Page 98 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 98
ولد ببغداد واحب بغداد ولكنه ظل لاجئا يشعر باليتم: يتم الهوية ويتم المكان، يكن امامه سوى الا ان بالقومية، يذهب الى الحروب الثلاثة، لا حرب العراق مع ايران ولا حرب احتلال ثم تحرير الكويت ولا حرب ما سمي بتحرير العراق، ذهب للدراسة في الولايات المتحدة وهناك اعجبته افكار ادوارد سعيد وعاد يحملها معه الى العراق حيث عمل استاذا جامعيا. علاء عراقي من الطبقة البغدادية المتوسطة، فشل والده في ان يصبح كاتبا، وظل يب ويعزو الامر الى تفاهة الجمهور وسطحيته، ول ينجح علاء في ان يصبح كاتبا، ول يحوز العذر والتبرير اذا فشل، ظل يحتقر ويتجاهل الثقافة العربية وجمهورها وكتابها، ووضع نصب عينيه تعلم اللغات الاجنبية، والكتابة بها، ثم
الهجرة الى دولة غربية والاستقرار هناك، وهو ما يحصل، رغم اتقانه لعدة لغات ورغم قراءته لأمهات الكتب الغربية.
ا ن المقدسي هو وذج المقتلع المغترب المنفي، ولد في بغداد ويحبها ولكنه لا يشعر انه ابنها، يشعر فيها باليتم، فيهرب من الوجود الواقعي الى ذلك الوجود المتخيل للقدس، كان يقول: اسرائيل نشأت من اسطورة وطالما كل الحروب فشلت لماذا لا نجرب الرواية...... اعادة سرد الاساط لتكذيبها، زيارة ادوارد سعيد للمدينة وافكاره تنسف اساط هم سأكتب ذلك في رواية اعكف على جمع مواردها. علاء العراقي كان يحسد ا ن الفلسطيني لأنه غ متورط بوطن، كان يقول: ان تحلم بوطن خ من ان يكون لك وطن تكرهه، وتبغضه وتريد ان تتحرر منه، والحرب تكشف زيف ان يكون لك وطن وت من اجله. اذا كان التاريخ بالنسبة لأ ن اختراع فان الوطن بالنسبة لعلاء
اختراع يريد ان يكذبه ايضا.
يعود ا ن في الاجازات من امريكا مرتديا ثيابا امبريالية، في يعود علاء من الجبهة مع ايران، ا ن يقدم نقدا لاذعا لسياسات امريكا، في علاء يعتبرها المنقذ ويردد اك الافكار الاستشراقية سلبية عن الثقافة العربية: جمود العقل العر ، اتكالية، ا ان بالغيبيات، غياب للحرية الفردية. كان ا ن منفيا خارج وطنه، واما علاء فقد نفى نفسه بنفسه داخل وطنه. انتهت حرب اولى مع ايران بعد 8 سنوات، فبدأ علاء سعيه للهجرة، وقبل ان تنجح مساعيه، دخل العراق الى الكويت فعاد مجبرا الى الحرب. كان يرى ان هذه حرب لها طعم مختلف، الغرب الذي يريد الذهاب اليه، جاء الى هنا، الهناك اصبح هنا، البعيد اصبح قريب،... لكن هذا الهناك الذي كان مرغوبا دمر الشكل الاورو
لبغداد واعادها الى مرحلة البداوة.
تبددت احلامه: اسطورة الفكر القومي تبددت على يد الديكتاتوريات، واسطورة الد قراطية الغربية تبددت تحت ن ان القصف الجوي والصاروخي لبغداد، ولكن في مرحلة التيه يحمل الناس افكارا متطرفة ولا يرون غ ها، ولا يستطيع امثال علاء ان يعيشوا دون يافطة فكرية، دون شعار يدافعون عنه، ويستخدمون في سبيل الدفاع عنه ما اختزنوه من ثقافة. بدأت الحرب الثالثة وعلاء يحلم بالد قراطية الآتية لا محالة هذه المرة مع الجنود الغربي ، د قراطية، وحداثة، وسلام مع اسرائيل، واقتصاد سوق، وثقافة حرة في عراق فيدرالي. في مواجهة ا ن الذي يريد الاستعانة بأفكار ادوارد سعيد لتفنيد روايات الاحتلال عن القدس، كان ا ن يحتفي برواية »الصخرة« لكنعان مكية، الرواية التي تقول ان قبة الصخرة بناها كعب الاحبار بعد اسلامه، وانها صخرة موسى ومحمد معا، اليهودية والاسلام في قطعة واحدة، حيث هبط آدم من الجنة، وحيث كاد
ابراهيم ان يضحي بابنه، حيث وقف المسيح في هيكل سلي ن، وحيث صعد محمد الى الس ء.
بدأت الحرب التي آزرها بكل قوة كنعان مكية من موقعه الاكاد ي كمع ري بارز، ومن موقعه السياسي كمعارض بارز لحكم صدام حس ، انهارت الدولة سريعا، ومع انهيارها طال السلب والنهب كل شيء، طال متاحف آثار، ومكتبات، ومؤسسات دولة، وجامعات، وقصور، سقطت ديكتاتورية السياسة ولكن الد قراطية المنتظرة تقم، لقد حلت محلها فوضى وديكتاتورية الشارع. اختفى الفلسطيني ا ن بعد ان سلم كل ما جمع من موارد لروايته عن القدس وادوارد سعيد للراوي )للكاتب علي بدر(، وكذلك اختفى العراقي علاء، اين اختفيا؟ ر ا انتحرا لشدة خيبة الامل، ر ا ماتا في انفجار عرضي من الانفجارات الكث ة التي وقعت ايامها، ر ا قضيا في احد السجون حيث يتم التعذيب الممنهج والسادي، ر ا خطفته ج عة وطالبت بفدية ثم قتلته ك حصل في عدة مناسبات، ر ا قتلوه لمجرد تطه الحي من أي ازدواج طائفي. اختفيا
واخذ الراوي موارد الرواية ليكتبها خارج العراق.
خارج رواية مصابيح اورشليم سنجد ان الرواية الاسرائيلية التي تحتاج تفنيدا، ستتلوها روايات اخرى عن حقيقة امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، عن حقيقة التدم الذي طال منشآت حيوية دون أي داعي، عن الد قراطية والحرية التي اراد الغرب زراعتها، عن الانتخابات والطائفية والمحاصصة والفساد والفوضى. ترى هل تراجع علاء عن افكاره وشعر بالندم بعد كل هذا الدمار؟ سؤال لن نعرف جوابه، ولكننا نعرف ان كنعان مكية ذلك المع ري والسياسي البارز، والذي شجع الحرب على بلده وكان عونا عليها،
ابدى ندما وتراجعا وسعى الى ترميم بقايا سمعته في روايته الاخ ة »الفتنة«. يقول مكية على لسان بطل روايته حيدر العراقي الشيعي، واصفا عملية اعدام صدام حس : »نجح الطاغية في إذلال سجانيه....كان مجرد حضور هذا الرجل قد أصاب الجميع بالشلل« .... » يستسلم الطاغية. هنا يكمن معدن هذا الرجل، القائد الحقيقي المخلص لمعنى القيادة التي آمن بها دوما... كل من تواجد في غرفة الإعدام كان عر اللسان، وعر الأصل، لكنه يكن عر الروح«.
يا الله كم هي الحياة غ منصفة ح تخ ك ب صدام حس وكنعان مكية، وتقترح عليك صناعة بديل ثالث تستطع هي صناعته.
100