Page 17 - Nn
P. 17

‫‪15‬‬         ‫إبداع ومبدعون‬

           ‫رؤى نقدية‬

                                                                         ‫وزيرة الثقافة لشؤون السينما‪،‬‬

                                                                         ‫وكوكبة متميزة ومختارة جي ًدا‬
                                                                         ‫من السينمائيين! فهل يعتقد‬

                                                                         ‫أحد أن الفيلم يمكنه أن يضايق‬

                                                                         ‫الرقابة في مصر ورئيسها‬

                                                                         ‫خالد عبد الجليل؟ هل يمكن أن‬

                                                                          ‫ُيغضب الفيلم وزيرة الثقافة أو‬
                                                                         ‫سيادة الرئيس مث ًل؟! أما حكاية‬

                                                                         ‫الممثلين الخمسة المغمورين فكانت‬

                                                                         ‫مجرد بداية لاستفزاز الأحداث‬

                                                                         ‫والشروع في توزيع الأدوار‬

                                                                         ‫وتضخيم الأمور إلى حدها‬

                                                                         ‫الأقصى‪.‬‬

                                                                         ‫كان من الواضح أن هناك تعمد‬

                                                                         ‫لدفع الأحداث والأخبار والرأي‬

‫محمد حفظي‬  ‫سعيد شيمي‬                                         ‫يوسف شاهين‬  ‫العام في اتجاه مسارات بعينها‪.‬‬
                                                                          ‫وكان كل شيء يجري قبل أن‬

           ‫عرض فيلم «ريش» ليس بسبب الفيلم ولكن لأنه‬          ‫يتم تسريب نسخة من الفيلم وقبل أن يتم الإعلان‬

                                                             ‫عن فوز الفيلم في مهرجان الجونة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬كان‬

           ‫كان على ارتباط بموعد‪.‬‬                                         ‫من العبث الحديث عن «الفن والسينما» وعن‬

           ‫إ ًذا‪ ،‬فقد نزل أحدهم‪ ،‬وظل الباقون قيد التناول في‬  ‫شكل «الفقر» في الفيلم‪ .‬وانحصر الكلام حول‬

           ‫«ميكروباص محمد حفظي» إلى أن يتفرج الناس على وسائل الإعلام‪ ،‬حيث تحولت المعركة إلى معركة‬
‫الفيلم‪ ،‬وإلى أن يعلن أحد ما عن ماهية الجوائز التي مصيرية ووجودية بين ممثل بائس ومغمور اسمه‬
                                                             ‫حصل عليها الفيلم وما هي قيمتها‪ ،‬لأن كثيرين الآن‬
‫شريف منير وبين جحافل المثقفين ورواد السينما‬                    ‫يسافرون إلى دول مثل روسيا واليونان وقبرص‬
 ‫والفكر والعلوم الإنسانية والطبيعية وفيزياء الكم‬              ‫وجواتيمالا ويقولون إنهم حصلوا على جوائز قيمة‬
                                                                 ‫ونكتشف أنها جوائز استحدثت للتو من أجلهم‪.‬‬
    ‫والكائنات الفضائية‪ ،‬بينما ميكروباص الجونة‬                      ‫وهذا الأمر يعيد إلى الذاكرة أكاذيب منح فيلم‬
  ‫يسير في طريقه من دون أي منغصات‪ .‬وبطبيعة‬                      ‫«جميلة» ليوسف شاهين جائزة مهرجان موسكو‬
‫الأمر لا أحد كان يعرف آنذاك ماذا سيحدث عندما‬                  ‫عام ‪ ،1959‬لأن الفيلم لم يشارك أص ًل في المسابقة‬
                                                               ‫الرسمية‪ ،‬ولم يحصل على جائزة المهرجان‪ .‬لكنهم‬
    ‫ينتصر المثقفون ورواد الفكر والتنوير على هذا‬               ‫ظلوا طوال ما يقرب من ستين عا ًما يروجون بأنه‬
 ‫الممثل البائس الذي يمكن أن نكتشف فجأة أنه لم‬                 ‫كان أعظم فيلم‪ ،‬وأكبر فيلم وأول فيلم وحصل على‬
‫يقل نصف ما تم ترديده على لسانه‪ .‬بالضبط مثلما‬                                        ‫أكبر جائزة وأعظم جائزة‪.‬‬
 ‫حدث في موضوع «ميكروباص الساحل» الذي لم‬

                            ‫يكن موجو ًدا أص ًل!‬
    ‫في وسط عمليات النفخ والتضخيم هذه‪ ،‬يظهر‬

 ‫محمد حفظي أحد منتجي الفيلم‪ ،‬ورئيس مهرجان‬                    ‫ميكروباص أشرف عبد الباقي‬
‫القاهرة السينمائي‪ ،‬كمعارض ومناصر للفن الراقي‪،‬‬

‫وأحد محركات السينما المصرية نحو العالمية بأقل‬                            ‫نزل الممثل أشرف عبد الباقي من ميكروباص‬

           ‫التكاليف على الرغم من أن الأوراق الرسمية تقول‬                 ‫الجونة بسرعة البرق‪ ،‬إذ أعلن أنه غادر صالة‬
   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22