Page 78 - m
P. 78

‫العـدد ‪56‬‬                         ‫‪76‬‬

                                   ‫أغسطس ‪٢٠٢3‬‬

‫عبد الحكم العلامي‬

‫ناي أبي‬

     ‫بالتوالي والتتابع ينتشرن‬            ‫هو نفسه الذي منذ أن ُقطع‬                    ‫كان لأبي ب ّرا ٌد‬
‫على النواصي والمداخل والربوع‬       ‫من حقول الغاب في أرض الأحباب‬                   ‫يس ِّوي فيه الشاي‬
                                                                       ‫على نار موقد من الطوب اللبن‬
               ‫والموائد إذ تع ُّد‬            ‫ورجيع صوته الشجي‬
            ‫والرواحل إذ توافي‬                    ‫يشكو لوعة الفراق‬                          ‫كان لنا‪،‬‬
            ‫بالحجيج الزائرين‬                                                               ‫في بيتنا‬
                                              ‫رجيع صوته الحزين!‬          ‫الموقد الذي كنَّا نلتف حوله‬
                         ‫هنا‬                     ‫أما عن ب َّراد الشاي‬             ‫عندما يشت ُّد البرد‬
                      ‫هنالك‪:‬‬                      ‫ذي اللون الأبيض‬                   ‫في ليالي الشتاء!‬
          ‫والمنشدون المادحون‬                                                            ‫لونه أبيض‬
                ‫وثلة الجوقات‬          ‫والذي كان يعلوه بعض الصدأ‬                        ‫ب َّراد الشاي‬
           ‫وجملة المتصافحين‬                       ‫فح ِّدث ولا حرج‪:‬‬             ‫ويعلوه بعض الصدأ‬
                     ‫وأنا هنا‪:‬‬                                             ‫وكان لأبي نا ٌي يعزف لي‬
    ‫أذكر أنني كن ُت ثالثًا لثلاثة‬        ‫عندما كن ُت أخلو به وحدي‬
       ‫في إحدى هذه الجوقات‪،‬‬        ‫كان يبوح لي بالخف ِّي من الأسرار‬                           ‫عليه‬
           ‫ضمن فتية للشيخ‪:‬‬                                             ‫هو نفسه النَّاي الذي قل ُت فيه‬
           ‫عبد الحميد أبو زيد‬         ‫فقد كان يأخذ بيدي إلى حانات‬
                  ‫صاحب أبي‬                                ‫النشاوى‬                       ‫وعنه مرة‪:‬‬
                    ‫كنَّا ثلاثة‪:‬‬                                                  ‫أقم لي حفلة النَّاي‬
                                          ‫في الهزيع الأخير من الليل‬
                          ‫أنا‬                ‫حانات الحضرة الزكية‬                            ‫يا أبي‬
                 ‫وسعد الدين‬                   ‫حي ُث زحمة الصفوف‪،‬‬           ‫فأنا أريد أن أرقص حتى‬
      ‫وجبريل الذي كنَّا نناديه‬
                                        ‫والبيارق والنمارق والدفوف‬                        ‫أقيم هواء‬
                        ‫خطأً‬                    ‫والصبية بالشارات‬                    ‫غير هذا الهواء؛‬
                     ‫بجبرين!‬                             ‫والأعلام‪:‬‬          ‫ذلك النَّاي الذي صادف ُت‬
                                                   ‫الصبية الروائح‪،‬‬     ‫مثي ًل له أثناء رحلتي إلى مقام‬
                                                 ‫والصبايا الغاديات‬
                                                                                            ‫مولانا‪:‬‬
                                            ‫وجوقة الألحان والأنغام‬              ‫جلال الدين الرومي‬
                                                   ‫وفسحة الأحلام‬
                                                  ‫ونساء أهل الح ِّي‬
   73   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83