Page 112 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 112

نظر ابو ع ر الى صدام ثم لي وقال مستغربا: »ايه الحكاية« عندها »تنحنح« صدام وقال السلام عليكم سيادة الرئيس، فأدار البكر كرسيه والسيجارة مشتعلة في فمه وقال: وعليكم السلام استريحوا استريحوا. بدأ ابو ع ر يحدثه عن الاوضاع في لبنان وان الكتائب حلفاء اسرائيل يحضرون لحرب على الفلسطيني  في لبنان، وانه يطمع بتأييده ومساندة العراق للكفاح الفلسطيني... هنا اطفأ البكر سيجارته بعد ان اشعل سيجارة اخرى وقال اسمع يا ابو ع ر: »لا تقولي تريدون مساعدات و كن جاي تطالب بقوات عراقية تحارب عنكم، انا ما راح انطيك شيء، الا لما ترتبوا موضوع الوحدة ب  الفلسطيني ،... بتقدر تقول لي شلون تبون تنتصرون وانتم عندكم خمس  تنظيم!!، يا اخي انت رئيس لفتح وللعاصفة على الاقل وحدهم مع بعض، بتقدر تقولي ليش انت رئيس منظمت ؟«. هنا قاطعه صدام وقال له ان فتح والعاصفة تنظيم واحد لكن العاصفة تنظيم عسكري وفتح تنظيم سياسي. قال البكر: ايـه ايه، افتهمت.
الحقيقة ان ابو اياد   يكن مرغوبا من القيادة العراقية اطلاقا، وان رجلها القوي المأجور ابو نضال ظل يضع ابو اياد على قا ة المستهدف  بالاغتيال. ظل ابو اياد ضد دخول صدام حس  الى الكويت، وظل ابو ع ر يصطحبه معه لمقابلة صدام حس  لإس عه هذا الرأي وتحذيره من مغبته، في الختام قال ابو اياد لصدام: دخولكم الى الكويت خطأ كب ، ولكننا معكم اذا هاجمتكم امريكا، تم اغتيال ابو اياد عشية الحرب عام 1991 على يد عنصر من ج عة ابو نضال.
عشت كامل ايام هذه الحرب في بغداد وللمفارقة فلقد عشتها في منزل الباحثة سلافة حجاوي والتي كانت قد انتقلت للعمل في مكتب الرئيس ياسر عرفات بتونس، يقع المنزل البغدادي الانيق بحديقته الجميلة في شارع فلسط ، يقولون ان صدام حس  امر بإطلاق اسم فلسط  على هذا الشارع نكاية بالولايات المتحدة التي تقع سفارتها فيه، لقد اراد ان يظهر اسم فلسط  على كافة اوراق ومراسلات السفارة ح  تكتب عنوانها.
في ذلك المنزل استمعت لأخبار الحرب عبر محطة مونت كارلو، وعلى لسان مراسليها: حسن الكاشف من بغداد، باسم ابو سمية من فلسط ، والسعودي عبد الله الشهري مراسل حفر الباطن، في ذلك المنزل قرأت الكث  من الروايات التي احتفظت بها سلافة وزوجها الشاعر العراقي كاظم جواد، كنت اقرأ على ضوء شمعة ترجمة جبرا ابراهيم جبرا لرواية وليام فوك  الصخب والعنف، عندما هز انفجاران قويان المنطقة باسرها، لقد تعرضت محطة الكهرباء القريبة والواقعة خلف الجامعة المستنصرية لهجوم صاروخي كب ، خرجت امشي مفضلا الموت في الشارع على الموت تحت الانقاض، كانت شاحنات عراقية تنقل صواريخ ارض ارض من داخل احد المشاتل في المنطقة، وصلت الى ساحة ب وت، كانت المدينة  وت موتا بطيئا، وكان الناس  وتون سريعا موتا بشعا، يشهد عليه الموت الج عي لمن كانوا في ملجا العامرية، ويشهد عليه موت الفنانة ليلى العطار مع افراد من اسرتها في قصف صاروخي امري  استهدف مقر المخابرات المجاور لمنزلها في حي المنصور قرب شارع الام ات حيث اقام و شى ورسم وترجم وكتب جبرا افضل اع له، ويشهد عليه موت الهارب  في قوافل الى الحدود الاردنية، وموت الجنود المنسحب  دون سلاح من الجبهة، وتدم  البنى التحتية دون أي مبرر، لو سار من
شهدوا تلك الاحداث على سجيتهم لصاروا نشطاء سلام، ولكن الناس يخالفون سجاياهم.
