Page 48 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 48

الحصار الشديد، مر موكب جنازي طويل، عدد كب  من السيارات وكل منها تحمل نعشا صغ ا ملفوفا بعلم العراق، كعادتهم كل  مرت جنازة من امامهم وقف العراقيون جميعا ووقفت معهم الى ان مرت آخر سيارة، كانت الجثام  لاطفال ماتوا بسبب الحصار واراد العراق ان يجعل من تشييعها تظاهرة اعلامية، تركت شايي وتركت المقهى وتركت الشارع، ثم تركت البلد وسافرت. وخلافا لما هو متوقع فعدد المقاهي المتخصصة بالغناء كان كب ا، وخلافا لما هو متوقع فالغناء   يشمل المطرب  الذكور فقط، بل امتد الى المطربات ايضا، وتجاوز الغناء والموسيقى ليشمل الرقص ايضا، فالكتب تتحدث عن مقهى سبع، والذي كان يسمح للفقراء بالجلوس مجانا، وكيف انه استقدم راقصة
يهودية تدعى )رحلو( ولقبها الفني جرادة و مغنية تدعى شفيقة الحلبية عام 1908. ارخ لذلك الشاعر العراقي الساخر الملا عبود الكرخي فقال: هذي"رحلو"رحلة الصيف وشتاء ....... ما اظن يوجد مثلها بالنساء ***** ب"كهوة سبع" انظر الى الحورية ........ شفيقة بالأصل  كن "حلبية" بدأت بقية المقاهي بعد ذلك بتقليد مقهى سبع واستقدام المغنيات والراقصات من سوريا ومصر ولبنان. وأشتهر مقهى سبع عام 1907 بحادثة قتل فتى سوري يتيم يدعى نعيم من مدينة حلب، وكان بحسب الوصف غاية في الحسن والج ل، وقد خدعه واستغل فقره ويتمه شخص يهودي يدعى سليم، احضره من الشام الى بغداد للعمل كراقص يتشبه بالنساء، وكان الشاعر ابراهيم منيب الباجه جي قد راود هذا الفتى عن نفسه ليلة بعد اخرى فأ  ورفض، ف  كان من الباجه جي الا ان جاء ذات ليلة سكرانا واطلق النار على الفتى الحلبي الجميل، ف ت غريبا في مستشفى الغرباء . سجل هذه الواقعة شعرا الشاعر الكب  معروف الرصافي في قصيدة بعنوان "اليتيم المخدوع" قضىوالليُل ُمعتكٌربهيُمولاأهللديهولاحميم...قضىفيغ موطنهقتيًلا  ُّجدَمالحياةبهالكلوم قضىمنغ باكيٍةوباٍكومنيب إذاقتلاليتيم؟...قضىَغ َّضالشبيبةوهوع ٌّفُمط َّهرةمآزرهكريم علىحَ الربابةفينواٍحيساجلهابهالعودالرخيم...فجاءالموُتملتفًعابخْزٍيوملُءإهابهَسَفٌهولوُم فأطلقمنمس َّدسهرصاًصابهفيال َّرْميتنخرقالجسوم...فخ َّرإلىالجب به»نعيٌم«ك انق َّضتمنال ُّشْهبالرجوم فباَنمو ِّدًعابعدارتثاٍثحياًةلاتُناطبهاالوصوم...لئن تبِكمنأسفعليهسفاهتنافقدبكتالُحلوم ولو َدَرِتالنجوملهمصابًابكتْهعلىترفعهاالنجوم...عسىالشهباُءتثأرهفتُبديإلىالزوراِءمايبديالخصيم و  يقتله »إبراهيم« في  أرى بل إن قاتله » َسليم« ... أليس »سلي ٌم« الملعون أغوى »نعي ً « فهو شيطان رجيم وأخرجهمنالشهباء ِغ رايتيً مالهأبًدازعيم...وجاءبهإلىبغدادحتىتخ َّرمهبهاقتلأليم سأبكيهو أعبأبلاٍحوأندبُهوإنَسخطالُعموُم تم اطلاق سراح القاتل، وهو ما ستنكره في قصيدة شعبية الملا عبود الكرخي: يا دكة الما تنحجي ... سواها ابن الباججي خلو عليه التوبجي ... وتضحك عليه الصبيان اللطم لنعيم وجب ... والدمع ع الخد انسجب كظه ويانه بس رجب ... وصارت كتلته بشعبان
ولا شك بان استقدام فنانات عربيات قد اضر بازدهار المقاهي الاخرى النمطية التي كانت تواظب على استقبال الحكوا  )القصخون( ليقص على رواد المقهى ليلة بعد ليلة قصص الزير سا  ابو زيد الهلالي. وكذلك بالمقاهي الاخرى التي تقدم عروض خيال الظل )قرة قوز(. في هذه المقاهي جميعا ستقام في ليالي شهر رمضان منافسات لعبة المحيبس، وسيتردد ب  تسجيل النقطة والاخرى صوت مطرب الجالغي البغدادي، وس دد من بعده الجالسون في  يتناولون اصناف الحلويات البغدادية مثل زنود الست والزلابية والبقلاوة ومن الس  وغ ها. بالنسبة للكث  من الرجال في بغداد المقهى جزء من الحياة الاجت عية، وواحد من ابرز وامتع المهام غ  المكتوبة على جدول اع لهم
اليومي، ولذلك كان لا بد من فرز المقاهي حسب التخصص المهني والهوايات، فهناك مقهى البلابل وقد تخصص في استقبال محبي الطيور )المط جية(،
وهناك مقاهي للكتاب والادباء والشعراء، وهناك مقاهي للتجار تتحدد في جلساتها اسعار السلع، واخرى لمقاولي البناء، وغ ها للمتقاعدين، او مشجعي هذا الفريق الرياضي او عشاق هذه الرياضة او تلك. وكان للمكفوف  والخرس مقهى خاص بهم، يلعبون فيه و نتهى الصخب والتنافس لعبة الدومينو، التي   اشاهد احدا يلعبها في المقهى الا في العراق، فلطالما كانت الكوتشينة ممنوعة هناك. مقاهي بغداد تنقسم وتصنف تبعا لمقاييس جغرافية ومهنية، فمثلا هناك مقهى المحلة )الحي( ومقهاهى العابرين أي الغرباء المسافرين او المارين او المقيم  لفترة محدودة، ومقاهي المثقف  والادباء والسياسي  والفنان ، ومقاهي الرياضي ، واخ ا مقاهي )المسطر( والتي يتسطر على
كراسيها الع ل من مختلف التخصصات في انتظار من سيستأجر قوة عملهم في التحميل او البناء او الحفر او التنظيف.
50


































































































   46   47   48   49   50