِأ ِعندَأل ْسصدّايِ.ء هذا السجال في اللوحة ،ونيل مرا ِمه أخرى؛ أو تتكئ على باطنيّ ٍة هندسيّ ٍة
هكذا وجد منها :تفكي ُك اللانهائيّ ِة رس ًما. غامض ٍة ،أو سورياليّة بعيدة
نف َسه َو ْج ًها لِ َو ْج ٍه أمام الحلو ِل المنا ِل ..ولكنها عوالم أصيلة وبديعة
الجماليّة التي ط ّورها المسلمون عبر لا َي ُحو ُل فعله الإبداعي ُدو َن القول واستحالتها متحققة فنيًّا ،ومن هنا
الأشكا ِل الهندسيّة والنباتيّة ،والتي إ َّن سيرته الجماليّة لم تتأ َّتى دفع ًة يتأتى جاذ ُبها الأساس الذي لا يني
ازدهر ْت بفع ِل التقييد على التصوير
البشر ّي والحيوان ّي؛ فاندف َع في واحد ًة ،بل شهد ْت انعطافا ٍت عن المناجا ِة والإدهاش.
إِ ْع َما ِل البصر والتب ّصر في رسو ِم زمكانيّ ٍة هام ٍة .بادئ ذي بدء ،في كان العن ُف سم َة تاري ِخ الأماكن
عام 1919شر َع بدراس ِة الهندس ِة
ال َزلِّيج ،والتشكيلا ِت الزخرفيّ ِة، المعمار ّية ،ليهجرها ويتتلمذ على التي أقام فيها أو زارها ،من
ي ِد المصم ِم صموئيل جيسورون الفاشيّة في إيطاليا ،إلى المناخ المهدد
بالحرب الأهليّة في إسبانيا؛ إلا أ ّن
دي مسكيتا (،)1944 -1868 إيشر كان ينطوي على فنّه وهام ِش
الذي كان له دو ٌر بار ٌز في دفعه إلى مفر ِده ليح ِّقق ما يح ّب ويريد .وقد
ص ّرح أكثر م ْن م ّر ٍة أ َّنه غير مهت ٍم
الجرافيك .وفي عام ،1922اختار
جنوب إيطاليا للإقامة ،ولم يبرحها بالواق ِع المباشر ،ولا َيش َغله علم
إ ّل سنة 1935مع توتر الأوضاع النفس الرائج في زمنه ،ولا ُيبالي
السياسيّة .وطوال الفترة الإيطاليّة، ابلذتائيق ِةت اخلنطارسع؛لىفقباطلِهي،هوجتأ ُتسيباإللأيه؛شياء
ولهذه الأشياء ك ّر َس جه َده وأنش َأ
َح َر َص على مشابه ِة الواق ِع في كو َنه الفن ّي .ومع انطوائيّ ِة إيشر
رسومه عام ًة ،وانهم َك بتصوي ِر
المناظ ِر المتوسطيّة ،و َج َذ َبه المؤث ُر نحن في حضر ِة فنا ٍن صانع
العربي في عمار ِة صقلية ،خاص ًة (ديميورغوس) :حرف ٌّي خال ٌق للوه ِم
الدور المقبّبة ،ومن الواضح أ َّنه
اِ َّط َل َع على رسوم الفنان بيرانيزي بامتياز ،وناط ٌق بجمي ٍل فريد.
( ،)1778 -1720على نحو خاص
«السجون المبتكرة» بسلا ِلِها المميزة،
والتي ستحضر كتنا ٍص في بع ِض
تقسيم منتظم II