Page 113 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 113
خ من يفكك هذه العلاقة ويشرحها هو الاستاذ نبيل عمرو في كتابه »ياسر عرفات وجنون الجغرافيا« في الفقرة الاولى من الفصل الذي حمل عنوان »صدام حس عدو الامس والحليف الاخ « يقول نبيل عمرو: »علاقة عرفات بالرئيس العراقي صدام حس تتلخص بكلمت لا ثالث له : الاسد وايران. واذا كانت علاقة صدام بنظ ه الحز اللدود، قد تحسنت لبضعة اسابيع او شهور، فإنها انهارت وبلغت حدة العداوة فيها اعلى الدرجات، ح اكتشف صدام محاولة انقلاب نظمها الاسد للإطاحة به،... منذ ذلك الوقت، ظهر حرص صدام على اقامة علاقة مستقرة مع عرفات، فلا يزال قائد الثورة الفلسطينية، يصلح حليفا ك يصلح احيانا غطاء لسياسات صدام الحازمة والواقعة على حد المجازفة. ذلك ان عرفات كان يلزم لسحب البساط المقدسي من تحت اقدام الملالي في طهران، ويلزم في توف اهم مقومات البعد القومي في سياسة صدام المتنافس بحدة مع قائد عر داهية هو حافظ الاسد، »ان عرفات راية فلسطينية مقدسية يجب ان تخفق في بغداد وليس في طهران«.
هل من مناسبة لكتابة هذه الحلقة التي قد تزعج البعض سياسيا، وتث مشاعر آخرين؟ لا على الاطلاق، لا يوجد أي سبب، سوى انزعاجي من الاحكام الصادرة وفق مبدأ الثنائيات المطلقة: طيب وشرير، وطني وعميل، ورغبتي بان تكون الاحكام نسبية واك منطقية وغ منزوعة من السياق، فالجميع جبان احيانا وشجاع احيانا، غبي احيانا وذ احيانا..
بغداديات 69 توك توك لو دبابة؟
يكن هناك توك توك في بغداد ايام معيشتي فيها، هذا أول ما خطر ببالي عندما اصبحت احد الركاب المداوم يوميا على استخدام هذه المركبات في الخرطوم، للانتقال من شارع الع رات الى صحيفة الايام السودانية التي يرأس تحريرها الصحفي المخضرم محجوب محمد صالح. ذات الخاطر طرأ ببالي بعدها وانا اتح الفرص لاستخدام هذه الوسيلة الرائعة للتنقل في كمبوديا واندونيسيا. تكن بغداد الغنية والمنظمة ذات الشوارع الواسعة ووسائل النقل العام المشهورة بباصات ابو الطابق بحاجة الى توك توك
في ذلك الزمان، ولكنها كانت ستكون اجمل لو كان هناك الكث من مرابط ومحطات هذا التوك توك في بغداد الواسعة والحافلة بكل شيء.
اشاهد صور التكاتك واصحابها فاقول هذه ليست بغداد، أمعن النظر في جنبات الصورة فأرى أحد معلم اما ساحة التحرير او المطعم التر . لهذين المعلم رف قديم وآخر حديث في مكتبة الذاكرة: ساحة التحرير بنصب حريتها الذي يح تاريخ العراق حضارة وثورة وجمهورية، والمطعم التر ا شهد من احداث كان اصحابها يريدون ترميم الجمهورية باستعادة سيادتها وتخليصها من الفساد والطائفية. يقول العراقيون ان في حياتهم ملحمتان: الاولى جلجامش التي يشاهدوها، والثانية نصب التحرير
الذي يشاهدونه صبح مساء.
ويقول الفنان ان آخر ما يدور بخلده ان لا يتمكن من تنفيذ فكرة تستوطن عقله وقلبه، او ان لا يشاهدها، لكن للأقدار تصاريف اخرى، وهذا ما حصل مع النحات العراقي جواد سليم صاحب هذا النصب البديع الذي نسجه من تاريخ العراق الضارب في القدم، حكاية مصورة تجند رموز الحضارات الماضية لتصور الحاضر وتش الى المستقبل. 14 قطعة فنية تستلهم رموز حضارات بابل واشور وسومر، حصان جامح أسقط الملك، وطفل ذو نبوءة يش الى درب الخلاص الذي يس فيه الثوار، يستشهد احدهم فتضمه الام الى صدرها، ويكسر رفيقه قضبان الزنزانة، تستقبله عراقية تبحث عن الحبيب شعل حرية، واخرى حامل وفي يدها سعف النخيل، فلاح يجسد دجلة والاخر فرات، الاول عر والثا كردي، والى جانبه عامل شديد البأس مفعم بالطاقة والحيوية والثقة.
انهى جواد سليم تصمي ته وذهب للإشراف على سكبها، وكان سعيدا جدا لأنه كن من رفض تجسيد شخصية الزعيم عبد الكريم قاسم في وجه السج السياسي الذي يحطم القضبان في منتصف النصب. وقبل وضع المجس ت على النصب الواقع في وسط بغداد بأشهر اصيب بجلطة قلبية ورحل عن 42 عاما. وت الفنان ولكن الروح تدب في منحوتاته. ولقد دبت روحه الحالمة وروح مجس ته الطموحة في سائقي التكاتك وفي عراقي وعراقيات من مختلف الطوائف والديانات والقوميات فنزلوا الى ساحة
التحرير وصنعوا من بناية مطعمها التر قلعة. ف هو هذا المطعم التر الذي دخل التاريخ من بوابة التقارير الاخبارية؟
115
