Page 14 - Nn
P. 14

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪12‬‬

                                                           ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

   ‫فنية‪ .‬لكن كان هناك توجه «عنيف» لتمجيد بطلة‬                 ‫تدور في أماكن أخرى‪ ،‬ووفق جدول يتم الإعلان‬
  ‫فيلم «ريش» دميانة (أم ماريو) ليس فقط لصالح‬                    ‫عنه‪ .‬وعادة يجري كل يوم استعراض ملابس‬

      ‫العفوية والتلقائية‪ ،‬وإنما على حساب الممثلات‬           ‫وفساتين لأنه كما قلنا‪ ،‬إن المهرجانات هي نوع من‬
    ‫والنجمات‪ ،‬ووضعها في كفة‪ ،‬ووضعهن في كفة‬                    ‫أنواع تسويق النجوم والممثلين وإجراء تعارفات‬
   ‫ثانية‪ ،‬وتقديم هذا التناقض على اعتبار أنه متعلق‬                 ‫واتفاقات ومواعيد‪ ،‬وليس مطلو ًبا أن تناقش‬
 ‫بالجدية والإخلاص والأخلاق والفقر والموهبة من‬
   ‫جهة‪ ،‬وضد العهر والتعري والتفاهة والاستهتار‬               ‫الممثلات الأفلام أثناء حفل الافتتاح أو الختام‪ ،‬لأن‬
                                                                ‫هناك لجان قامت بعملها قبل الافتتاح واتخذت‬
                   ‫وانعدام الموهبة من جهة تانية!‬
  ‫كانت تجري عملية تجييش للشعبوية ولممارستها‬                 ‫قرارات‪ ،‬وسيتم الإعلان عنها طوال أيام المهرجان‪،‬‬
‫في أوسخ وأحط صورها وتجييش الناس وخداعهم‪.‬‬                          ‫وفي حفله الختامي‪ .‬لكن عملية دعم وتأجيج‬
 ‫بينما دميانه نصار ليست إطلا ًقا ممثلة عالمية‪ .‬إنها‬
 ‫ممثلة مغمورة ومبتدئة مثل أي ممثلة مغمورة من‬                    ‫الشعبوية والعشوائية والمزاج الديني المتطرف‬
                                                                 ‫أو الشعبوي الرديء‪ ،‬والكلام باستخفاف عن‬
     ‫الممكن أن تتاح لها الفرصة للعمل في المستقبل‪.‬‬           ‫أجساد النجمات والممثلات وفساتينهن‪ ،‬كان ينتشر‬
   ‫لقد قامت دميانه بدور‪ ،‬وتم عرض الفيلم خارج‬                   ‫بشكل مثير للتساؤلات‪ .‬وكان يتم تناول الكلام‬
   ‫مسابقة أحد المهرجانات في أسبوع اسمه أسبوع‬                 ‫على ملابس الممثلات بشكل مثير للرعب وبطريقة‬
                                                            ‫مبالغ فيها وكأنها مقصودة‪ .‬فالغوغاء والمتدينيون‬
      ‫النقاد‪ ،‬وحصل على جائزة هامشية متواضعة‬                   ‫بطبعهم والشعبويون ووسائل الإعلام الحكومية‬
  ‫لتشجيع الشباب في دول العالم الثالث‪ .‬لكن هناك‬
 ‫عملية نفخ ومبالغة في الجائزة بنتيجة نفوذ وتأثير‬                   ‫وغير الحكومية يسقطون النقد والمحاكمات‬
‫منتجيها المصريين‪ ،‬وتصويرها على أنها الأوسكار‪.‬‬                ‫الأخلاقية ليس فقط على الفنانات‪ ،‬وإنما أي ًضا على‬
‫وهناك تعمد لذكر اسم الجائزة بشكل خاطئ وغير‬                  ‫جميع النساء وفساتينهن بشكل عام‪ ،‬ثم يصدرون‬
