Page 44 - Nn
P. 44

‫العـدد ‪35‬‬   ‫‪42‬‬

                                                      ‫نوفمبر ‪٢٠٢1‬‬

 ‫بطانية‪ ،‬الموسيقى المبتهجة لم يتم قطعها مع اكتشاف‬     ‫ومن يقول إن هذه الزوجة أيقونة للمرأة المصرية‬
                            ‫الزوجة لحالة زوجها‪.‬‬
                                                      ‫المكافحة‪ ،‬لا يظلم المرأة المصرية‪ ،‬لكنه يظلم الأيقونة‪،‬‬
    ‫الصورة ليست مبتكرة‪ ،‬فمعظم المشهاد عبارة عن‬
‫لقطة طويلة‪ ،‬ليصبح المشهد واللقطة شيء واحد‪ .‬وهذا‬       ‫لم يقدم لنا الفيلم نم ًوا أو مراحل تشكل وعي المرأة‪،‬‬
 ‫التكنيك برع فيه المخرج السويدي «روى أندرسون»‪،‬‬        ‫فتصرفاتها بعد وفاة زوجها هي امتداد للتخبط‬

  ‫الذي نلاحظ التأثر به ولن أقول محاولة تقليده التي‬    ‫والعشوائية‪ ،‬وهي لا تختلف في نمط التفكير عن‬
‫لم ينجح فيها المخرج عمر الزهيري‪ ،‬لاختلاف التجربة‬
                                                      ‫زوجها‪ ،‬عندما قررت أن تتحرر اشترت لأولادها‬
     ‫والخبرة والدافع لاختيار هذا الأسلوب‪ .‬الإضاءة‬
   ‫الضبابية والألوان الرمادية المزرقة‪ ،‬تناسب برودة‬    ‫جاتوه‪ ،‬أو بيتزا‪ ،‬أي أنها ترسخ لنمط استهلاكي‪ ،‬لم‬
   ‫الدول الإسكندنافية‪ ،‬وهي جزء من ثقافة وموروث‬        ‫تشت ِر كراسات وألوا ًنا‪ ،‬منظ ًفا‪ ،‬كيس مخدة جديد‪،‬‬
  ‫الشعب هناك‪ ،‬لكنها تشعر المتلقي في البلاد المشمسة‬
                                                        ‫معط ًرا للجو‪ ،‬فاكهة‪ ،‬لماذا لم تذبح الدجاجة وتطعمها‬
                                      ‫بالاغتراب‪.‬‬      ‫لزوجها وأولادها بعد عثورها على الزوج قعي ًدا كسي ًحا‬
  ‫إن محاولة تقديم المشاهد على هيئة لوحات تستدعي‬       ‫بفمه المفتوح في حالة غيبوبة أقرب للموت؟ وتصوير‬
 ‫أن تحتوى اللقطة ما يجبر المشاهد على تأمل مكونات‬
  ‫الكادر‪ ،‬ويكون بطء الايقاع هو مكافأة للمشاهد كي‬      ‫حالته بهذه اللقطات‪ ،‬ذكرتني بلقطات محمود حميدة‬

     ‫يمكنه التفكير والتأمل فيما يقدمه له المشهد‪ ،‬هذا‬               ‫في فيلم «جنة الشياطين»‪.‬‬
 ‫الاختيار الفني يكون وليد أفكار المخرج التي يريد أن‬
‫يطرحها على مشاهديه‪ ،‬فما هي الأسئلة الوجودية التي‬      ‫أداء الممثلين في الفيلم لا يدل على سيطرة المخرج على‬

    ‫يطرحها فيلم ريش ويريد منا المخرج أن نتأملها؟‬      ‫أدواته‪ ،‬ويذكرني دو ًما بمشروعات التخرج‪ ،‬حيث‬
  ‫إن فقر التكوين أو قذارته لا يجعل لدى المتلقى هذه‬    ‫يمثل من يهوى التمثيل مجاملة لزملائه‪ ،‬كما لم يكن‬
   ‫الرغبة‪ ،‬بل يشعره بالملل‪ .‬وهناك فرق بين الطموح‬
                                                      ‫هناك حوار بين الممثلين‪ ،‬هناك دائ ًما جمل يلقيها‬
                       ‫لشيء والقدرة على تحقيقه‪.‬‬                    ‫شخص‪ ،‬أو جمل مبتورة‪ ،‬مفككة‪ ،‬مكررة‪.‬‬
‫فيلم «ريش» هو محاولة فنية‪ ،‬قد تروق للبعض‪،‬‬
                                                         ‫وقد لعبت الموسيقى التصويرية دو ًرا في كسر ملل‬
    ‫وقد يرى فيها آخرون‬                                ‫ورتابة الفيلم‪ ،‬استخدم المخرج موسيقى مبهجة‪ ،‬وكلها‬
     ‫مراهقة سينمائية‪ ،‬مع‬
     ‫التغاضي عن العوامل‬                               ‫موسيقى خارجية‪ ،‬عدا موسيقى عيد الميلاد‪ ،‬في بعض‬
      ‫المحيطة بإنتاج الفيلم‬
    ‫وتمويله‪ ،‬ما يعيب الفيلم‬                           ‫الأحيان بدت الموسيقى مقحمة كما في مشهد دخول‬
   ‫بالأساس هو أنه يستعير‬
   ‫صو ًرا وأط ًرا فنية يوظفها‬                         ‫الزوج في‬     ‫العاملين بالقسم وهم يحملون‬
 ‫في غير مكانها‪ ،‬من هنا يبدو‬
  ‫التهافت الفني للفيلم‪ ،‬وليس‬
 ‫تهافت الواقع الذي يقدمه‪ .‬قد‬
   ‫لا يكون دور الفن أن يجمل‬
 ‫أو يغير الواقع‪ ،‬ولكن ما فائدة‬
 ‫الفن إن لم يغرس بذور الوعي‬
    ‫في النفوس أو ينمي الذائقة‬

           ‫الجمالية للمتلقين؟!‬
   39   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49