Page 31 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 31
انتظار قدوم القطار الذي سيقوم بنقل السج ، قام الشيخ شعلان بتسريب رسالة الى بقية المشايخ يطلب فيها عشر ل ات ذهبية، ففهموا الرسالة المشفرة، وارسلوا اليه عشرة رجال اشداء يقودهم حبشان الحاج، فقتلوا ضابطا بريطانيا وجرحوا اثن ، و كنوا من اطلاق سراح كل المحتجزين والعودة بهم سالم غا . تطورت هذه المعركة التي استمرت ساعات الى مناوشات ثم الى ثورة عارمة ومعارك بينها معركة القطار التي استمرت 11 يوما، وانتهت الى مفاوضات عرض خلالها المحتل البريطا على العراقي
اقامة حكومة تحت امرتهم واشرافهم على ان يختاروا هم رئيسها.
كان المندوب البريطا معنيا بإظهار تفوقه، فجلس نتهى التكبر على منصة مرتفعة، ووضع رجلا على رجل، فقال له الشيخ علوان الياسري: انزل رجلك، كشرط لبدء الحديث. فانزلها، وبعد ذلك رد عليه الشيخ عبد الواحد الحاج سكر آل فرعون شيخ عش ة آل فتلة، قائلا: لسنا عج او اتراك او انجليز ، نحن عرب ونريد ام ا عربيا يقود حكومة عربية مستقلة لا تخضع لوصاية احد. عندما حاكم البريطا الشيخ عبد الواحد الحاج سكر بعد سنوات، سأله من معك من الثوار، ومن اين جلبتم الفلوس لشراء السلاح:
فأجابه انا لوحدي مسؤول عن الثورة، واما الفلوس فإنها اموال الضرائب التي لن ندفعها لكم، لقد جمعناها وبها اشترينا السلاح، فحكم عليه بالنفي.
وفي انتظار تنفيذ الحكم تم ايداعه في سجن الحلة، فبدا غريبا بزيه التقليدي ب المساج الذين يرتدون البنطلون والقميص، فقاموا بإلباسه ملابس السجن ووضعوا في رجليه سلاسل الحديد، ونفوه بعدها الى البصرة، فصار مسكنه الخاضع لرقابة الشرطة، قبلة للزوار المؤازرين للثورة، وحصل ان ام الكويت وقتها الشيخ احمد الجابر الصباح، ارسل له الف ل ة ذهبية مع وفد رفيع، فشكرهم وأكبر موقفهم، ولكنه اعتذر عن قبول المال. في هذه المعارك والمناوشات استخدم العراقيون )الفالة( و )المكوار( كسلاح، في استخدم البريطانيون البنادق والمدافع )الطوب(. المكوار الذي دخل موسوعة الاسلحة العراقية المستخدمة ضد الانجليز هو مجرد عصا غليظة، تنتهي بكرة ثقيلة من القار.
ويكون قاتلا ح يضرب به الرجال الاشداء رؤوس اعدائهم في المعارك التي تبلغ حد التلاحم والاقتتال من مسافة الصفر. والطوب كلمة تركية تعني المدفع، ولقد اصبح هذا الطوب معل شه ا، بعد وضعه أمام باب وزارة الدفاع القد ة في قلب العاصمة بغداد مقابل ساحة باب المعظم. ويحلو للعراقي ان يسموه )طوب أبو خزامة( لوجود عروت وحلقت من الحديد على جانبيه مع خرم في فوهته، و)الخزامة( وهي الحلقة التي تلبسها المرأة في الريف العراقي في أنفها بعد أن تخرمه. افتخارا عارك المكوار في مواجهة الطوب، اطلق ثوار العشرين اهزوجة تعاير البريطاني وتتوعدهم، تقول هذه الاهزوجة: الطوب أحسن لو مكواري، الطوب أحسن لو مكواري؟!. الاهزوجة عند العراقي تسمى هوسة، والهوسة فن شعبي لفظي وحر ، ولها نظام صارم، حيث لا تزيد أبيات الواحدة على ثلاثة وبيت الهوسة هو الرابع، ويكون على بحر مخالف للأبياتالتيتقدمته،ويأ هذاالشطرالرابعمبدوًءبعبارة:"هاخو ها"ويقصدبهالفتانتباهالآخرين،والذينس دونلامحالةبعبارة)هاااا(طويلة،تحثالداعي على بدأ تهويسته، وتدل على تشوقهم لس عه. ويردد بعدها الجميع بيت الهوسة النها بنشوة وهم يتقافزون، يد ترفع البندقية، واخرى سك بالكوفية والعقال خشية
انزلاقه اثناء التقافز. او يد سك العباءة وأخرى الكوفية في حالات السلم. لا تقال الهوسة الا متبوعة برقصة التقافز الح سي للجميع بدءا من الاكبر سنا وقدرا ونفوذا.
والفالة من ادوات الزراعة في العراق، وتشبه الشاعوب او المذراة المستخدمة لفصل الحبوب عن القش بعد الحصاد، غ ان لها خمسة رؤوس حادة كرؤوس السهام ومتفاوتة الاطوال، لا مجرد اربع شوكات فقط متساوية الطول ك لدينا، اشتهرت مدينة واسط بالفرات الاوسط اك من غ ها في صناعة هذه الاداة التي يستخدمها العراقيون لصيد الاس ك، في ايام السلم، وللقتال في الايام الاخرى. في احدى معارك ثورة العشرين، غرس عراقي غيور الفالة في صدر ضابط بريطا ، فأخلاه جنوده من ساحة المعركة، وحملوه والفالة ما زالت منصوبة في صدره، ف كان من المقاتل العراقي الا ان اعتبر الفالة امانة معلقة بذمتهم، وطالبهم بإرجاعها لأنه يحتاجها، وكل ذلك من خلال تهويسة طريفة: رد فالتنا إحتاجيناها ، مشكول الذمة على الفالة، مشكول الذمة على الفالة ما من شك لدي بان الثوار ساعتها تقافزوا طربا، وهم يضربون الارض ويرفعون اسلحتهم
ويدورون حول انفسهم ويحركون اكتافهم ورؤوسهم.
كان صدام حس من المعجب بالهوسات، التي يطلقها ابناء العشائر عندما يستقبلهم، يكن يشاركهم التقافز على الهوسات التي دحه غالبا. تقول احدى هذه الهوسات: "صدام اسمك هز امريكا" وتقول اخرى "صدام اسمك عز وهيبة" صدام نفسه وغداة احدى معاركه صنع هوسة شه ة تقول: "يا محلى النصر بعون الله". عند هذا الحد المختصر من الشرح لثورة العشرين ولبطلها شعلان ابو الجون ولمسرحها على ارض الرميثة قرب الديوانية وللاسلحة المستخدمة فيها من طواب وفالات ومكاوير، ولمن قتل
فيها وجرح من البريطاني وما رافقها من هوسات، تصبحون قادرين على التمتع بقصيدة مظفر النواب عن هذه الثورة.
في هذه القصيدة المسجلة بصوته ك في الرابط بالتعليق الاول، يبدأ مظفر وهو شخص خجول ومتواضع بالمناسبة، يبدأ بغزل غ عفيف، غ عفيف اطلاقا، ثم يستهل وصف المعركة باستعارة كل ما في الحناء من دلالة على الفرح، ولون ولمعة ليصف الخيل، فيقول: صدور الخيل مراية حنة أي خيال هذا الذي يجعل صدور الخيل تنز عرقا لتصبح مرآة بلون الحناء!!! انه خيال ابو عادل مظفر النواب.
33