Page 222 - ميريت الثقافية- العدد 23 نوفمبر 2020
P. 222
العـدد 23 220
نوفمبر ٢٠٢٠
يكمن في سلسل ِة في ال ُثبات ،وفي الكو ِن التشكيليّ و ِص َي ِغ التوري ِق النباتي في الحمراء؛ Belvedere
رسو ِمه المعنونة المنفت ِح؛ ُمع ِّش َق ًة بذلك السكون والاِ ْستِغرا ِق في ال َت ْرصي ِف أو ()1958
«تقسيم منتظم والحركة في تكام ٍل تناغ ٍم ،وتواز ٍن
للمستوي» والتي تناظ ٍر ،وتماث ٍل تناس ٍق .وهذه النزعة ال َت ْبلي ِط الفسيفسائ ّي ،Tessellation
بدأها سنة .1936 الزخرفيّة ،بجان ٍب م ْن جوانبها ،هي وهو تغطي ُة سط ٍح مست ٍو ببلاطات
كما أ ّنه استفاد احتفا ٌء بهيج بثنائيا ِت (الجوهر صغير ٍة بحيث تتداخل دون
والمادة) ،و(ما ُيع َرف ،وما ُي َرى). فراغات.
من إمكانيات في معرض الحديث هنا ،أشي ُر إلى
تطبيقات المنظور أ ّن تفسير بعض الب ّحاثة الأوروبيين من المعروف أ ّن الف ّن الإسلام ّي رأى
الهندسي ،وأعاد في العنصر التزيين ّي وحد ًة مستقل ًة،
توظيفها ،وإدراجها غيا ِب الفرا ِغ عن التصمي ِم
في ما تمثّله من الفن الإسلامي ،على أ ّنه «خو ٌف من تدخل في علاق ٍة خفيّ ٍة تشبِ ُكها
الأندلسي .وهنا ،أو ُّد الفرا ِغ» ،غير مقن ٍع ولا م ّوفق؛ ذلك مع العنصر الجمالي الذي يليها،
أ ْن ألف َت الانتباه إلى أ ّن أ ّن «الفراغ» لا ُيرهب الفنان المسلم، وتمن ُحها تلك ال ِس َمة بأ ّنها قائم ٌة
المنظور الهندس ّي في لأ ّنه (أي الفراغ) جز ٌء مك ّمل بل بذا ِتها ،إلا أ ّنها تتجه منفتح ًة نحو
القرن الخامس عشر، أ ِّس قو ِل الامتلاء في التزيين؛ فض ًل الك ّل التشكيليّ الذي ُيرى ،والذي
لم يتطور في الأكاديميّات العلميّة، عن كو ِنه يتمظه ُر بصر ًّيا ،ويتح ّرك بدو ِره يحافظ على انفتا ِحه إلى لا
بل على أيا ِدي الفنانين النهضويين، بتشكيليّته الخاصة ،بالتوافق مع نهائي ٍة ُتع َر ُف (بالعرفان) دون أ ْن
وبتأثي ٍر من نزع ِة محاكاة الواقع انسيابيّة الخ ّط التزيين ّي الموازي، ُترى ..وهكذا إلى لا نهائيّ ٍة مطلق ٍة إلى
وتحقيق الوهم الفن ّي. مراف ًقا له بكافة الاتجاهات نحو الله تعالى؛ فخطو ُط الزخرف فوق
بالمقابل ،استبد بإيشر هاجس المطلق «الجليل» .وأعتقد أن إيشر اللو ِح المستوي تتح ّرك ،وتتواشج
العلاق ِة بين السط ِح المستوي وفق مقايي ٍس رياضي ٍة محسوب ٍة
(وفق التصور الأندلس ّي) وبين أدر َك ذلك تما ًما. بدق ٍة ،وحركتها هذه َت ُب ُّث الحيا َة
المنظور الهندس ّي (وفق التصور وعليه ،تشير الأعمال التي بدأ
النهضو ّي) ،فأقام حوا ًرا بين الفنان بإنتاجها بعد زيارة الحمراء،
الهندس ِة المستو ّية والفراغيّة في إلى أ ّنه تع ّم َق في دراس ِة التبلي ِط
لوحا ٍت عدة .ومثالها السلسلة اأفلْلنفستسفكي َةفّش ُزفساخئت ُرّلي ِفهاهلاأكلنيردفلييّا ِةسالّضيتيّ،ةعا.وامولبستعمدوعع َب
المعنونة «تح ّول» التي بدأها عام السط ِح المستوي التي كان يتوق؛
،1939وض ّم َنها تص ّو َره حول تمثّ َلها ،ث ّم أعا َد إبدا َعها من جدي ٍد
ماهيّ ِة الوجود ،عبر السجال في أعما ٍل تحم ُل توقيعه المُفرد.
بين الشكلين الفراغي والمستوي وعلى ي ِده استحال ْت الأشكا ُل
والتح ّول المستمر بينهما .الأمر التجريد ّية الهندسيّة الأندلسيّة
الذي عالجه كذلك في لوحة صي ًغا مستج ّدة ،بعد أ ْن أح ّل
«زواحف» ( .)1943وفيها يرى العنصر الحيوان ّي مح ّل العنصر
المتلقي دفت َر رس ٍم ،يتب َّدى على الهندس ّي والنبات ّي .وعلى غرار
صفحتِه َر ْص ٌف ُم ْن َت َظ ٌم سداسي الفنان الأندلس ّي ،أولى إيشر عناي ًة
مكو ٌن من زواحف ثنائيّة الأبعاد. خاصة بتمثي ِل مفهوم اللانهائيّة
تأخذ الزواحف بالتحرك من على سط ِح لوح ٍة منتهي ِة الأبعا ِد
الحافة السفليّة للرسم؛ تتحول محددة .وخي ُر مثا ٍل على فعلِه هذا
(وقد نبت ْت لها أنياب تماسيح) إلى