Page 90 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 90

قرأ محمود درويش الورقة، ثم انثنى عليها ليقول لها باستفزازيته المعهودة: لماذا تناديني »يا حبيبي« وأنت لا تقصدين ذلك؟ فردت عليه فوراً: هكذا أنادي جميع أولادي. وتضاحك الجميع، وردت لميعة على »لؤم« محمود بلؤم مسا ٍو. وفي هذا الميدان اشتهرت قصيدتها التي قالتها في ياسر عرفات شهرة فائقة في ب وت، وكان أبو ع ر آخر َمن وصلته أصداء تلك القصيدة فطلب من يحيى يخلف أن يأتيه بنصها، وح  قرأها يحيى يخلف عليه طرب لها أشد الطرب، وكانت النشوة تفور من عينيه مع كل جملة.
وهذا بعضها: صنُوالملوِكويطلبونرضاُه .......يختالمنزهٍدعلىدنياُه لابيت،سرٌجداره،ومروره.......حلم،وبغتُةضيغممسراُه كلالشعوِبتوحدتفيشعبه.......وحدودهأ تش يداُه يدعونهالختيار،ذلكلحكمة.......وأناك الطفلالنقيأراُه لولاجلالةقدرهولكونه.......رمزالفداءلخلتنيأهواُه. لميعة التي اهدت ياسر عرفات هذا المديح رفضت ان  دح غ ه من الزع ء، أخرجها المدرسون من الصف وهي صغ ة وضعوها في غرفة المكتب ووضعوا امامها قل  واوراق، وطلبوا منها ان تكتب قصيدة  ناسبة ميلاد الملك. انتظروها يوما كاملا و  تكتب شيئا. وفي إحدى المناسبات دعاها أحمد حسن البكر وقال لها: »يا بنتي هاي شيبتي ما تستاهل تكتب  لي قصيدة«. فردت عليه: لا أجيد هذا النوع من الشعر، وهناك من هو أحسن مني. قال: ومن يكون أحسن من لميعة؟ قالت: عبد الرزاق عبد الواحد. وفعلاً دعاه وكتب له. التقت بفريد الأطرش وطلب منها قصيدة فقدمت له قصيدة اسمها »الغد الأعمى«، فرفض. قالت له لماذا هذه من أجمل قصائدي؟، قال: لا أريد ان ينادي الناس »يا أطرش غني الأعمى«.
في مقابلة اجرتها معها مؤخرا عفاف نعش اختصرت الشاعرة لميعة وضع العراق ادبا وسياسة بالقول: الشعر كث  في جنوب العراق وهو شعر حزين، فالحزن متعمق هناك، والجنوب كله مآسي، قطيعة مع بغداد وفقر. حتى أن الطريق الذي يوصل ببغداد   يكن معبداً    نع هجرة الفلاح. الفلاح العراقي كان مظلوماً تحت سيطرة الإقطاعي ولهذا كانت الحركة الشيوعية قوية في المناطق الجنوبية. وعندما جاء عبد الكريم قاسم وبلط الطرق هاجر الفلاح فكانت مدينة الثورة التي سميت بعدها مدينة صدام ثم مدينة الصدر ولا أعرف ماذا بعد ذلك. تعيش لميعة اليوم في شقة صغ ة بكاليفورنيا قرب اولادها، وما تزال محتفظة بذلك الرونق الانثوي العراقي الذي اهلها لتكون موديلا ولوحة للفنان والنحات العراقي المبدع جواد سليم صاحب نصب الحرية القائم وسط بغداد. ذهبت الى مرسم جواد سليم لتعلم الرسم، فحولها الى موديل، قالت له مشاكسة: إع  باللوحة جيدا، غدا سيقولون هذا هو الفنان الذي رسم الشاعرة لميعة، فرد عليها: بل سيقولون هذه هي الشاعرة التي رسمها جواد سليم. عرضت اللوحة بعد ذلك للبيع بـ 50 دينارا، و  تستطع لميعة شرائها فاشتراها الروا  الفلسطيني جبرا ابراهيم جبرا وعلقها في منزله. تضيف لميعة وقد قاربت التسع  من العمر: بعد
كل هذا، انتهى به المطاف للعيش تحت رحمة تقاعد خدمة المسن  الأمري ، يدي  ت ُد لصدقات يرميها الذي قتل الحضار َة للقتي ِل، هذا هو مص  العراقي  في الغربة.
بغداديات 58 كان يغني من قلبه
في العراق تجايل اربعة مطرب  يحملون اسم سعدي: سعدي الحلي وسعدي البيا  وسعدي البغدادي وسعدي الحديثي، الحقيقة ان حظهم من الابداع ومن محبة الجمهور كب  جدا، ولكن حظهم من السعادة   يكن كب ا. اقواهم في الاداء هو صاحب الحنجرة الكونكريتية سعدي الحلي، صوته صلب ولكنه يتموج، ويحسن التجانس مع الموسيقى والتناغم مع الكل ت. كان يقود الحافلة ذهابا وايابا من الحلة الى طويريج، وهو يغني ويطرب الركاب، أحب ابنة عمه، ولكن والدها رفض زواجه  لأنه يغني، حاول معه
مرة ثانية فاشترط عليه ترك الغناء، فكر قليلا ثم ارسل للمحبوبة بيت ابوذية يقول فيه: حجايانا كظن يشكر وكتهن لون يحصل مجال إلهن و كتهن إلكه ادموع بعيو  وكتهن لو دمعي خلص و انكطع ميه
92


































































































   88   89   90   91   92