Page 19 - Nn
P. 19

‫‪17‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

    ‫عدة عصابات تعمل وفق نظام محدد‪ ،‬كل منها‬                  ‫الرقمي الكمومي لعلمائنا ومفكرينا ومبدعينا‪.‬‬
  ‫يحاول أن يقدم خدماته ويحصل في الوقت نفسه‬              ‫وطب ًعا يتضح أن هذه مسابقات مدرسية وجامعية‬
‫على الثمن‪ ،‬وكل ذلك تحت رايات متعددة‪ ،‬من بينها‬
                                                          ‫تتوقف عند تقديم مقال أو بحث والحصول على‬
    ‫الدولة‪ ،‬والجمهورية الجديدة‪ ،‬والفن «الجميل»‪،‬‬             ‫شهادة تقدير وبعض التوصيات التي نعتبرها‬
     ‫و»صورة مصر»‪ ،‬و»سمعة مصر» وووووو‪..‬‬
  ‫وكان من الصعب الحديث عن الفيلم من دون أن‬              ‫نحن توصيات نافدة وتم تحقيقها‪ .‬وعندما أجهد ُت‬
     ‫يشاهده‪ .‬ولكن البروباجندا التي دارت وحملة‬          ‫نفسي قلي ًل وبحثت في أرشيفات السنوات السابقة‪،‬‬
     ‫«الميكروباصات» التي تم تدشينها ألقت بظلال‬
                                                           ‫اكتشفت الكارثة والمصيبة والجريمة‪ .‬أن كل ما‬
       ‫الشك على فنية الفيلم وجودته الإبداعية‪ .‬بل‬         ‫تم تناوله من اختراعات‪ ،‬وما تم الحديث عنه من‬
    ‫وأشاعت حالة من حالات تمجيد الفقر‪ ،‬وتمجيد‬              ‫اكتشافات‪ ،‬موجود بالنص وبالتفاصيل بأسماء‬
  ‫البدائية‪ ،‬وتمجيد العفوية‪ ،‬على الرغم من أن الفيلم‬     ‫أخرى في الصحف والمواقع الإلكترونية قبل سنوات‬

                   ‫قيد الأزمة «يستعرض الفقر»‪.‬‬                                                   ‫كثيرة!‬
‫لقد أظهرت جهود اللوبيات في مهرجان الجونة أننا‬
‫لا نزال ندمن تمجيد الطب البدائي في طنطا وتمجيد‬                     ‫أين المعركة؟!‬

   ‫المثال والنموذج اللذين تركهما لنا الدكتور محمد‬         ‫في ذروة اشتعال الفوضى والعشوائية المنظمتين‬
   ‫المشالي الشهير بطبيب الغلابة‪ ،‬وندمن الاقتصاد‬              ‫جي ًدا‪ ،‬توالت تساؤلات من قبيل‪ ،‬ما هي أبعاد‬
                                                           ‫هذه المعركة (هذا إذا كان هناك معركة فعلا)؟!‬
      ‫البدائي والأعمال الخيرية عند الحاج محمود‬
    ‫العربي‪ .‬نمنح أنفسنا أنوا ًطا وجوائز وشهادات‬           ‫هل سينتصر محمد حفظي ويتوج فيلم «ريش»‬
    ‫تقدير ونتحدث عن أنفسنا كما لم يتحدث أحد‪.‬‬                 ‫بالجائزة الكبرى لميكروباص الجونة‪ ،‬تمهي ًدا‬
  ‫نكذب وندلس ونردد أكاذيب وضلالات‪ ،‬ثم نقول‬
  ‫إننا لم نكن نعرف وإنهم خدعونا! فعن أي جوائز‬             ‫لترشيحه للأوسكار؟! هل سينتصر ميكروباص‬
‫عالمية كبرى يتحدث محمد حفظي؟! وعن أي جوائز‬                  ‫الجونة ويتم عرض فيلم «ريش» والإشادة به‬
‫عالمية كبرى وأولى ووحيدة ونادرة يتحدث «جنود»‬               ‫ومنحه جائزة؟! هل كان ترحيب وزارة الثقافة‬
   ‫الإعلام الذين لا يتحدثون أب ًدا إلا بالأزرار؟! هذا‬
    ‫الكلام لم يكن تشكي ًكا في «فنية» الفيلم الذي لم‬      ‫وهيئة الرقابة بالفيلم وتكريمهما له مؤش ًرا مه ًّما‬
   ‫يره أحد حتى تسريبه بالتزامن مع منحه جائزة‬           ‫وخ َّل ًقا لتقديم الفيلم مستقب ًل إلى الأوسكار‪ ،‬وقيام‬
 ‫مهرجان الجونة‪ .‬كان الفيلم الذي لم يره أحد بطل‬
‫كل حملة البروباجندا التي سبقت تسريبه وتتويجه‬               ‫كبار مسؤولي الدولة في المستقبل بمنح الممثلين‬
    ‫بالجائزة‪ .‬كان فيلما يشبه ميكروباص الساحل‬             ‫والمنتج أنواط العمل الاشتراكي وميداليات العمال‬
  ‫الذي تحدث عنه الجميع ولم يره أحد‪ .‬وظل كذلك‬              ‫والفلاحين وجنود أسطول بحر البلطيق وقاعدة‬
‫لعدة أيام‪ .‬لقد أفسدت اللوبيات والعصابات مجهود‬             ‫البدرشين البحرية؟! هل نجح النضال السياسي‬
‫الناس‪ ،‬واستخدمتهم في معارك وهمية‪ ،‬وفي حملات‬
   ‫إعلامية‪ ،‬وفي تصفية خلافات وصراعات لا ذنب‬                 ‫طويل المدى للمعارض محمد حفظي في تعرية‬
   ‫فيها لمخرج الفيلم الشاب الذي حصل على تكريم‬             ‫«طيور الظلام» وفضح «المطبلاتية» وإعلاء راية‬
    ‫وعلى جائزة أ ًّيا كان التكريم أو الجائزة‪ ،‬لكن لا‬       ‫الفن «الجميل»؟! هل من المعقول أن تقوم قائمة‬
    ‫يصح ولا يستقيم أب ًدا أن تجري عملية تضليل‬              ‫دولة بالكامل ضد ممثل بائس ر َّوج له إعلامي‬
  ‫وكذب ومبالغة‪ ،‬وأن يتم بناء الجمهورية الجديدة‬           ‫بائس‪ ،‬والاثنان لديهما انتماءات مضحكة ومثيرة‬
     ‫السعيدة والمجيدة على ضلالات وأكاذيب‪ ،‬لأن‬
    ‫عناوين صحف «الجمهورية الأولى» وشعاراتها‬                      ‫ومعروفة؟! وهل هذه هي المعركة فع ًل؟!‬
                                                       ‫لقد ظل الكلام يدور ليس عن «فنية» الفيلم‪ ،‬ولا عن‬
                                                        ‫مجهود المخرج الشاب‪ ،‬لأن حملة «الميكروباصات»‬

                                                             ‫بدأت قبل أن يتم تسريب الفيلم وقبل أن يتم‬
                                                         ‫منح الفيلم جائزة الجونة‪ .‬كل ما في الأمر أن هذا‬
                                                          ‫المخرج (سواء بعلمه أو بدون علمه) كان ضحية‬
   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24