 ‫دقيق لإعطاء انطباع بأنها أكبر جائزة في العالم في‬
   ‫أكبر مهرجان في العالم‪ ،‬بل وأهم من الأوسكار!‬                 ‫أحكا ًما أخلاقية وقيمية ودينية وعقائدية‪ ،‬تكون‬
  ‫وهذا غير صحيح إطلا ًقا‪ .‬ولكن في نهاية المطاف‪،‬‬            ‫نتيجتها ضرورة تحريم الفن مث ًل‪ ،‬أو وضع شروط‬
                                                            ‫للفن وللحريات ولارتداء الملابس وللنوم ولممارسة‬
     ‫ما علاقة الممثلة المغمورة التي جاءت من قرية‬
   ‫«البرشا» بالمنيا‪ ،‬بملابس الممثلات وبأجسادهن‪،‬‬                       ‫الحب والجنس وحركة السير والسلوك!‬
 ‫وماهي علاقة الفيلم الذي مثلت فيه دميانه‪ ،‬بجدية‬                    ‫كان من الطبيعي أن تنشغل ممثلات مصر‬
                                                                 ‫ونجماتها وضيوف مهرجان الجونة‪ ،‬مثل كل‬
     ‫وبسمعة ممثلات ونجمات مصر في الجونة أو‬                  ‫نجوم وممثلات وممثلي العالم كله في أي مهرجان‪،‬‬
  ‫خارج الجونة؟! فحصول فيلم «ريش» على جائزة‬                       ‫باستعراض فساتينهن وأجسادهن وجمالهن‬
                                                                ‫وزينتهن وشعورهن‪ .‬وهو ما يحدث أص ًل في‬
     ‫هامشية أو فرعية خارج المسابقة الرسمية في‬                    ‫كل مهرجانات العالم‪ ،‬ولا أحد يناقش الأفلام‬
  ‫مهرجان لا يعني إطلا ًقا أن المشاركين فيه أفضل‬               ‫وتوجهاتها ومدارسها في افتتاح المهرجانات‪ ،‬لأن‬
‫من غيرهم بسبب الملابس أو المساحات الظاهرة من‬                 ‫المهرجانات ببساطة لها وظائف أخرى‪ .‬وفي مقابل‬
‫أجسادهم أو استعراض الفساتين والثياب الأخرى‪،‬‬                  ‫انتقادات ومحاكمات الممثلات‪ ،‬كانت تجري عملية‬
‫ولا هم أحسن فنيًّا أو أقدر عل ًّميا وثقافيًّا وأخلاقيًّا‪.‬‬   ‫تمجيد البدائي والتلقائي والمغمور‪ .‬وهو أي ًضا غير‬
   ‫هذا خلط وشعبوية وسطحية‪ ،‬وتسرع وقصدية‬                     ‫الموجود إطلا ًقا في أي مهرجانات ولا في أي سينما‬
 ‫في إصدار أحكام لعبت دو ًرا ضد الفيلم ومخرجه‪،‬‬               ‫أو مسرح‪ .‬وإذا كان هناك شخص مبتدئ ومغمور‬
  ‫وضد البطلة المسكينة التي تم تدميرها عمليًّا على‬                 ‫أو تلقائي ولديه موهبة أو مقدمات لشيء ما‬
‫أيدي الجهلة والشعبويين والسطحيين والأخلاقيين‬                ‫إبداعي‪ ،‬فإنه يشرع بالتعليم والتعلم فو ًرا‪ ،‬وينتهج‬
  ‫حارسي الفضيلة والضمير‪ .‬والغريب أن هراءات‬                      ‫الطريق الطبيعي والفعال‪ ،‬ويشتغل على نفسه‪،‬‬
                                                            ‫لكي يستطيع أن يقدم كل ما لديه من إبداع وطاقة‬
      ‫كل هؤلاء أوصلت الممثلة المبتدئة المغمورة إلى‬
   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19