Page 42 - Nn
P. 42

‫ما يقدمه الفيلم عن عالم الفقراء‬
                                                          ‫ليس جدي ًدا‪ ،‬وتاريخ السينما‬

                                                       ‫المصرية يبدأ من زينب والحرام‬
                                                     ‫وأفواه وأرانب حتى أفلام الموجة‬
                                                     ‫الجديدة في السينما المصرية مع‬

                                                        ‫أفلام محمد خان وخيري بشارة‬
                                                     ‫وعاطف الطيب وغيرهم في‪ :‬يوم‬

                                                        ‫مر ويوم حلو‪ ،‬الكيت كات‪ ،‬عرق‬
                                                        ‫البلح‪ ،‬ليه يا بنفسج‪ ،‬يا دنيا يا‬

                                                                                   ‫غرامي‪.‬‬

   ‫فقي ًرا‪ ،‬لكنه ليس معد ًما‪ ،‬فهو رجل يعمل في مصنع‬     ‫في القسم ويكون هذا خيار قا ٍس‪ ،‬لكنه أكثر فنتازيا‪.‬‬
 ‫ولديه دخل ثابت وإن كان صغي ًرا‪ ،‬هذا الدخل يغطي‬          ‫إن خنق الزوج المريض الذي لا حول له ولا قوة‪،‬‬

       ‫الحاجات الأساسية لأسرته‪ ،‬لكنه يقتر عليهم‪،‬‬     ‫والاحتفال بذلك تعبير عن سكوباتية وتأكيد على بلادة‬
 ‫ويشتري لنفسه نظارة شمس وساعة ويشرب كوب‬                 ‫الروح والإحساس ولا علاقة له بالفقر المادي‪ ،‬لكنه‬
 ‫اللبن دون تعاطف مع أي من أطفاله أو مشاركة لهم‪،‬‬       ‫التصحر الروحي‪ ،‬أين الفنتازيا‪ ،‬إنها فنتازيا الأطفال‬
‫فالرجل يمثل المظهرية التي أصابت الكثيرين من فقراء‬           ‫في لعبة الاختفاء أو تمثيل العريس والعروسة‪.‬‬
 ‫مجتمعنا حيث يستدينون لإقامة عيد ميلاد‪ ،‬أو شراء‬       ‫ما يقدمه الفيلم عن عالم الفقراء ليس جدي ًدا‪ ،‬وتاريخ‬
 ‫تحفة كما يقول «شيك‪ ،‬وهتزين المكان»‪ ،‬المكان القبيح‬         ‫السينما المصرية يبدأ من زينب والحرام وأفواه‬
‫ذو الجدران الأسمنية والذي يخلو من طلاء أو لوحة‪،‬‬
  ‫فكيف ينام هذا الزوج الذي ينوي شراء فيلا وحمام‬      ‫وأرانب حتى أفلام الموجة الجديدة في السينما المصرية‬
‫سباحة لأبنائه لو أن معه نقو ًدا‪ ،‬وهم يشاهدون إحدى‬      ‫مع أفلام محمد خان وخيري بشارة وعاطف الطيب‬
                                                         ‫وغيرهم في‪ :‬يوم مر ويوم حلو‪ ،‬الكيت كات‪ ،‬عرق‬
     ‫الحلقات الأجنبية على شاشة التلفاز‪ ،‬فهل يقصد‬                  ‫البلح‪ ،‬ليه يا بنفسج‪ ،‬يا دنيا يا غرامي‪.‬‬
   ‫المخرج إدانة وسائل الإعلام التي حولت الفقراء إلى‬      ‫الفارق أن هذه الأفلام أصبحت جز ًءا من الذاكرة‬
 ‫مستهلكين مقلدين‪ ،‬وأفسدت ترتيب الأولويات لديهم‬             ‫المصرية لأنها تعاطفت مع الفقراء في محاولتهم‬
   ‫فيما يعرف في الدراسات الإعلامية بثورة التطلعات‬        ‫المستميتة للدفاع عن حقهم في الحياة‪ ،‬في الأحلام‪،‬‬
                                                         ‫لكن هذا الفيلم لا يقدم فقراء بل يقدم مغيبين عن‬
                                   ‫والاحباطات؟‬         ‫الوعي‪ ..‬وهو امتداد لأفلام اللمبي وغيره التي تقدم‬
  ‫والإفراط في تشويه الواقع‪ ،‬والاهتمام بعرض القبح‬        ‫تغييب الوعي في شكل كوميدي‪ ،‬في حين يقدم هذا‬
  ‫نهج له تواجد في الفنون الغربية وخاصة بعد نهاية‬       ‫الفيلم تغييب الوعي في شكل شديد القتامة‪ ،‬والقبح‪،‬‬
   ‫الحرب العالمية الثانية وما نتج عنها من دمار مادي‬     ‫ويستخدم الأسلوب الكاريكاتيري لتضخم العيوب‬
‫وتخريب معنوي للإنسان الحديث‪ ،‬أعمال رودان‪ ،‬فان‬            ‫والنواقص‪ ،‬فما نراه على الشاشة ليس فق ًرا‪ ،‬لكنه‬
  ‫جوخ‪« :‬آكلو البطاطس» و»الحذاء»‪ ،‬ونجد لها جذور‬           ‫انعدام وعي بأساسيات الحياة‪ ،‬والزوج قد يكون‬

     ‫في لوحات الرسام الإسباني دي جويا أثناء فترة‬
   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47