بإيعاز من السفارة الفلسطينية استخدمنا ذلك المنزل لإيواء العديد من الطالبات الفلسطينيات القادمات من الاردن والكويت )التي اصبح اسمها محافظة النداء العراقية(، كان السفر صعبا وخطرا، زار المنزل والتقى بالطالبات صخر ابو نزار عضو مركزية فتح ومعه السف  ايامها عزام الاحمد، كان ابو نزار متفائلا، ردد على اس عنا عبارته الشه ة »لازم تزبط«   يكن احد منا متفائلا على الاطلاق. وثبت انها   تزبط حتى الآن على الاقل. بعد ايام توجه من بقي من الاصدقاء والصديقات حملة جواز السفر الارد  في باص واحد الى الاردن، ودعتهم وبكيت بكا ًء مرا   ابكه في حيا  ابدا، كانت الهز ة بكل وطأتها وثقلها تخيم على المكان والزمان وتصبغ المرحلة بسوادها القاتم. وبعد يوم  رافقت من تبقى من الطالبات في الباص المتوجه الى الكويت مخترقا هذه الجبهة المشتعلة بالصواريخ وقذائف البوارج الحربية، كان اهلهن في انتظارهن على احر من الجمر،
وكان هناك ايضا معتمد اقليم فتح ابو زياد قبلاوي والذي تم اغتياله في اليوم التالي بأوامر عراقية.
عوقب الفلسطينيون لان منظمة التحرير وقفت ضد حفر الباطن، وفسر موقفها على انه وقوف الى جانب صدام حس  وتأييد لاحتلال الكويت، لو كان هناك موقف في الوسط لسارع الفلسطينيون الى اتخاذه، ولكن   يكن هناك موقف وسطي، و  يكن  قدور منظمة التحرير النأي بنفسها عن معركة تتعرض خلالها تل ابيب لصواريخ عربية. وعوقب الفلسطينيون من جانب صدام حس   ا هو اك  من الاغتيالات، لقد مول و نتهى السخاء مجموعة من الكتاب والصحفي  من شتى الجنسيات وافتتح لهم مجلات وصحف في اوروبا لمهاجمة منظمة التحرير واغتيال سمعتها، وكان يغدق على هؤلاء الكتاب المأجورين كوبونات نفط يجري تصديره سرا في السوق السوداء تجاوزا للحصار.
قبل شنقه هتف صدام حس  بكل رجولة: »عاشت فلسط  حرة عربية«   يكن موقفه الاخ  استعراضيا، فالتصوير تم خلسة، و  يكن لمجرد مناكفة شانقيه، فقد قُضي الامر، كانت لحظة صدق مع مبادئ آمن بها، ولكنها   تجد ترجمة ذكية طوال عقود من الحكم، والانشغال بتمت  السيطرة والبحث عن زعامة اقليمية، وهو انشغال ادخل العراق في صنف الديكتاتوريات داخليا، وفي صنف الدول المعتدية خارجيا. هل يجب ان نقول ان الامور معقودة بخواتيمها و ضي بعيدا عن التحليل والتفصيل؟! هل يجب
ان نقول ان المنتصر يكتب التاريخ ونرتضي بالغ ؟! ام نحاول فهم وتفكيك هذا الالتباس في العلاقة الفلسطينية العراقية؟.
114


































































































   110   111   112   113   114