Page 200 - m
P. 200
العـدد 55 198
يوليو ٢٠٢3 إن وظيفة كل إيديولوجيا
هي أن تجعل البشر يؤمنون
شركاء في صناعته كما
هم شركاء في استهلاكه بها على صعيد الأفكار،
ويعملون على تنفيذها على
والترويج له. أرض الواقع .وأفكار تلك
الإيديولوجيا لا تخرج كثي ًرا
-4الإنترنت
وتداعياته عن المنطق الاستهلاكي،
بحيث يبدو لنا أنها ليست
أي ًضا التجارة الجزئية إلى على صعيد شبكة الإنترنت،
%35من حجم التجارة أو تكنولوجيا الاتصال سوى ذلك النزوع الذي
العالمية التي تمت عبر تتمركز فيه الرغبة ،ومن
الإنترنت في عام ،2017 المعاصرة ،فقدت قدمت بلا ثم جاء انشغالها بالجانب
بزيادة حوالي خمسة شك خدمات هائلة للبشر
أضعاف عن المبيعات في في كافة المجالات ،ومنحتنا التطبيقي في مقدمة
برامج مجانية ذات فائدة الاهتمامات ،فالعلم يجب
.2007وتستحوذ الولايات أن يتم تصريفه في منتج
المتحدة الامريكية على %58 عظيمة ،وزودتنا بالمعارف في ما ،من ماكينة الحلاقة إلى
كافة التخصصات ،وخاصة ناطحات السحاب .والمنتج
من حجم تلك التجارة، لا قيمة له بدون وسائل
حيث تقدر المواقع التجارية الأخبار السياسية اليومية الدعاية ،تلك التي لا تنجح
الإليكترونية بها حوالي 250 واللحظية ،بصورة تجعل بدون تعظيم غريزة التملك
الفرد على دراية لحظية بما لديك ،وهذه الغريزة التي
ألف موقع ،فيما يشارك يحدث في جميع بقاع العالم، تنمو مع كل ما يمكن أن
الاتحاد الأوروبي بـ%17 أي تجعله مواطنًا عالميًّا آنيًا، تواجهه في كل مكان تقريبًا،
والشرق الأقصى بـ%17 مواطنًا حاض ًرا بكثافة في حتى يكاد يكون كل فرد
أي ًضا ،وبقية بلدان العالم لا اللحظة ،مما يجعل الحاضر في العالم -على الأقل الذين
تزيد مشاركتها عن %8فقط، لهم حظ امتلاك جهاز جوال
بما يؤكد استمرار الفجوة أكثر تضخ ًما في الوعي حديث -جز ًءا من المشروع
في المستقبل ،وبقاء تمركز الفردي .فأن يكون الفرد الرأسمالي الإيديولوجي،
قيادة العالم في القرن الحالي معاص ًرا أو عصر ًّيا ،تعني أن إن لم يكن بالفكر فبالتنفيذ،
في ثلاثة مناطق محددة، يكون على دراية بتقنية عمل
البرامج وكيفية الاستفادة كجزء من المنظومة عن
هي منبع التكنولوجيا، منها ،ومن ثم اتخذ مفهوم طريق الاستهلاك .إن شراء
ليظل العالم كما هو منقسم المعاصرة معيا ًرا تقنيًّا أكثر كارت مشفر لمشاهدة مباراة
بين فقراء الجنوب وأغنياء
منه إنسانيًّا. كرة قدم يحقق لك متعة
الشمال وأقصي الشرق. ووف ًقا لتقديرات الأكاديميان مستحدثة ،ولكنه أي ًضا يحقق
وذلك بسبب أن المشكلات
الأردنيان ،علي الزعبي لشركات معينة مبالغ طائلة
وأحمد النصر في كتابهما وأربا ًحا غير مسبوقة ،من
عن التسوق الإليكتروني أن خلال اشتراك ملايين البشر
معدلات استخدام الانترنت في كل بقاع الأرض ،هؤلاء
قفزت من 715مليون في البشر هم شركاء في المشروع
عام 2008إلى ما يزيد عن
مليارين ونصف المليار في الإيديولوجي الرأسمالي،
العام .2018فيما قفزت