Page 220 - merit 43- july 2022
P. 220

‫العـدد ‪43‬‬         ‫‪218‬‬

                                                           ‫يوليو ‪٢٠٢2‬‬   ‫ولكن إذا كانت الحرب قد‬
                                                                       ‫نشبت‪ ،‬وأصبحنا أمام أمر‬
    ‫المشاعر والأحاسيس‪،‬‬            ‫الدائرة في أوكرانيا‪..‬‬                ‫واقع‪ ،‬فإنه من الطبيعي أن‬
     ‫أو ندفع الناس لعدم‬         ‫الدول في ظل الحروب‬
                                ‫تبحث عن تموضعات‬                          ‫تسفر مثل هذه الحروب‬
       ‫التضامن أو إظهار‬         ‫وتحسب حساباتها لما‬                       ‫عن واقع جديد وتكرس‬
  ‫التعاطف‪ .‬من يفهم ذلك‬       ‫بعد الحرب لكي لا تكون‬                       ‫لأمر واقع مختلف تما ًما‬
                                 ‫ضحية مثل الضحايا‬
     ‫فهو مخطئ‪ ،‬بل يقرأ‬         ‫الكثيرين الذين سقطوا‬                        ‫يمكن التأريخ به‪ :‬قبل‬
      ‫قراءة تآمرية وغير‬          ‫أثناء الحرب‪ ،‬وتبحث‬                       ‫الحرب‪ ..‬وبعد الحرب‪..‬‬
  ‫واعية‪ .‬كل ما هنالك أننا‬        ‫عن احتمالات وتضع‬
‫ندعو للفصل بين الأوهام‬           ‫سيناريوهات واقعية‬                          ‫في هذه الأثناء تبحث‬
     ‫والتمنيات والمشاعر‬          ‫ومحسوبة جي ًدا لكي‬                        ‫الدول والمجتمعات عن‬
      ‫والأحاسيس عندما‬           ‫لا تجد نفسها في ذيل‬                      ‫تموضعات جديدة بعي ًدا‬
  ‫نمارس المهنة أو نحاول‬     ‫القائمة أو قد فاتها القطار‪.‬‬                  ‫عن الحسابات السطحية‬
‫أن نضع تصو ًرا متماس ًكا‬                                                   ‫والساذجة‪ ،‬وبعي ًدا عن‬
 ‫له علاقة بمصالح الدول‬            ‫المسألة هنا لا علاقة‬                     ‫الهتافات والشعارات‪،‬‬
    ‫وتموضعاتها في عالم‬        ‫لها بالعواطف والمشاعر‬                         ‫وبعي ًدا عن المجاملات‬
    ‫قا ٍس ومرعب يحاول‬         ‫والانحيازات‪ .‬فمن يريد‬                      ‫والعواطف والمظلوميات‪.‬‬
    ‫تجار الحروب وهواة‬         ‫أن ينحاز‪ ،‬فالأ ْول َى به أن‬
  ‫إراقة الدماء التحكم فيه‬     ‫ينحاز إلى مصالح دولته‬                           ‫هذه قوانين الحرب‬
 ‫وتوجيهه‪ ..‬فمن يريد أن‬       ‫حص ًرا‪ ،‬ويتفادى الشطط‬                      ‫وتداعياتها‪ ،‬وهذه قوانين‬
  ‫يظهر تعاطفه ومشاعره‬                                                  ‫التطور والعلاقات الدولية‬
‫تجاه هذا الطرف أو ذاك‪،‬‬          ‫والأوهام والتصورات‬
   ‫فهو حر تما ًما‪ .‬لكن لا‬            ‫الذهنية والمشاعر‬                          ‫والسياسة الكبرى‬
 ‫ينبغي أن يخلط بين ذلك‬                                                        ‫والمصالح الحيوية‪.‬‬
     ‫الفعل وبين المصالح‬        ‫الفيَّاضة والاصطفافات‬                    ‫من الصعب أن نطلب من‬
  ‫الكبرى وضرورة النظر‬              ‫غير الواقعية وغير‬                     ‫شخص يعيش في أدغال‬
‫بعين إلى الحرب ونتائجها‬                                                      ‫المغرب أو موريتانيا‬
     ‫وبالعين الأخرى إلى‬       ‫البنَّاءة التي لا تفيده ولا‬                     ‫أو صحاري مصر‬
                                ‫تفيد حتى أولئك الذين‬                      ‫وعشوائياتها أن ينحاز‬
        ‫المصالح الخاصة‬          ‫يصطف خلفهم أو من‬                          ‫إلى هذا الطرف أو ذاك‪،‬‬
       ‫والذاتية‪ .‬هكذا هي‬        ‫أجلهم‪ ،‬لأنهم ببساطة‬                         ‫لأن لكل طرف منهما‬
 ‫السياسة الكبرى وطرق‬                                                   ‫روايته عن الحرب‪ .‬وطالما‬
      ‫بناء الدول بالمعايير‬   ‫يحاربون ويسقطون قتلى‬                      ‫نحن في حرب‪ ،‬فإن رواية‬
‫الموجودة والمتعارف عليها‬      ‫وتتهدم بيوتهم وتترمل‬                       ‫الأقوى المدجج بالسلاح‬
                             ‫نساءهم ويتيتَّم أولادهم‪.‬‬                   ‫وصاحب القبضة القوية‪،‬‬
                ‫إلى الآن‪.‬‬       ‫وسيخرجون من هذه‬                            ‫والغازي والمحتل‪ ،‬هي‬
     ‫وفي نهاية المطاف‪ ،‬لا‬                                                 ‫التي ستسود‪ ،‬بصرف‬
    ‫موقف أعظم وأشرف‬         ‫الحرب بتموضعات جديدة‬                       ‫النظر عن تاريخه وكوارثه‬
                               ‫وأشكال جديدة لدولهم‬                       ‫وذنوبه‪ ..‬هذا هو الواقع‬
        ‫وأهم من «رفض‬              ‫وليس لأولئك الذين‬                     ‫المؤلم للغاية‪ .‬وهذا ينطبق‬
                ‫الحرب»‪،‬‬         ‫اصطفوا من أجلهم في‬                        ‫على الجميع وليس فقط‬
                                                                         ‫على ما يجري في الحرب‬
  ‫لا موقف أكثر إنسانية‬      ‫جبال الأطلس أو في أدغال‬
  ‫ومسؤولية غير «رفض‬                          ‫أفريقيا‪.‬‬

                ‫الحرب”‬           ‫وعلينا أن نلاحظ هنا‬
                               ‫أننا لا نحرض على قتل‬
   215   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225